"قنابل موقوتة" تهدد استراتيجية الصعود الصينية

"قنابل موقوتة" تهدد استراتيجية الصعود الصينية

15 يونيو 2020
تزايد نشاط البحرية الصينية في بحر الصين الجنوبي(Getty)
+ الخط -

من سياسة دبلوماسية الظل وأنه يجب أن "تخفي قوتها وتتمهل" تنتقل الصين منذ فترة، بكثير من التصميم والهدوء، إلى استراتيجية مغايرة تماماً، تربط فيها بين القوات العسكرية، والقوة الاقتصادية، والنفوذ الدبلوماسي، والقدرات العملية والتقنية، لفرض ما تريده غير آبهة بمواقف معارضيها حتى الولايات المتحدة، وهو ما يظهر حالياً في السياسة التي يطبقها الحزب الشيوعي الصيني، في عدد من الجبهات، من هونغ كونغ وتايوان إلى الهند وبحر الصين الجنوبي، التي يمكن اعتبارها "قنابل موقوتة"، قد يؤدي أي خطأ، ولو كان بسيطا، إلى تفجر إحداها.

تزايد ضعف الولايات المتحدة الأميركية خارجياً، مع تطبيق الرئيس الأميركي دونالد ترامب لشعاره "أميركا أولاً"، وتخليه عن دول كانت تعتبر محميات أميركية، والذي رأت فيه الصين فرصة لا بد من اقتناصها، ترافق مع ارتفاع كبير في قوة الجيش الشعبي الصيني، لتتعزز ثقة القيادات الصينية بقدرة التنين على نفث ناره إلى مسافات بعيدة. وقد تبدى هذا الأمر في عدم التردد في شن هجمات ذات بعد إعلامي خصوصاً طاولت واشنطن، مطلقين العنان لمجموعة من دبلوماسيي "الذئب المحارب" ضد الخصوم.

ويأتي التحول في العقيدة الصينية بعد سنوات من بناء قوتها العسكرية، إذ أصبحت ثاني أكبر منتج للأسلحة في العالم، بحسب تقرير لمعهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام، نشر في 27 يناير/كانون الثاني الماضي. وأوضح المعهد أن الصين، التي كانت قبل عشرة أعوام تعتمد على استيراد الأسلحة، أصبحت تحتل المركز الثاني على قائمة الدول المنتجة للأسلحة، بعد الولايات المتحدة، ومتقدمة على روسيا. تجدر الإشارة إلى أن معظم إنتاج شركات الأسلحة الصينية يذهب إلى وحدات الجيش الصيني المختلفة. ويحذر تقرير المعهد من أن التكتم الذي يحيط بـ"أرقام مبيعات الأسلحة للشركات الصينية لا يزال عائقاً أمام الفهم الشامل" لقطاع صناعة الأسلحة في البلاد. وقال نان تيان، المشارك في إعداد التقرير، "كل شيء مغلق تحت شعار الأمن القومي". وكانت الصين قبل عشر سنوات تعتمد إلى حد كبير على استيراد الأسلحة من روسيا وأوكرانيا. وأوضح نان تيان "لم يعودوا (الصينيون) بحاجة للاعتماد على دول أخرى للتسلّح". 

وذكرت مؤسسة "راند" البحثية، في تقرير نشر في العام 2016 عن تطوير عقيدة الجيش الصيني، أن المنظور التحليلي الصيني عن الردع الاستراتيجي تطور بالتوازي مع قدرات جيش التحرير الشعبي. وأوضحت أنه في حين وصف الصينيون في تسعينيات القرن الماضي الأسلحة النووية باعتبارها حجر الزاوية للردع الاستراتيجي، فإن هذا الأمر تغير مع الزمن، ليشمل تعريفاً أوسع، بما في ذلك جميع مكونات "القوة الوطنية الشاملة، وتضم القوات العسكرية، والقوة الاقتصادية، والنفوذ الدبلوماسي، والقدرات العملية والتقنية، التي تعمل جميعها على ردع المعارضين لبكين. وأكد الكتاب الأبيض للاستراتيجية العسكرية الصينية لعام 2015 أهمية الاستعداد لعمليات الطوارئ المحتملة في المناطق المحيطة (بحري الصين الجنوبي والشرقي) والتحول التدريجي من التركيز على "الدفاع عن الشاطئ" إلى مزيج من الحماية الشاطئية و"الحماية في عرض البحر". كما تم توجيه القوات الجوية أيضاً للتحول من وضعية الدفاع عن الأرض إلى هيكل قوة يمتلك قدرات تناسب العمليات الدفاعية والهجومية في ظل بيئة معلوماتية.

