20 سبتمبر 2024
قاطعوا المهزلة .. تزوير الانتخابات وتوريث المؤسسات
تمثّل مقاطعة الشباب المصري الانتخابات الرئاسية، والدعوة إليها، مثلما قاطع مسرحية الاستفتاء على وثيقة الدم، رسالة قاطعة واضحة، للاعتراض على منظومةٍ، تتعلق بالدولة الفاشية العسكرية، أو الدولة القمعية البوليسية.
ويعبّر الشباب، في الرسالة، عن أنه لا يمكن قبول عودة هذه الأشكال بعد ثورة 25 يناير، بما تحمله من أهداف ومكتسبات، وفي إطار يشهد القاصي والداني فيه بعودة منظومة أمنية، أسوأ من التي كانت في عهد الرئيس المخلوع قبل الثورة، إنه إعلان الشباب مقاطعة تزوير المجتمع وتزوير الانتخابات.
ومن الأسباب الداعية لمقاطعة هذه الانتخابات معرفة نتائجها مسبقاً، وقد تندر بعضهم، بالقول إننا أمام صيغة "المرشح الرئيس"، أو "الرئيس الفعلي المرشح"، ما يشير إلى مهزلة انتخابية، وحالة تزويرية ممتدة، لا تتعلق فقط بالتزوير في الصناديق، لكنها انتخابات مزورة، لأنها قامت على قاعدةٍ انقلابيةٍ مزورة. مرة أخرى، إننا أمام انتخابات في مصر أسوأ من طبعة الانتخابات للرئيس المخلوع، ولا يمكن مقارنتها بانتخابات الرئاسة في العام 2012، وبما تشير إلى التمكين لشخصيةٍ، صنعها الإعلام، في سياق أحداثٍ مصطنعة في "سهرة يونيو" و"انقلاب يوليو". قاطعوا..إنها المهزلة.
كيف يمكن إقرار اللص على سرقته واغتصابه، ثم يدعوك إلى التنازل في الشهر العقاري عن حقك؟ إنه التزوير المركب، تزوير الحق والحقيقة، تزوير الرضا، وتزوير يتعلق بإقرار الباطل، فهل هذا يصنع حقاً، أو يضيع حقاً؟ إنها حقارة الذين يزورون على الحقيقة، ويرون في الانتخابات وصناديقها مثل غسلِ الأموال الحرام والأفعال السياسية الحرام. وشرعنة ما ليس شرعياً، واغتصاب الحقوق لا يكونا إلا باطلاً، هي مسيرة التزوير التي تبدأ بالانقلاب الذي هو تزوير على الحقيقة، وتنتهي باستفتاءاتٍ، أو انتخاباتٍ، لتشكل غطاءً مزوراً لاغتصاب محقق. قاطعوا.. إنها المهزلة.
ويعبّر الشباب، في الرسالة، عن أنه لا يمكن قبول عودة هذه الأشكال بعد ثورة 25 يناير، بما تحمله من أهداف ومكتسبات، وفي إطار يشهد القاصي والداني فيه بعودة منظومة أمنية، أسوأ من التي كانت في عهد الرئيس المخلوع قبل الثورة، إنه إعلان الشباب مقاطعة تزوير المجتمع وتزوير الانتخابات.
ومن الأسباب الداعية لمقاطعة هذه الانتخابات معرفة نتائجها مسبقاً، وقد تندر بعضهم، بالقول إننا أمام صيغة "المرشح الرئيس"، أو "الرئيس الفعلي المرشح"، ما يشير إلى مهزلة انتخابية، وحالة تزويرية ممتدة، لا تتعلق فقط بالتزوير في الصناديق، لكنها انتخابات مزورة، لأنها قامت على قاعدةٍ انقلابيةٍ مزورة. مرة أخرى، إننا أمام انتخابات في مصر أسوأ من طبعة الانتخابات للرئيس المخلوع، ولا يمكن مقارنتها بانتخابات الرئاسة في العام 2012، وبما تشير إلى التمكين لشخصيةٍ، صنعها الإعلام، في سياق أحداثٍ مصطنعة في "سهرة يونيو" و"انقلاب يوليو". قاطعوا..إنها المهزلة.
كيف يمكن إقرار اللص على سرقته واغتصابه، ثم يدعوك إلى التنازل في الشهر العقاري عن حقك؟ إنه التزوير المركب، تزوير الحق والحقيقة، تزوير الرضا، وتزوير يتعلق بإقرار الباطل، فهل هذا يصنع حقاً، أو يضيع حقاً؟ إنها حقارة الذين يزورون على الحقيقة، ويرون في الانتخابات وصناديقها مثل غسلِ الأموال الحرام والأفعال السياسية الحرام. وشرعنة ما ليس شرعياً، واغتصاب الحقوق لا يكونا إلا باطلاً، هي مسيرة التزوير التي تبدأ بالانقلاب الذي هو تزوير على الحقيقة، وتنتهي باستفتاءاتٍ، أو انتخاباتٍ، لتشكل غطاءً مزوراً لاغتصاب محقق. قاطعوا.. إنها المهزلة.
