مسلسل المفاجآت الحريرية

08 ديسمبر 2015
"المستقبل" جزء أصيل من الطبقة السياسية الرثّة (رتيب الصفدي/الأناضول)
+ الخط -
يُمارس الرئيس سعد الحريري السياسة في لبنان، منذ اغتيال والده. لا يمكن الجزم بأن الحريري الابن كان راغباً بالدخول إلى عالم السياسة. منذ بدأ بتلمّس طريقه في العمل السياسي، ومناصروه يتفاجؤون يوماً بعد آخر بلا ملل. لم يُصدّق هؤلاء، أنه كان ينوي تأسيس "ميني" مليشيا في بيروت، تواجه غطرسة حزب الله، وأن إعدام مشروعه في مهده، كان أحد الأهداف غير الرئيسيّة لاجتياح حزب الله لبيروت في مايو/أيار 2008. كيف يُمكن لسعد الحريري أن يحمل السلاح؟ حتى اللحظة هناك من يُجيب من مناصريه بهذه الطريقة في إطار نفي الأمر.

حتى اليوم، هناك من لم يُصدّق أن الحريري الابن، زار دمشق في نهاية عام 2009. ولا تزال آثار الصدمة ظاهرة على وجوه بعض مناصريه نتيجة لقائه بـ"قاتل أبيه" والبسمة على محياه. هناك من لم يقتنع بعد، وإن واجهته بالأدلة يتفاجأ، بأن تيار المستقبل شريك بتمويل أكثر من عشرين جولة اقتتال بين جبل محسن وباب التبانة في الشمال على مدى أربع سنوات، مباشرة أو عبر بعض مسؤوليه.

وفي بداية 2014، صُدم جمهور الحريري، بمشاركة ممثلين عنه في حكومة واحدة مع حزب الله، بعدما رفع هذا الفريق شعار عدم المشاركة في حكومة واحدة مع حزب الله قبل انسحابه من القتال إلى جانب النظام في سورية. لم يقف الأمر عند هذا الحد. استقبل وزير الداخلية نهاد المشنوق، وهو من "صقور" تيار المستقبل، مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في حزب الله وفيق صفا، على طاولة واحدة، جمعت قادة الأجهزة الأمنية. كما صُدم جمهور "المستقبل" بإعلان المشنوق أن قتال حزب الله في القلمون خفف من دخول السيارات المفخخة إلى لبنان.

توالت صدمات جمهور تيار المستقبل، وستتوالى. لن يكون آخرها المفاجأة بترشيح رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية. عبّر هؤلاء عن صدمتهم، باستعادة جزء من أرشيف فرنجية، والذي يُعبر عن مواقف حادة ضد المستقبل والحريري، كذلك الأمر باستعادة أرشيف الحريري. لم يستوعب هؤلاء بعد كيف ينتخب الحريري "رجل بشار الأسد الأول في لبنان".

في الواقع، يُعبر هذا التفاجؤ عن عدم قدرة جمهور الحريري على قبول فكرة أنه جزء أصيل من الطبقة السياسية التقليديّة في لبنان، والتي تسعى لتأمين مصالحها المباشرة بالدرجة الأولى، وتخضع لرغبات الدول الراعية لها. تيار المستقبل، ليس حالة استثنائية، ولا استقلالية له. قلّة أدركوا هذا الأمر منذ اللحظات الأولى لـ 8 و14 آذار.

المساهمون