وتواجه الصين عدداً كبيراً من "القنابل الموقوتة"، في الداخل مع الإيغور والانفصاليين في التيبت، إلى تايوان وهونغ كونغ، فالصراع الحدودي المتواصل مع الهند، بالإضافة إلى بحر الصين الجنوبي، حيث تدور معركة صامتة للسيطرة عليه، لما يحويه من كنوز نفطية وغازية وسمكية، كما أنه يشكل ممراً مائياً استراتيجياً مهما للغاية بالنسبة للتجارة العالمية.

وتأتي التحركات على الحدود مع الهند وفي بحر الصين الجنوبي، بالتزامن مع الزيادة الكبيرة في الإنفاق العسكري لبكين، مع إعلان قادة الدولة زيادة بنسبة 6.6 في المائة في موازنة وزارة الدفاع، التي وصلت إلى 178 مليار دولار. ورجحت الخبيرة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن بوني غلاسر، في تصريح لصحيفة "واشنطن بوست"، أن تكون التوترات بين الولايات المتحدة والصين قد أدت في الواقع إلى توقف بكين عن مراعاة الغضب الأميركي. وقالت "على مدى سنوات، كانت المحافظة على علاقة مستقرة مع الولايات المتحدة أولوية قصوى بالنسبة لبكين، ولعله كان يشكل ضبط نفس جزئياً لسلوك الصين". وأضافت "يبدو أن الصين الآن تخلت عن أمل أن تحظى بعلاقات مستقرة مع الولايات المتحدة في ظل إدارة (الرئيس دونالد) ترامب. سلوك الصين ضد هونغ كونغ، وضغطها على تايوان، وحملتها التضليلية العالمية، تشير إلى أن بكين يمكن أن تكون غير مبالية بردود فعل الولايات المتحدة حيال قراراتها".

لكن بعض المحللين يعتبرون أن بكين بدأت ترى أن واشنطن ضعيفة حالياً، لهذا فإن أيام دبلوماسية الظل، التي روج لها الزعيم الراحل دنغ شياو بينغ، القائل إن بكين يجب أن "تخفي قوتها وتتمهل"، قد ولت، وهو ما تكشف في تصريح لوزير الخارجية الصيني وانغ يى بقوله "نحن لا نختار القتال أبداً ولا نستقوي على الآخرين، ولكن في الوقت نفسه لدينا مبادئ وشجاعة. سنقاتل بالتأكيد ضد أي افتراء خبيث للدفاع عن الشرف والكرامة الوطنيين". ومنذ العام الماضي، أطلقت بكين العنان لمجموعة من دبلوماسيي "الذئب المحارب"، يستخدمون "تويتر" للدفاع عن الدولة والترويج لها. كما أن بكين استفادت من شعار ترامب "أميركا أولاً"، وحاولت ملء الفراغ الذي أدى إليه، خصوصاً عبر التسويق لطريق الحرير، وإرسال مساعدات طبية للدول المتضررة من وباء كورونا.

ومع تصاعد ضغط المطالبين بالديمقراطية في هونغ كونغ، ردت بكين بأوضح مثال على أنها مستعدة لشن حرب للإبقاء على الوضع الحالي على ما هو عليه، إذ أقر البرلمان قانوناً يسمح "بمنع ووقف وقمع أي تحرك يهدد بشكل خطير الأمن القومي، مثل النزعة الانفصالية والتآمر وإعداد أو الوقوف وراء نشاطات إرهابية، وكذلك نشاطات قوى أجنبية تشكل تدخلاً في شؤون" هونغ كونغ. كما يسمح بنشر نشر عملاء الأمن الصينيين في المدينة. وجاء ذلك بعد سبعة أشهر من تظاهرات للمطالبة بمزيد من الديمقراطية في هونغ كونغ، تخللتها أحياناً أعمال عنف. وأبلغ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الكونغرس، أخيراً، أن إدارة ترامب لم تعد تعتبر أن هونغ كونغ تتمتع بالحكم الذاتي عن البر الصيني.