لا تتعلق الانتخابات، في حالة التزوير، بتزوير النتائج وعليها، وإنما بالتوظيف الزائف الذي لا يعبر عن إرادة الشعب، بل هي، في حقيقتها، تعبير عن إرادة العسكر، تفتح الطريق إلى الصناديق بالسلاح، واختطاف الرئيس المدني المنتخب، وتقتل وتعتقل، وصولاً إلى الصناديق، وكأن الطريق إلى الصناديق ممهدة بالقتلى والمعتقلين، وبالخنق والحرق.
الذهاب إلى الصناديق في مجتمع مروعٍ، أدخلته صندوق الخوف، قبل أن تدفعه إلى صناديق الانتخاب، تزوير للحقيقة، لأنها حالة إرغام للإرادة، بالتزوير عليها. هل يمكن أن يكون الطريق إلى صندوق الانتخابات مروراً بصناديق الذخيرة وعلى دماء الشهداء واعتقال الطلقاء؟ قاطعوا.. إنها المهزلة.
إنها انتخابات التزوير، بما تحمله من مصالح زائفة، تمثلها قوى الثورة المضادة ودولة الفساد العميقة، تتحرك وقائعها في أجواء التزوير وتزوير الأجواء. وتستدعي صناعة الفرعون كل أنواع التصويت الباطل، في جوهره المبرر في شكله ومظهره، الصوت الواحد، والصوت المخادع، والصوت الخائف والمرتعب، والصوت الخانع، والصوت الجاهل، والصوت الغافل، ضمن صناعة إعلامية في مصانع الكذب، تقوم على صناعة الرضا الكاذب، صوت مغيب غائب، تشوبه كل العيوب، من إكراه وغش وتضليل وتدليس. إنها أجواء التزوير وتزوير الأجواء. قاطعوا.. إنها المهزلة.
إنها انتخابات التزوير. الطريق إلى الصناديق مزروع بعورات كثيرة، حينما يسند طبع البطاقات الانتخابية لمطابع الشرطة بعنوان "حاميها حراميها". الشرطة التي تروّع وتعتقل وتقتل، هي ذاتها التي أوكل إليها طبع الاستمارات الانتخابية من دون رقابة. وكذا الجيش سيقوم على تأمين الانتخابات، مساعداً الشرطة في هذا المقام. ووجه العجب في ذلك، هذه المرة بالذات، أن يؤمن الجيش انتخابات مرشحه العسكري، وتكتمل الحلقات بقضاءٍ انخرط فى مساحات السياسة، بأحكامه المروعة، وإعلاناته المتكررة مواجهته فصيلاً، يصفّي معه حساباً مضى. بين مؤسسات الدولة العميقة بأجهزتها الإدارية ومؤسسات الإشراف على الانتخابات ومؤسسات حمايتها وطبع أوراقها، تصير العملية الانتخابية تحت نظر الدولة العميقة والثورة المضادة، بعد ما صارت الانتخابات، والحال هذه، شأناً أمنياً لمرشح العسكر ومؤسسات القوة. .. قاطعوا إنها المهزلة.
هذا عن التزوير بكل امتداداته، فماذا عن التوريث. كيف يمكن القول إن التوريث ومنظومته عاد من جديد؟ هل انتهت لعبته، بعد مبارك المخلوع وابنه جمال، في مشروع التوريث؟ التوريث لم يعد من أبٍ لابن. ولكن، في واقع الأمر، دولة عميقة تورّث بعضها. إنها عصبية المصالح. ويتفوق ابن خلدون، مرة أخرى، في معنى العصبية، وسعته واتساعه، ليشمل تجمع المصالح التي تعمل ذات عمل عصبية الدم أو النسب. إننا أمام توريث المؤسسات التي تجمع بين ما تجمعه المصالح وما يشير إليه توريث الوظائف للأبناء في بعض مؤسسات القضاء والجامعات، وكذلك المؤسسات الأمنية، والمؤسسات في إطار عسكرة الدولة والمجتمع، والمؤسسات ذات الخصوصية التي تشكل مفاصل الدولة المحكومة بمسار توريث السلطات، توريث أنماط التكنوقراط والبيروقراط، لتجور على كل مساحات الديموقراط. وفي كل الأحوال، إنه ميراث وتوريث الدولة العميقة... قاطعوا إنها المهزلة.
توريث المؤسسات يعني، ضمن ما يعني، خصوصاً في المؤسسات المسماة سيادية، الاستناد إلى مفهوم رجل الدولة، ليكون مقياساً يستبعد به كل ما لا ينتمي إلى أهل الدولة، بينما يكون ذلك مدخلاً للوساطة والمحسوبية. الدولة، وفق هذا المفهوم، هي التي تختار من يمثلها. الشعب لا يختار من يمثله، والكفاءة المهنية ليست المعيار في الجدارة والاستحقاق الوظيفي.
