كيري للحريري: عون سقط من المعادلة الرئاسيّة اللبنانيّة

29 يونيو 2014
ناقش كيري والحريري ملفي الأمن والرئاسة (برنارد سميالوفسكي/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

جاءت التفجيرات الأخيرة في لبنان، لتؤكد أنّ الإفلاس الرسمي يتعدّى العجز عن انتخاب رئيس للجمهورية، أو تأمين نصاب جلسة تشريعية للمجلس النيابي، أو حتى عن ضمان انعقاد مجلس وزاري باتت الصلاحيات الرئاسية بيده منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان قبل أكثر من شهر. برهنت الدولة، بأقطابها ومسؤوليها وأحزابها مجتمعة، أنها غير قادرة على ضمان استقرار أمني ولا حماية نفسها ومواطنيها. أما التحركات الأمنية المستمرة في بيروت والشمال والبقاع، فلا تكرّس إلا الإفلاس الحاصل على المستويين الأمني والسياسي، وهي تحركات أشبه بعراضات أمنية، للبحث عن ضحايا ومرتكبين ومنفذين.

وبينما يكاد البركان الأمني ينفجر بين أيدي القوى الأمنية، لا يزال أقطاب لبنانيون يؤمنون بإمكانية تحويل هذا التهديد التفجيري إلى عامل إيجابي لتحصيل مكتسبات سياسية، أقلها في دفع القوى السياسية إلى الإسراع في التوافق على اسم لرئاسة الجمهورية. هذا مضمون ما قاله رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، وما يردّده رئيس الحكومة، تمام سلام. وهو أيضاً ما يحمله سفراء أوروبيون إلى المجالس السياسية في لبنان.

وبعيداً عن بيروت وأجوائها، التقى الرئيس سعد الحريري، في باريس، وزير الخارجية الأميركي، جون كيري. انحصرت أجواء اللقاء في عنوانين: ضمان الاستقرار الأمني في لبنان والإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية.

وفي هذا الإطار، يؤكد مطلعون على أجواء الحريري، لـ"العربي الجديد"، أن "كيري حمل معه حسم الإدارة الأميركية لإسقاط اسم رئيس تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون، من معادلة الرئاسة".

ويضيف المطلعون أنّ "كيري اعترف بوجود إشارات خاطئة كانت تصدر عن السفارة الأميركية في بيروت، عمل في وقت سابق على إعادة تصويبها". ويشير مسؤولون في تيار المستقبل إلى تراجع حركة السفير الأميركي في بيروت، دافيد هيل، الذي نشط في الأشهر الماضية على خط التواصل الأسبوعي مع عون وأعوانه، أبرزهم وزير الخارجية جبران باسيل.

أما أجواء تكتل التغيير والإصلاح، فهي مستمرة في طرح اسم عون لرئاسة الجمهورية، على الرغم من صعوبة الأمر على صعيد الأرقام النيابية، واستحالته على صعيد التحالفات السياسية. ولا يزال تمسك عون بأمل الوصول إلى الرئاسة، يدفعه إلى تقديم الكثير من الاقتراحات، منها تقريب موعد الانتخابات النيابية، إذ تنتهي ولاية المجلس الحالي في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014.

وتقول النظرية العونية، في هذا الإطار: "إنّ التيار الوطني الحر قادر على قلب المعادلة الحسابية في الانتخابات المقبلة". ويقول أحد النواب المقربين من عون، لـ"العربي الجديد"، إنّ "التكتل ينتظر انقلاباً انتخابياً في ثلاث دوائر رئيسية، هي بيروت الأولى (خمسة نواب)، وزحلة (سبعة مقاعد)، والكورة (ثلاثة مقاعد)".

وتضيف مصادر 8 آذار أن عون استطلع أجواء حلفائه، تحديداً حزب الله، الذي لم يبدِ أيّ معارضة لطرح عون على الرغم من عدم اقتناع مسؤوليه بدقته. ويشير مقربون من الحزب إلى أنّ "مقاربة عون للاستحقاق النيابي ليست جدية، ولا تؤمّن الانقلاب النيابي المطلوب لفوزه في رئاسة الجمهورية (أي تأمين أصوات ثلثَي المجلس النيابي المؤلف من 128 نائباً)".

ويضيف هؤلاء أنّ من شأن تقديم الانتخابات النيابية على الانتخابات الرئاسية، أن تضع البلد في مأزق سياسي ودستوري أكبر، على اعتبار أنه مع انتخاب مجلس جديد، تصبح الحكومة محصورة بتصريف الأعمال، وعاجزة عن إصدار المراسيم، بالإضافة إلى شغور موقع الرئاسة الذي يمنع تنظيم استشارات نيابية وتكليف رئيس حكومة. هذا مع العلم أنّ سفراء أوروبيين بعثوا لعون أكثر من رسالة تصف طرحه في تقديم موعد الانتخابات النيابية، بـ"الخيار السياسي القاتل"، بحسب ما نقل أحد الدبلوماسيين لـ"العربي الجديد".

يقف مسؤولو تيار المستقبل مكتّفي الأيدي أمام الطرح العوني. باختصار، هم "غير مستعجلين، ولو أنّ أفكار عون غير صائبة وحساباته خاطئة"، على حد تعبير أحدهم. حتى أنّ المستقبليين يرفضون أي مناقشة جدية لإقرار قانوني انتخابي جديد، وبالتالي، بشكل أو بآخر، هم سيعطلون طلب عون، ويعملون على ضرب طموحاته الرئاسية من جديد.

يقول عدد من المطلعين على أجواء النقاش الرئاسي المتأخر وغير المنتج، حتى الساعة، إنّ المشكلة الرئاسية لا تزال تكمن في عدم اقتناع عون باستحالة وصوله إلى القصر الرئاسي. وحتى يقتنع بذلك، يجب أولاً انتظار نتائج الصراعات، بين نوري المالكي والعشائر العراقية، وبين إيران والسعودية، وبين حزب الله و"داعش"، علّها تقدّم شيئاً جديداً أو وصفة سحرية لإنهاء أزمة الشغور الرئاسي اللبناني.