كما تزايد الضغط على المطالبين بالديمقراطية، مع تصويت برلمان هونغ كونغ لصالح قانون تدعمه بكين يمنع إهانة النشيد الوطني الصيني، في المدينة التي تتمتع بحكم شبه ذاتي. وأيّد 41 نائباً القانون فيما عارضه نائب واحد. ويواجه من تثبت إدانتهم بانتهاك "مسيرة المتطوعين" عمداً عقوبة تصل إلى ثلاث سنوات في السجن وغرامة تصل إلى 6450 دولاراً أميركياً.

جبهة تايوان

وعلى جبهة تايوان، فإن الصين لم تكتف بالتمسك برفضها دعوة رئيسة الجزيرة تساي أينغ وين إلى الحوار، بل إنها كثفت الضغوط الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية، معتبرة الجزيرة مقاطعة متمردة مدعوة "للعودة إلى سلطة الوطن الأم، وعبر القوة إذا لزم الأمر". وبعد فوز وين بولاية رئاسية ثانية أخيراً، أعلنت الصين، على لسان المتحدث باسم مكتب شؤون تايوان ما شياوغوانغ، أن لديها القدرة الكافية للدفاع عن السيادة الوطنية وسلامة أراضيها، وأنها لن تتسامح إطلاقاً مع أي أنشطة انفصالية أو أي تدخّل لقوى أجنبية في سياساتها الداخلية. وتتطلع بكين إلى تطبيق نموذج قائم على مبدأ "بلد واحد بنظامين"، كما هو الحال مع هونغ كونغ، الذي من شأنه أن يسمح لتايوان بالمحافظة على بعض الحريات مع خضوعها لسلطة الصين القارية.

وفي أحدث تصعيد للتوتر العسكري، أعلنت وزارة الدفاع التايوانية، في 12 مايو/أيار الماضي، أن مجموعة بحرية، تقودها أول حاملة طائرات صينية، مرت قبالة السواحل الشرقية والجنوبية للجزيرة لإجراء تدريبات. وذكرت، في بيان، أن "حاملة الطائرات لياوننغ، وخمس سفن حربية مرافقة مرت أولاً في مضيق مياكو الواقع بين جزر مياكو اليابانية وأوكيناوا شمال شرقي تايوان". وأضافت "قوات تايوان المسلحة راقبت تقدم مجموعة الحاملة خلال عمليتها واتخذت الإجراءات المناسبة للرد والحفاظ على الأمن الوطني وحماية السلام والاستقرار في المنطقة".

الحدود مع الهند

كما أن الصين تضغط من أجل فرض سيادتها وسيطرتها الفعلية على جبهات أخرى. ففي جبال الهيمالايا، حيث تلتقي حدودها مع الهند، انفجر الوضع أخيراً بين جنود من الطرفين، وصل إلى حد التراشق بالحجارة. وأجبر تصاعد التوتر بين بكين ونيودلهي الطرفين على عقد اجتماع لقادة عسكريين عند نقطة حدودية في منطقة الهيمالايا. وفي حين اعتبرت وزارة الخارجية الهندية أن البلدين سيمضيان قدماً في التعاون العسكري والدبلوماسي لمحاولة حل المواجهة على طول حدودهما، فإنه برز أن بكين لم تصدر أي بيان حول الاجتماع.

ويقول مسؤولون هنود إن المواجهة بدأت أوائل مايو/أيار الماضي عندما دخلت فرق كبيرة من الجنود الصينيين داخل الأراضي التي تسيطر عليها الهند في الهيمالايا، ونصبت خياماً وتمركزت. وأشاروا إلى أن الجنود الصينيين تجاهلوا التحذيرات اللفظية المتكررة بالمغادرة، ما أدى إلى تراشق الجنود بالحجارة والقتال بالأيدي.