وفقاً لهذه الرؤية، كان واحداَ من أهم المبررات لمن يحتكرون اسم "أهل الدولة"، ويحددون من يقع تحت هذا الاسم، استبعاد المنتخبين، بدعوى عدم صلاحيتهم، إنهم ليسوا رجال الدولة، إنهم لا يعرفون مقتضيات الحكم. أهل الحكم إنما يتمثلون في العسكر، ومن اتُفق على من يصلحون لذلك. إنها، في الحقيقة، صيغة تتضمن تحديد المواصفات، بل وإعادة تشكيل الموظف العام، وفقاً لمقتضيات الدولة العميقة، وشبكات فسادها، وقوى مصالحها. إنها مسوغات التعيين غير المعلنة، وإنْ تعارف عليها أهل الدولة. قاطعوا.. إنها المهزلة.
لابد أن يثير ذلك، أيضاً، مسألة شديدة الخطورة، هي عسكرة المدني والغطاء المدني للعسكرة، وكيف يبدو هؤلاء في إطار عسكرة الدولة، بعد أن فتحوا نيرانهم على أخونة الدولة، فماذا عن عسكرتها؟ إنه إقرارٌ باغتصاب الدولة، بدعوى أنهم من الدولة، أو أن الرئاسة ليست لعبة، لن يسمح لأحد أن يأتيها من أبوابها. هي خالصة لهم، بما يشكلون من أخذهم الرئاسة بأنفسهم، أو بإقرارهم بأنها مسائل غاية في الخطورة، تعبّر عن أقصى درجات عسكرة السلطة، وإقرار ذلك من بعض هذا الشعب، والقوى المدنية التي لم تجد مشكلة في أن تأتي على ظهور دبابات العسكر. قاطعوا.. إنها المهزلة.
توريث الطبقات داخل مؤسسات الدولة، فى إطار أمور صارت أقرب إلى الشعارات. هؤلاء ممن ليسوا من أهل الدولة، أو من أهل الطبقة، يقعون تحت وصف "غير لائق اجتماعياً"، يسدّون أفق الترقي والحراك، مهما كان الشخص متميزاً، أو متسما بالكفاءة. ضمن هذا المسار، يبرز توريث النموذج الذي يحكم علاقات الاستبداد والفساد والتبعية، الحفاظ على إعادة إنتاج النموذج، واستمراره، وكأنه النموذج الخالد. كما أن التوريث يشير إلى ميراث تأميم الدولة العمليات والعلاقات والخطابات، بل وتأميم الفاعليات المجتمعية. كما تقوم به وزارة الأوقاف الانقلابية، في مصر، في مجال الدعوة والإدارة الأمنية للمساجد والخطاب الديني، ويتواصل ذلك مع تأميم كل ما يتعلق بالإعلام والثقافة والتعليم محتوى وهدفاً. قاطعوا ..إنها المهزلة.
ويترافق مع ذلك ميراث المقولات في الداخل، باستهلاك مفهومٍ زائفٍ للاستقرار، تحاول المنظومة الانقلابية تسويقه، مثل "الاستقرار فوق الحرية والعدل". ومقولة الأمن ومكافحة العنف والإرهاب المحتمل كلها تصب فى هذا الاتجاه، لتأمين الاستبداد والممارسات القمعية والبوليسية، وتسويغ الفاشية العسكرية، حتى إنها قد تُؤوّل كل ما يتعلق بالديمقراطية والدستور والقوانين، بحيث تؤمم هذه الكلمات ضمن سياسات الاستبداد، فتتحكم الدولة العميقة في التأويلات والتفسيرات، ويرتبط بذلك تبرير الاستبداد في الداخل، وتمرير سياسات التبعية مع الخارج، فى إطار من الدونية والتبعية، مغموساً في مسالك التسول والمعونات. قاطعوا..إنها المهزلة.
ها هي المنظومة الانقلابية تورّث كل نظام الأفكار الذي يمكّن للاستبداد بيئة وعلاقات. حالات التوريث تكره الإبداع والتعددية والعقل المنفتح، والشباب بما يمثله من آمال المستقبل وطاقات التغيير، بينما حالة التوريث المؤسسي تليق بعقلية العسكر والأساليب العسكرية، من التقاليد والتكرار والقوالب الجامدة والوراثة الدائمة، المنظومة تُقام، والحالة هذه، على التوريث الذي تحافظ فيه على المجتمع الجامد والمتكلس، وإعادة تشكيل العلاقة بين المجتمع والدولة، ضمن مسارات التوريث والتجميد وهندسة الإذعان. قاطعوا.. إنها المهزلة.
بين خيار الانقلابات وتزوير الانتخابات وتوريث المؤسسات، تبدو تلك الحقيقة: مسار صناديق الذخيرة لا يمكن أن يؤدي إلى طريق صناديق الانتخابات.