ماسينيسا سلماني.. غياب يملأ الخيال والذاكرة

04 سبتمبر 2020
تجهيز "هدوء فكرة ثابتة" لـ ماسيسينا سلماني، من المعرض
+ الخط -

تحت عنوان "عمل قيد التطوير: في الدفاتر الصغيرة لـ ماسينيسا سلماني" يقيم "غاليري سلمى فرياني" في تونس حالياً معرضاً في "غرفة المشاهدة الافتراضية" التي أطلقها على موقعه مع بدء أزمة كوفيد-19، ويتواصل عرض الأعمال حتى 15 من الشهر الجاري. 

المعرض يضم أعمالاً من تخطيطات الفنان الجزائري على الورق باستخدام الألوان المائية خلال فترة الحجر المنزلي الماضية، وصور فوتوغرافية لتجهيز بعنوان "هدوء فكرة ثابتة"، وعن إنجاز الأعمال خلال الأشهر الماضية يقول الفنان في لقاء على موقع الغاليري: "ميزة الرسم هي أنه لا يتطلب سوى القليل جدًا حتى تتمكن من العمل". 

واصل الفنان عمله في الاستوديو، حيث اشتغل على فكرة إعطاء معنى لمواقف تبدو بلا معنى، يوضح: "أحب فكرة الفشل، وأفضل المواقف المستحيلة والعبثية". أعماله هي "أشكال مرسومة لإعطاء شكل لمن لا يسبر غوره"، إحدى هذه الأشكال تحمل عنوان "فجر لا يسبر غوره" وهي فحم ورصاص على ورق. 

من المعرض
عمل بعنوان "ذرائع"، من المعرض

ثمة سلسلة بعنوان "هل تحتاج إلى ظلال لكي تتذكر؟"، وفيها استلهام لقصائد الشاعر الجزائري جان سيناك (1926-1973) الذي اغتيل بعد الاستقلال، وكان من شعراء الثورة الجزائرية. 

بالنسبة إلى استخدام الألوان المائية التي لم يقترب منها منذ فترة مراهقته يقول الفنان: "يبدو الأمر كما لو أن أحدهم أخبرني ذات صباح، انهض واستخدم الألوان المائية"، وهذه تبدو كما لو أنها تقتحم عالم الفحم والرصاص الأساسي في الرسومات التي يهيمن عليها أساساً الفراغ واللون الأبيض. 

بالعموم فإن معظم أعمال سلماني قليلة العناصر وحضور الفراغ فيها كبير وواضح، فهو يعمل في مساحات خالية من حضور الإنسان، أو إن حضوره فيها قليل، وهذا الغياب هو إخفاء أو اختفاء لسياق العمل، حيث أن معظم رسومات الفنان مستوحاة من صور خبرية يراها هنا أو هناك، وتمتلئ رسوماته الأخيرة هذه بالعناصر المعمارية، هناك العديد من الجدران والحواجز، حيث الأشياء والفراغات هي التي تكشف عن العناصر فتجعل المكان ليس مكاناً بعينه بل مشهداً يمكن أن يكون في أي مكان.

من المعرض
من المعرض

يقول سلماني في مقابلة معه: " أنا لا أحاول أن أعرض مكاناً لكنني أحاول بناء سرد يستدعي الغياب ليملأ بالخيال والذاكرة"، ويضيف: " عادةً ما أبدأ بتأليف المواقف التي يتم بناء المساحات حولها. في كراسات الرسم كثيرًا ما أرسم مساحات ذات تكوينات مستحيلة أو غامضة مصنوعة من أجزاء من العمارة أو المناطق الناشئة من ذاكرتي، أو التي أراها أو تلك المبتكرة جزئيًا والتي تصبح نقاط انطلاق محتملة للأشكال المرسومة". 

يذكر أن سلماني ولد عام 1980 في الجزائر العاصمة. يعيش ويعمل حالياً بين فرنسا والجزائر. بعد دراسة علوم الكمبيوتر تابع دراساته في المدرسة العليا للفنون الجميلة في تور الفرنسية، نوهت لجنة التحكيم في بينالي البندقية السادس والخمسين في عام 2015 بأعماله وحصل عام 2016 على جائزة جامعي الفنون في فرنسا وجائزة Sam Art Projects للفن المعاصر من باريس أيضاً.

من المعرض
عمل بعنوان "بوصلة"، من المعرض

يهدف عمل ماسينيسا سلماني إلى إنشاء أشكال مرسومة تمزج بين نهج وثائقي مع الإنشاءات الخيالية والرسوم المتحركة، مع الأخذ بنقطة انطلاقها القضايا السياسية والاجتماعية المعاصرة التي يجمع أخبارها من قصاصات الصحافة. من خلال المواجهة والتجاور وحتى تراكب العناصر الواقعية التي تم إخفاء سياقاتها بشكل منهجي، يبتكر الفنان مشاهد غامضة وتبدو بعيدة عن الحدوث في الواقع، تشهد على عبثية السلوكيات البشرية وكثيراً ما تلفت إلى العمارة كأداة للسلطة. 

من خلال ترتيب مساحات بيضاء كبيرة، يدعو الفنان المتلقي إلى ملء الفجوات والتشكيك في الطريقة التي نتذكر ونكتب بها التاريخ. وبهذه الطريقة أيضاً، يطرح أسئلة حول عملية إنتاج وتداول ونشر الصور الإعلامية وتأثيرها على تصورنا للأحداث التاريخية والحالية.

 

المساهمون