يشار إلى أن الجانبين يحاولان منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي تسوية نزاعهما حول الحدود التي يطلق عليها البلدان خط السيطرة الفعلية، بدون تحقيق أي نجاح. ولكل من الهند والصين منذ زمن بعيد مطالبات عديدة بأراضٍ في قطاعي لاداخ غرباً وأروناشال براديش شرقاً. ولا يوجد بين بكين ونيودلهي حتى اتفاق على طول حدودهما المشتركة، إذ لكلا الطرفين مطالبات قائمة بأراضٍ مختلفة. وفي العام 1962، دخلت الدولتان في حرب حدودية دموية في الهيمالايا، منيت فيها القوات الهندية بهزيمة سريعة على يد الجيش الصيني. ومنذ ذلك الوقت لا يزال التوتر يتواصل بينهما. ووقع البلدان في العام 1993 اتفاقا يهدف لرسم الحدود بينهما، لكن من دون التوصل إلى ترسيم نهائي. وكانت وزيرة الخارجية الهندية السابقة نيروباما راو أوضحت، في تغريدة، أن نيودلهي وبكين لم تستطيعا الاتفاق على طول الحدود حتى. وقالت "طول الحدود 3488 كيلومتراً. وفي العرف الصيني، فإنها تبلغ نحو 2000 كيلومتر".

وفي عام 2017، شهدت هضبة استراتيجية في الهيمالايا في منطقة بوتان مواجهات لأكثر من شهرين بين العسكريين الصينيين والهنود. وأفضت محادثات عن فض نزاع عسكري بين الطرفين. ويرى محللون أن بناء الهند لطرق جديدة قرب "خط السيطرة الفعلية" الذي يفصل حدود البلدين في لاداخ، ربما أثار انزعاج الصين. وتربط الخبيرة في شؤون جنوب آسيا في معهد السلام، وهو مركز أبحاث أميركي، تامانا صالح الدين التوترات الحالية بخصومة الهند مع باكستان، حليفة الصين. وتقول إنه "من وجهة النظر الهندية، ينظر لعدوان الصين على أنه دعم لمحاولات باكستان تحدي الهند بشأن حدودهما المشتركة في تلك المنطقة المتفجرة". وترى صالح الدين أن خطر التصعيد قائم بسبب وجود عدد كبير من القوات العسكرية والأسلحة الثقيلة في المنطقة، لكن لدى البلدين أيضاً "نظاماً محكماً لإدارة النزاعات". وقالت المسؤولة عن جنوب آسيا في وزارة الخارجية الأميركية أليس ويلز، أخيراً، إن التوترات في المنطقة تذكير بأن "العدوان الصيني ليس خطابياً فقط". وأضافت "إن كان في بحر الصين الجنوبي أو على الحدود مع الهند، نواصل رؤية تصرفات استفزازية من قبل الصين، تطرح أسئلة حيال كيف تفكر الصين باستخدام قوتها المتزايدة". وأوضح مدير برنامج الدراسات الأمنية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تايلور فرافيل أن "الصين على الأرجح أكثر قلقاً بشأن أن يُنظر إليها على أنها ضعيفة بسبب فيروس كورونا، ولهذا فإنها أكثر عزماً على مضاعفة الرهان على مطالبات السيادة الخاصة بها، في حين ينظر العالم إلى الجانب الآخر".

بحر الصين

والحدود الغربية للصين ليست المكان الوحيد الذي تستعرض فيه بكين عضلاتها، إذ إن سفنها الحربية لم تكتف بمواجهة سفينة صيد فيتنامية وأخرى ماليزية للبحث عن النفط في بحر الصين الجنوبي، بل إنها أغرقت السفينة الفيتنامية.

ويمكن اعتبار بحر الصين الجنوبي "القنبلة الموقوتة" الأخطر التي تواجه بكين، إذ إن نزاع السيادة عليه يتضمن مجموعة كبيرة من الدول. وقد دفعت قضايا أمنية في البحر، الفيليبين إلى تأجيل الانسحاب من اتفاق عسكري رئيسي مع أميركا. وأعلنت حكومة الرئيس الفيليبيني رودريغو دوتيرتي أنها علّقت مشروعها لإلغاء "اتفاقية القوات الزائرة" التي تعد مهمّة بالنسبة لخطوات واشنطن الرامية لمواجهة تنامي نفوذ بكين. وكان دوتيرتي تقرب من بكين منذ تسلمه السلطة عام 2016، لكن خطوته قوبلت برفض من الشعب وقلق في صفوف الجيش المتوجس من طموحات بكين في بحر الصيني الجنوبي.

