80 ساعة سنوياً يهدرها الموظف التونسي على الطرقات

80 ساعة سنوياً يهدرها الموظف التونسي على الطرقات

16 سبتمبر 2015
إنتاجية التونسيين تتأثر بالازدحام (فرانس برس)
+ الخط -
لا تقتصر منغّصات الحياة في تونس على الإرهاب واضطراب الوضع الأمنيّ وغلاء المعيشة وصراعات ‏السياسيّين، بل تحوّلت تنقلات المواطنين اليوميّة إلى ما يشبه الكابوس نظراً للاختناق المروريّ الذي تعاني ‏منه العديد من النقاط في تونس العاصمة خاصة. ويتسبّب تعطيل الحركة لساعات بخسائر ‏اقتصاديّة كبيرة، على المستوى الفرديّ والعام.


استهلاك الطاقة

ويقول الخبير الاقتصادي محمد ياسين السوسي، إن الضرر الاقتصاديّ ‏الأبرز يكمن في إهدار مئات المليارات سنويّاً من المحروقات، حيث يعتبر قطاع النقل أهم القطاعات المستهلكة ‏للطاقة واستهلاك المواد النفطية بأكثر من 44%. كما يشكل النقل البرّي أكبر مستهلكي الطاقة في قطاع النقل بقرابة 75% من إجمالي استهلاك القطاع. حيث يستهلك الأسطول البريّ 8 ملايين لتر بنزين يوميّاً يهدر أكثر ‏من ثلثها أثناء ساعات الازدحام المروريّ. هذا النزيف، بحسب السوسي، يكلّف الدولة ملياري دولار سنويّاً على ‏حساب أولويّات اقتصاديّة أخرى، على غرار التنمية في المناطق الداخليّة والاستثمار لتخفيف مشكلة البطالة ‏وغيرها.
‏يضيف السوسي بأنّ الدولة تخصّص سنوياً ما يقارب 150 مليون دولار لتوسيع الطرقات وإنشاء ‏المحوّلات والجسور للحدّ من الاختناق المروري، وهو ما يمكن اعتباره وجها آخر من أوجه إهدار المال العموميّ، ‏حيث تظلّ هذه الحلول ارتجاليّة ووقتيّة ما لم يتمّ التحكّم في نسق نموّ أسطول السيّارات في البلاد، لنعود في ‏النهاية إلى المربّع الأوّل والمشكل الرئيسيّ الذي يتمثّل في سوء التخطيط واللامبالاة.


التشنج والاحتقان

ويعتبر السوسي أن المواطن الذي يقضي ‏أكثر من ساعة في الطريق إلى العمل ومثلها أثناء العودة إلى منزله، لا يمكن بأي حال من الأحوال محاسبته على ‏ضعف إنتاجيته أو إهماله، فالتونسيّ، بحسب دراسة أجراها مرصد الطرقات، يُهدر ما يقارب الثمانين ساعة سنوياً على الطريق، في أجواء من التشنّج والاحتقان، وهو ما ينعكس حتماً على أدائه الوظيفيّ.
وتعود أسباب الاختناق المروري، بحسب زينة بن شقرة، العاملة في المرصد الوطني لسلامة المرور، إلى ‏المركزيّة المفرطة في تونس، حيث تتركّز جميع الوزارات والمصالح الإداريّة والمصارف والمشافي الكبرى والمؤسّسات ‏الماليّة والتجاريّة وسط العاصمة في مربّع لا تتجاوز مساحته 5 كيلومترات مربّعة. وتلفت إلى أن واحداً ‏من أسوأ نقاط الاختناق المروريّ في العاصمة، وهو دائريّ باب سعدون، حيث تضمّ المنطقة المحيطة 10 ‏مؤسّسات صحّية يرتادها حوالي 20 ألف مواطن يوميّاً بين مرضى وزائرين وعاملين في هذه ‏المؤسّسات. لتضيف أن الاختناق المروريّ رهيب وقد تصل مدّته إلى ما يزيد عن ‏الساعة لقطع مئات الأمتار أحياناً.
بدورها، تقول الخبيرة في البنى التحتيّة والتهيئة الترابيّة نهلة العزيزي، إنّ الاستخفاف بالمقاييس المحدّدة ‏لإنشاء الطرقات والجسور وتوسيع الأحياء السكنيّة في ضواحي العاصمة هو عامل أساسيّ في نشوء نقاط ‏سوداء على امتداد تونس. حيث تغصّ تلك المناطق بالسيّارات لتتوقّف حركة المرور لساعات نتيجة عدم قدرة ‏شبكة الطرقات الراهنة على توفير السلاسة المروريّة المطلوبة. لتؤكّد أنّ التطور الكبير لأسطول السيارات ‏في السنوات الأخيرة بمعدّل ناهز 50 ألف سيّارة سنويّاً، وعدم مواكبة البنية التحتية للطفرة العمرانية التي شهدتها ‏الأحياء الجديدة من الأسباب الرئيسية للاختناق المروري في العاصمة وإقليم تونس الكبرى، هذا إلى جانب غياب ‏مساحات مخصّصة لركن السيّارات.

اقرأ أيضاً:تونس تجتر الفشل في التدريس والتوظيف

المساهمون