لبنان: تمهيد "إعلامي" لرئاسة ميشال عون

لبنان: تمهيد "إعلامي" لرئاسة ميشال عون

18 مايو 2014
لم يسمِّ بيان الحريري جعجع كمرشح رئاسي (دالاتي ونهرا)
+ الخط -
جمعت العاصمة الفرنسيّة باريس عدداً من السياسيين اللبنانيين إلى جانب وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، وبطبيعة الحال المسؤولين الفرنسيين. وقد غادر من بيروت، كلاً من رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق فؤاد السنيورة ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ليلتقوا رئيس الحكومة السابق سعد الحريري.

وبحسب المعلومات، فإن النقاش الأساسي يدور حول انتخابات رئاسة الجمهوريّة، في ظل انتشار معلومات في بيروت عن سير الحريري بترشيح رئيس "تكتل التغيير والإصلاح" ميشال عون. وبحسب معلومات "العربي الجديد"، فإن كميات الغاز الموجودة قبالة الساحل اللبناني، أدّت دورها في بلورة العلاقة بين الطرفين، التي وضع لبنتها الأولى السفير البريطاني في لبنان، طوم فليتشر، الذي يعمل على إنهاء القطيعة بين عون والحريري منذ فترة.

لكن أوساطاً مطلّعة قللت من هذا التفاؤل، مؤكدة أن الحريري يُريد رئيساً وسطياً، لكنه يُريد ترتيب العلاقة مع عون. وفي حين شددت مصادر "الاشتراكي" و"القوات اللبنانيّة"، على أن هدف زيارة جنبلاط وجعجع، هو لقاء وزير الخارجية السعودي، فإن مصادر عونية أبلغت "العربي الجديد" أن هدف الزيارة "عرقلة الاتفاق بين الحريري وعون".

وقد أصدر مكتب الحريري الإعلامي بياناً أشار فيه إلى أن الحريري استقبل جعجع بحضور السنيورة. ولفت البيان إلى أن اللقاء "تناول الأوضاع العامة في البلاد وخصوصاً موضوع الاستحقاق الرئاسي الداهم، وكانت وجهات النظر متطابقة على ضرورة إنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري، ورفض الفراغ، والقيام بكل الجهود والاتصالات اللازمة والممكنة لمنع حدوث الفراغ، مع التشديد على وجوب حضور جميع النواب للمشاركة في جلسات انتخاب رئيس الجمهورية". وكان لافتاً أن البيان لم يأتِ على ذكر ترشيح قوى 14 آذار لجعجع والتمسك به، وهو أمرٌ غريب، إذ إن جعجع ذهب إلى باريس كمرشح هذا الفريق، وخرج من اللقاء وكأنه غير مرشّح.

إذاً، يرتفع مستوى حظوظ عون بالوصول إلى الرئاسة الأولى، قبل أسبوع من انتهاء ولاية الرئيس الحالي ميشال سليمان. وكان جنبلاط قد لمّح إلى وجود اتفاق كهذا، على طريقته، يوم السبت، عندما خاطب "رئيس البلاد العماد ميشال عون"، بدلاً من ميشال سليمان، في "خطأ" يكاد يكون مقصوداً، إذ إن جنبلاط كان يقرأ كلمةً مكتوبة، ثم علق على ما يُفترَض أن تكون "زلة لسانه" هذه بالقول: "هذه غلطة، لأننا نحلم به كل ليلة"... وأضاف بعد ضحكة طويلة: "لكن ليس ليأتي رئيساً".
 

لا تقول مصادر الحريري وعون الكثير عن الموضوع، لكن ما يتسرّب يفيد بأن الطرفين اتفقا على إدارة الملف الاقتصادي على الطريقة اللبنانية بالفعل. كلام يعني عملياً اتفاقهما على تقاسم الحصص، في ملف الغاز والاتصالات.
لا تستبعد مصادر في تحالف 14 آذار هذا الموضوع، وخصوصاً أن "تيار المستقبل تجّار، ولا شيء يمنعهم من القيام بعمل كهذا، لكن هذا الأمر سينعكس سلباً على جمهورهم". وبرأي هذه المصادر، فإن الحريري استطاع التحوّل إلى زعيم سياسي لبناني بعدما "خاض معركة الحريات"، وتراجعه عنها اليوم يُعيده إلى مرتبة والده الراحل الرئيس رفيق الحريري، الذي كان زعيم طائفة، أكثر من زعيم وطني.

وبرأي هؤلاء، فإن الاتفاق مع عون يعني تخلي الحريري عن الكثير من العناوين السياديّة. كما ترى هذه المصادر أن خطوة الحريري هذه ستجعله يخسر حلفاءه في 14 آذار من دون أن "يربح أي شيء في المقابل، ولعلّ الحريري يتذكر تجربة السين ــ السين (اتفاق السعودية وسورية حول الملف اللبناني)، التي جعلته يزور الرئيس السوري بشار الأسد".

في المقابل، تقول مصادر مطلعة في تيّار المستقبل، إن جمهور التيار الذي ينتخبه، بحاجة إلى خدمات ومساعدات وهذا "ما نستطيع أن نقدمه خلال وجودنا في السلطة". وقد استطاع المستقبل أخيراً تأمين مبالغ ماليّة كبيرة لبلديات عكار والبقاعين الأوسط والغربي من خلال وزارة الداخليّة التي يتولاها أحد صقور "المستقبل"، نهاد المشنوق.

من جهتها، تشير مصادر القوات اللبنانية إلى أن "جعجع ذهب إلى باريس للقاء وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، وهو اجتماع مقرر منذ وقت سابق". وتضيف أنه "بعد اللقاء، يجتمع جعجع بالحريري لمناقشة الاستحقاق الرئاسي والبحث في الاسماء المقترحة والتي يمكن أن تخرق سقف الانقسام". وتنفي هذه المصادر كل ما يشاع عن تبني الحريري لاسم عون للرئاسة، مضيفة أن كل النقاش بين عون والحريري يتمحور على "تنظيم مرحلة ما بعد الرئاسة".
 

بدورها، تلفت مصادر عون إلى ضرورة "الانتظار حتى مساء الاثنين او الثلاثاء لمعرفة محصلة المشاورات الجارية". وتضيف هذه المصادر أن "الجو ايجابي لجهة تبنّي اسم عون والعمل جارٍ لإيجاد الاخراج اللازم لذلك". وتوضح المصادر أن "حركة جعجع في باريس أتت في إطار محاولة إقفال الطريق أمام عون"، وتتحدث في هذا السياق عن وجود أجواء عتب متبادل بين الحريري وجعجع.

السؤال الأبرز الذي يبقى بلا جواب هو: هل اتفق عون والحريري على موضوع سلاح حزب الله؟ وهل لا يزال الحريري عند قناعته بإمكانيّة فصل عون عن حزب الله؟ لا جواب دقيقاً، لكن في الحالتين، لن يكون الأمر سهلاً. فبحسب مصادر قريبة من الفريق الوسطي في لبنان، فإن رهان الحريري على فصل عون عن حزب الله، هو كمن يشتري سمكاً في الماء. عون لن يتخلى عن حزب الله برأيهم، وإذا قرر التخلي، فإن حزب الله لن يُراقب فقط، "بل إن خطوة كهذه ستدفع الأخير لمزيد من الجنون السياسي وغير السياسي".