كما أن التصريحات الأميركية عن بحر الصين الجنوبي وتعزيز بكين سيطرتها عليه تصاعدت أخيراً. وقال قائد القوات الأميركية في اليابان الجنرال كيفن شنايدر، الجمعة الماضي، إن الصين تستخدم فيروس كورونا ستاراً تعزز من ورائه نفوذها الإقليمي في بحر الصين الجنوبي، من خلال زيادة النشاط البحري بهدف ترويع دول أخرى تطالب بحقها في المياه. وأشار إلى أن هناك تزايداً في نشاط بكين في بحر الصين الجنوبي، وإن سفناً من البحرية وزوارق من خفر السواحل ومجموعات من قوارب الصيد تضايق سفناً تبحر في المياه التي تسعى بكين لفرض نفوذها عليها. وأضاف شنايدر لوكالة "رويترز"، "طوال أزمة كوفيد، رصدنا تزايداً في النشاط البحري"، مرجحاً أن يستمر هذا الأمر.

ويعد الممر المائي الاستراتيجي مهماً للغاية بالنسبة للتجارة، ويعتقد أنه يحتوي على كميات نفطية وغازية ضخمة، ما حوّله إلى مصدر توتر إقليمي متكرر. وحسب التقديرات الرسمية الصينية فإن باطن البحر يحتوي على احتياطي نفطي يبلغ 10 مليارات برميل، وكذلك ثروة هائلة من الغاز الطبيعي بنحو ألف تريليون متر مكعب.

وتتنازع دول مطلة على بحر الصين الجنوبي، خصوصاً الصين وفييتنام والفيليبين وتايوان وماليزيا وبروناي، السيادة على مناطق منه، لكن التوترات ارتفعت أخيراً، بعد تصاعد ادعاءات الصين بالسيادة على أجزاء واسعة منه عن طريق تشييد الجزر الاصطناعية فيه وتسيير الدوريات، فيما ردت أميركا بإرسال سفن وطائرات الى المناطق القريبة من جزر متنازع عليها، في عمليات تطلق واشنطن عليها اسم "عمليات حرية الملاحة". وما يظهر تصاعد غضب واشنطن هو تسيير البحرية الأميركية 4 دوريات في العام الحالي، و8 في 2019، بالمقارنة مع أربع دوريات فقط خلال ولايتي الرئيس السابق باراك أوباما، وذلك بحسب الخبير في "معهد دراسات جنوب شرق آسيا – يوسف إسحاق" في سنغافورة إيان ستوراي. وتصاعدت المناوشات البحرية بين أميركا والصين. واتهم مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في مايو/أيار الماضي القوات الصينية بالتحرش بمدمرة أميركية، خلال دورية في بحر الصين، مشيراً إلى قيام طائرات حربية صينية بالتحرش أيضاً بطائرات استطلاع أميركية مرات عدة. وكان سبق ذلك إعلان وزارة الدفاع الصينية أن بحريتها طردت مدمرة أميركية في 28 إبريل/نيسان الماضي، بحجة انتهاكها السيادة البحرية الصينية.

ويمتد البحر من الصين شمالاً إلى إندونيسيا جنوباً، على مساحة تقدر بنحو 3.6 ملايين كيلومتر مربع، وتشترك فيه سبع دول، هي الصين، والفيليبين، وفيتنام، وماليزيا، وبروناي، وتايوان، وإندونيسيا. ويضم اثنين من الممرات التجارية الهامة وهما مضيقا بلقا وتايوان. وتمثل عمليات الصيد البحرية نحو 10 في المائة من النسبة العالمية. وتزعم الصين السيادة على 80 في المائة من البحر، معتمدة على خريطة من العام 1947 تطلق عليها "خط الخطوط التسعة"، والتي تمتد لنحو 1800 كيلومتر جنوب جزيرة هاينان الواقعة في أقصى جنوب الصين. وفي إطار محاولاتها لتقوية مزاعمها حول السيادة، بنت الصين عدداً من الموانئ والمنارات ووضعت معدات عسكرية ونصبت بطاريات صواريخ على عدد الصخور، على مساحة تقدر بنحو 1300 هكتار. ودافعت وزارة الخارجية الصينية مراراً عن هذا الأمر، متحججة بأنه لدواعٍ دفاعية.