التطفّل... سلوك بغيض!

12 يناير 2019
+ الخط -
ما يلفت، وفي هذا تصور غريب، أنَّ هناك الكثير من الأخوة اللاجئين ممن دفعت بهم ظروفهم الحياتية القاسية، إلى أن يَحط بهم الرحال أخيراً في بلاد الله الواسعة التي لم يكن من بد للوصول إليها، برغم الصعاب التي رافقت وجهات سفرهم، وألحقت بهم البؤس والشقاء ومرارة العيش التي تجرّعوها، مرغمين نتيجة الحرب الضروس التي لحقت بسورية وبأهلها، بصورةٍ عامة!

وحدهم السوريون، وليس سواهم، ممن تعرّضوا إلى أسوأ أنواع الحرمان والقهر والتشرّد والفقر.. وضياع ما كان يستر حياتهم، وفجأةً فقدوا كل شيء!
ورغم الأوضاع المأساوية التي تعرّضوا لها، وعايشها أغلبهم، بصورها المختلفة، يبرز إلى السطح البعض ممن ألحّوا، وباستمرار، على أن يجعلوا من أنفسهم صورة مقبولة بين زملائهم، والحريصون على حياتهم والاهتمام بهم والخوف عليهم، ما دفع الغالبية منهم إلى اتخاذ موقف سلبي منهم، فيه الكثير من الصفاقة، وتجاوزوها إلى حد الوقاحة، بالتطاول عليهم، وعلى حرياتهم الشخصية، واتباع طرق التطفّل الملتوية، وارتداء ثياب التسول التي بات يمقتها ويعرفها، وللأسف، الكثير من اللاجئين، والتي تحوّلت مع مرور الوقت إلى مرتع بحق هؤلاء ممن ضاقت بهم السبل في الوصول إلى حل يمكنه أن يخفّف عنهم "غلاظتهم وحشرياتهم" الممرضة، والتدخل في شؤونهم، بعيداً عن أخذ إذن مسبق قبل زيارتهم حيث يقيمون، ما فسح المجال أمام هذا وذاك بتجاوز حريات الآخرين لإرضاء "حشرياتهم" البغيضة، التي صارت بمثابة المتسوّلين الذين يبحثون عن رزقهم، وهذا ما يعني أنهم باتوا يلتزمون أكثر ما يلتزمون بمبدأ: "إذا لم تستحِ فافعل ما شئت"!
هذا الأسلوب غير الأخلاقي، أرّق حال الكثيرين، ممن صاروا يعرفون بعض الشيء عن هذا التصرف الماسخ، الذي لم يَعُد يُرضي أحدا، في الوقت الذي يجب فيه الاستئذان قبل التفكير في الزيارة التي صار يغلب عليها التحدي والتضييق عليهم، في بيوتهم، والتدخل في حياتهم الخاصة، وهذا ما ذهب بالأغلبية، ممن تربطهم بهؤلاء الأشخاص علاقة حميمية، إلى الابتعاد عنهم كليا، وهم لطالما اشتكوا من هذا التصرف الأعمى والمقصود، والذي لم يعد يُحتمل في بلاد، من أولى أصول العيش فيها، أن تترك للآخرين حرية التمتع بوقتهم، والعيش مع من يحبون براحة تامة، بعيداً عن التطفّل وحشر أنفهم في مسائل أصبح ينفر منهم كل من يعرفهم، ويتحاشى الارتباط بهم أو التقرب إليهم، وما زال الكثير منهم يتخذ من هذه المسألة شعاراً يفاخر به!!

6C73D0E8-31A0-485A-A043-A37542D775D9
عبد الكريم البليخ
صحافي من مواليد مدينة الرقّة السوريّة. حصل على شهادة جامعيَّة في كلية الحقوق من جامعة بيروت العربية. عمل في الصحافة الرياضية. واستمرّ كهاوي ومحترف في كتابة المواد التي تتعلق بالتراث والأدب والتحقيقات الصحفية.