مركز أبحاث إسرائيلي يدعو لإعادة بناء مسار العلاقة مع الصين

22 يونيو 2020
محادثات صينية - إسرائيلية في بكين (إتيان أوليفو/فرانس برس)
+ الخط -
دعا مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، الأحد، إلى إعادة بناء مسار العلاقة مع الصين بحيث لا تمثل تهديداً لعلاقات إسرائيل الاستراتيجية مع الولايات المتحدة.
وفي تقدير أعدّه مدير قسم دراسات الصين - إسرائيل في المركز الباحث أساف أوريون، حثّ المركز صنّاع القرار في تل أبيب على الأخذ بعين الاعتبار حقيقة أن تحولاً جذرياً واستراتيجياً طرأ على الموقف الأميركي من الصين، الذي تم تبنيه في سبعينيات القرن الماضي.
وشدد أوريون، العميد المتقاعد والذي سبق أن تولى قيادة "اللواء الاستراتيجي" في شعبة التخطيط في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، على أن إسرائيل مطالَبة بوقف نمط علاقتها الحالي مع الصين الذي تكرّس في العقد الأخير، مشيراً إلى أن تل أبيب باتت مجبرة على إرساء نمط جديد من السياسات تجاه واشنطن وبكين يراعي التوتر الكبير الذي طرأ على العلاقات الثنائية بينهما. وأضاف أنه على الرغم من أن الهدف الاستراتيجي الأبرز لإسرائيل ظل يتمثل في تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، إلى جانب استنفاد الفرص الاقتصادية الكامنة في العلاقة مع الصين، إلا أنها مطالَبة بإخضاع علاقاتها مع الولايات المتحدة والصين للكثير من المواءمات الجذرية لتحقيق هذا الهدف.
ويرى أوريون أن إسرائيل مطالَبة بإعادة النظر مجدداً في المسوغات التي تدفعها لتعزيز علاقاتها بالصين. وأضاف: "إن كانت الولايات المتحدة، التي لديها القدرة على جمع معلومات حول الصين، توصلت إلى استنتاج مفاده بأن نسق علاقتها السابق مع بكين استند إلى فرضيات خاطئة، فإن على تل أبيب أن تتحلى بالتواضع وتعيد اختبار صحة الفرضيات التي استندت إليها في بناء علاقاتها مع الصين".
وأوضح أن أنماط عمل الصين في السياسة الخارجية، كما رصدتها الولايات المتحدة، يمكن أن تمثل مرجعاً لاستشراف التحديات التي يمكن أن تواجهها إسرائيل مستقبلاً، نتاج علاقتها ببكين.
ودعا صناع القرار ومحافل التقدير الاستراتيجي في تل أبيب إلى صياغة منظومة معايير "وطنية" للتعاطي مع التحدي الصيني، بالاستناد إلى معلومات يمكن الحصول عليها بشكل مهني، مع تشديده على عدم الاكتفاء بالمعلومات التي يمكن الحصول عليها من الولايات المتحدة فقط. وحثّ على تعزيز وعي الجمهور الإسرائيلي بالتحديات التي يمكن أن تمثلها العلاقة الاقتصادية مع الصين.
وبحسب معدّ التقرير، فإنه نظراً إلى أن الولايات المتحدة تتجه إلى وقف التعاون مع الصين في بعض المجالات الاقتصادية، ومواصلة وتعزيز التبادل التجاري معها في مجالات أخرى، فإنّ على إسرائيل أيضاً مواءمة علاقتها مع بكين، وضمن ذلك تحديد المجالات التي يجوز فيها التعاون مع الصين، والمجالات التي يحظر التعاون معها، في ظل إجراء حوار مع كلّ من بكين وواشنطن.
وشدد على أن مواصلة إسرائيل تصدير المنتوجات الأمنية والسلع ثنائية الاستخدام للصين، لا يمكن أن تستمرّ بوتيرتها الحالية، ولا سيما في ظل سعي الولايات المتحدة للتوصل لتفاهمات مشتركة مع حليفاتها حول أسس تصدير التقنيات المتقدمة، ومنظومات الاتصال.
ودعا إسرائيل لأن تكون طرفاً في هذه التفاهمات، بحيث تتمكن من الاندماج في سوق المنتوجات التي تستند إلى الابتكار.
ولفت أوريون إلى ضرورة أن تعمل إسرائيل على إخراج الجدل الحالي مع الولايات المتحدة من إطار تحديد المحظور في العلاقة مع الصين، إلى محاولة إقناع واشنطن بالتوصل إلى "تحالف استراتيجي في مجال الابتكارات".
وذهب أوريون إلى القول إن إسرائيل ليس بإمكانها أن تتجاهل الانطباعات النفسية العميقة التي تكرّست عن الصين لدى الولايات المتحدة، ولا سيما الانطباع بانعدام الأمانة لديهم و"ميلهم لنكران الجميل"، محذراً من أن وقوف إسرائيل إلى جانب الصين في ظل هذه الانطباعات، يمسّ بعلاقتها مع واشنطن.
وطالب إسرائيل بتحرك دبلوماسي وجماهيري داخل الولايات المتحدة لضمان عدم المسّ بالدعم الأميركي لها، بسبب نمط العلاقة القائمة مع الصين، محذراً من أن الإدارة الأميركية لن تختبر فقط تعهدات إسرائيل اللفظية بشأن العلاقة مع بكين، بل ستعمد إلى مراقبة أفعالها.
وأشار المركز إلى الوثيقة التي أصدرها البيت البيض في العشرين من مايو/أيار الماضي، والتي تعلّقت بالتوجهات الأميركية إزاء الصين، والتي تصوّر التحديات التي تمثلها بكين لمصالح واشنطن، والاستراتيجية التي يتوجّب على الولايات المتحدة تبنيها لمواجهتها.
ولفت إلى أن الموقف المتشدد إزاء الصين بوصفها تمثل تهديداً استراتيجياً للولايات المتحدة لم يعد حكراً على البيت الأبيض، بل بات محور إجماع للحزبين الجمهوري والديمقراطي. وأشار إلى أن تفشي كورونا، وتعاظم مظاهر الاحتجاج على التمييز العنصري ضد السود، لم يؤثرا على مركزية مواجهة الصين على جدول الأعمال الأميركي، مشيراً إلى أن الحملات الانتخابية في الولايات المتحدة ستسهم فقط في إضفاء المزيد من التشدد على الموقف الأميركي من الصين.
المساهمون