فرحة المصري

08 فبراير 2017
+ الخط -
عدم اكتمال الفرحة أمر اعتاده المصري القديم وكذلك المعاصر، ففي أوج الإنتصارات والإنجازات كان الإخفاق والفشل. نعم خيبة الأمل تلاحقنا، ونحن في نشوة النصر والغبطة، وهذا أمر تاريخي لا يماري فيه إلا كلّ معاند، ولا علاقة للأمر بحظ أو سوء طالع، ولكنه عدم الحيطة والحذر والبعد عن المنهج العلمي الذي يفرض سد الثغرات وتلافي المشكلات والبعد عن احتمالات الوقوع فيما لا يجب الوقوع فيه.
إتقان العمل وجودته والتمكّن من أدوات النجاح وأسباب التفوّق من أبجديات الفائزين والفائقين الذين أعدّوا أنفسهم وتجنّبوا مواقع الزلل والقصور، ومواطن الضعف التي قد تجلب التردّي والويل والثبور.
لن أتحدث عن خسارة مصر أمام الكاميرون وضياع الكأس، بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من فريقنا القومي الذي لم يكن أفضل الفرق، فاللياقة البدنية والمهارة الهجومية والخطة الدفاعية الإنكماشية كلّها أمور ليست في صالحنا، ولم تسعفنا ولم تبل ريق المتعطشين لإنجاز يعيد ثقة المصريين في حناجرهم المتأهبة للصراخ، وفي أحضانهم المستعدة للعناق والشعور بالدفء ونشوة الإنتصار الكروي المجيد.
لن أتحدث عن إنتصار السادس من أكتوبر عام 1973، وكيف أنّ فرحته تكدّرت ونشوته تعكرت بعد أن قام شارون بما قام به من عمل، جعله يعبر بقواته غرب قناة السويس فيما عرف بثغرة الدفرسوار الذي أفسد حلاوة النصر في الحلوق.
لن أتحدث عن ثورة 25 يناير 2011 وعدم تحقيقها ما أرادت تحقيقه.
ولن أتحدث عن أحداث أخرى ومواقع شتى، كلّها تشي وتنضح بعدم اكتمال الفرحة وإصابة الحلق بالغصة والحسرة، ولكني سأتحدث عن عنوان مسرحية بديع خيري "إلا خمسة" التي تبيّن في قالب كوميدي يتألق فيه نجيب الريحاني، ومن بعده عادل خيري، حيث يوضح العمل المسرحي أنّ نقص العمل والتأخير خَمْسَة دقائق قد يكبّدنا أضراراً ويجشّمنا متاعب وإخفاقات كنّا في غنى عنها، وأنّنا لو بكرنا خمسة واحتطنا لأنفسنا وتبيّنا مواضع أقدامنا ومواطن قوتنا، واتخذنا ما يتخذه المنتصرون الفائزون من خطوات وإجراءات بعد وضع الرؤية ومعرفة الإستراتيجية والمران على الإنجاز حتى ندمن التفوّق ونتجرّع الفوز شريطة أن نتخلّى نهائيا عن ثقافة وسلوك يوصفان دائما ويؤخذ عليها أنهما "إلا خمسة".
D5C2955D-3637-43C9-BD92-DB9A172AFFDE
D5C2955D-3637-43C9-BD92-DB9A172AFFDE
طارق البرديسي (مصر)
طارق البرديسي (مصر)