موسم الدعوات الانفصالية في العراق... مخاوف من التقسيم الديمغرافي

موسم الدعوات الانفصالية في العراق... مخاوف من التقسيم الديمغرافي

05 فبراير 2016
ليس سهلاً تقسيم العراق (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
يدفع الإهمال والتهميش الحكوميان لبعض مكوّنات الشعب العراقي، البلد نحو التمزّق والتشرذم والتقسيم إلى دويْلات تحكم نفسها بنفسها، الأمر الذي قد يفتح باباً لتقسيم البلاد وتشتيته. ويحمّل كثيرون، الحكومة العراقية مسؤولية ذلك، بسبب السياسات الخاطئة التي تتبعها مع بعض الفئات من العراقيين. ويؤكّد خبراء وسياسيّون عراقيون، على أهمية التزام الحكومة بالاتفاقات السياسية المعقودة وببنود الدستور، وضمان حقوق الشعب العراقي، كشرط للحفاظ على وحدة العراق، وعدم الدفع نحو الانقسام الديمغرافي.

في هذا السياق، قال رئيس الجبهة التركمانية العراقية، النائب أرشد الصالحي، في بيان صحافي، إنّ "التركمان يتعرضون إلى تهميش كبير من قبل الحكومة العراقية"، مؤكّداً أنّه "في حال استمرار هذا التهميش فسنضطر إلى إنشاء الدولة التركمانية". وأضاف أنّ "كركوك حالها حال محافظة البصرة، تحتوي على سلّة اقتصاد العراق، ويجب ألّا تكون لمكوّن واحد بل لجميع العراقيين، وأيّ حل لمشاكلها يكون عبر جعلها إقليماً وطنيّاً بإدارة ذاتية من سكانها وبموازنة من بغداد".

وشدّد الصالحي على "ضرورة أن يكون في كركوك تمثيل لكافة مكوّنات المحافظة وبنسب معيّنة؛ للعرب، والكرد، والتركمان"، مؤكداً أنّ "ذلك كفيل بتسوية مشاكل وأزمات المحافظة". وأشار إلى أنّ "قضيّة الدولة الكردية تثار كل عام بسبب الصراع والأزمات بين الأحزاب الكردية، فيما لا يوجد تحرّك فعلي نحو ذلك"، مؤكداً أنّ "هناك أحزاباً كرديّة ترفض إنشاء دولة كردية مستقلة عن العراق".

ويأتي ذلك، مع تصاعد لهجة حكومة كردستان العراق بإعلان دولة كردية والانفصال عن العراق الذي وصفه عدد من القادة الأكراد بـ"الرجل المريض". ومن المقرر إجراء استفتاء شعبي للأكراد حول الانفصال عن العراق في غضون الشهرين المقبلين. كما تجري في العاصمة الأردنية عمان، اجتماعات لزعماء سياسيين وعشائر سنية بهدف بحث إعلان إقليم سني يشمل الأنبار، ونينوى، وصلاح الدين، وديالى، وأجزاء من كركوك، وبغداد. وهدّد الأمين العام لتيار صلاح الدين الشعبي، بإعلان تكريت ضمن الإقليم السني، وعاصمة له في حال استمرار الحكومة بسياساتها".

اقرأ أيضاً العراق: واقع انقسام واستحالة تقسيم

في هذا الصدد، يقول السياسي الفهد باسل مولود، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحكومة المركزية لم تحقق مطالب أهالي صلاح الدين في ما يخص تشكيل الحرس الوطني وقانون العفو العام. كما أنّها تجاوزت ورقة الاتفاق السياسي الذي أبرمته مع تحالف القوى العراقية إبّان تشكيل الحكومة". ويؤكد، أنّه "في حال استمرار الحكومة بهذه السياسة وتجاوز المطالب والحقوق، سنعلن تكريت ضمن الإقليم السنّي وعاصمة له، كما سنسعى لتشكيل قوة خاصة للمدينة".

من جهته، يرى الخبير السياسي محمود القيسي، أنّ "الحكومة مسؤولة أمام الجميع عما تتجه نحوه البلاد من التقسيم والتشتت". ويقول القيسي، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إنّ "العراق كان بلداً موحداً بكل أطيافه ومكوّناته، لكن سياسات التهميش والإقصاء لبعض مكونات الشعب العراقي التي تتبعها الحكومة الحالية والتي اتبعتها حكومة نوري المالكي من قبلها، جعلت تلك المكوّنات تحسّ بالظلم وكأنهم مواطنون من الدرجة الثانية".

ويوضح أنّ "هذا الشعور بدأ يتفاقم لدى الجميع مع الإصرار الحكومي على عدم تغيير سياساتها وعدم التعامل مع أبناء الشعب الواحد على هذا النحو، ما دفع باتجاه التفكير بالانفصال وإعلان دويلات وأقاليم منفصلة عن حكم الدولة". ويشير إلى أنّ "البلاد تواجه تقسيماً وتشرذماً على أسس طائفية وعرقية، ما سيتسبّب بتجذّر الفكر الطائفي والعرقي لدى مكونات الشعب، الأمر الذي سيعمّق من جذور الفتنة لدى الشعب العراقي"، داعياً الحكومة إلى "تغيير سياستها، والعمل على احتواء كافة مكونات الشعب العراقي من دون تمييز ومفاضلة في ما بينهم، والسعي لبناء عراق واحد موحد".

في المقابل، بدت الأصوات العقلانية في العراق خافتة مقارنة مع تلك التي تدعو لتمزيق البلاد وتحويلها إلى دويلات متناحرة على حدود بدا أنه لا يمكن فصلها بسهولة. ويقول عضو جبهة "الحراك الشعبي" العراقي، كامل العبيدي لـ"العربي الجديد"، إنّ تلك التصريحات لن تكون ذات تأثير سوى على السلم والتعايش الأهالي. فانفصال هذا الجزء من العراق أو ذاك ليس بالأمر السهل، وتدخل فيه قوى كبرى غربية ودول إقليمية كونه مسألة أمن عالمي. ويبيّن العبيدي، أن إسرائيل وإيران سيكونان المستفيدين الوحيدين من تقسيم دولة عربية كبيرة مثل العراق، كونه البوابة الشرقية للوطن العربي ومجاوراً لهما.

اقرأ أيضاً سباق انفصال إقليم كردستان: الاستفتاء قبل الانتخابات الأميركية

المساهمون