عن التكنولوجيا التي غيّرت علاقتنا بالموسيقى

04 يناير 2017
أثّرت التكنولوجيا على الموسيقيين بشكل عميق (جاستن ساليفان/Getty)
+ الخط -
"ساعدت التكنولوجيا في دخول الموسيقى إلى عالم البصر ودرجة الحرارة والشعور والروائح وخلق تجربة لجميع الحواس"، هذا ما تقرره دراسة نشرتها مؤخراً كلية "فريد فوكس للموسيقى" بجامعة أريزونا الأميركية، تحت عنوان "أربعة أسئلة حول الطبيعة المتغيرة للموسيقى والمهرجانات الموسيقية". تناولت الدراسة وسائل البث المباشر للموسيقى ودور الإنترنت والتكنولوجيا الرقمية في توسيع وجهات النظر وتجديد الرؤى الفنية للموسيقيين والنقاد والجماهير.

يقول براين مون، وهو خبير في اتجاهات الموسيقى الشعبية والتقاليد الموسيقية، إن وسائل تكبير الصوت الحديثة، على سبيل المثال، أسهمت في إقامة حفلات هائلة الحجم في الهواء الطلق، وظهر أثرها الكبير في المهرجانات الضخمة المتعددة حول العالم، كما أن تكنولوجيا وسائل السوشيال ميديا أسهمت أيضا في إنشاء روابط وتواصل بين المعجبين لتوثيق تجاربهم مع الاحتفالات والمهرجانات، وخلق وسائل جديدة لجذب الانتباه نحو ما يريدونه.

تؤكد الدراسة أن التكنولوجيا أثرت في الموسيقيين أنفسهم، فما زلنا نكتشف كل يوم مدى ما صنعته التكنولوجيا بالموسيقى، في السنوات الخمس الماضية. عدد الزائرين لصفحة فرقة موسيقية على ويكيبيديا يمكن أن يخبرنا عما إذا كانت هذه الفرقة ستزدهر في العام التالي أم لا. كما أصبحت شركات تحليل الفرق الموسيقية وأدائها والتوقع بالنتائج المستقبلية تتوجه لليوتيوب لجمع البيانات التحليلية من مقاطع الفيديو التي تنتشر من الموسيقى التي عزفتها الفرقة.

كما أصبحت تطبيقات الهواتف النقالة والأجهزة اللوحية مثل "شازام" أو "أنغامي" وغيرهما تقدم سجلا موثوقاً للمتعهدين ووكلاء الفنانين وشركات التوزيع عما إذا كان الفنان أو المطرب المقصود بالبحث سينطلق في الفترة المقبلة أم سيتراجع. هذه التطبيقات المتوافرة لدى الجميع أصبح بمقدورها توضيح المناطق المعينة التي سينتشر فيها فنان محدد أو أنواع من الموسيقى بعينها؛ مما يجعل الوكلاء الفنيين قادرين على إعادة توجيه الفنان والموسيقى وتطويرهما من أجل مزيد من التوسع والانتشار.
لقد صار الأمر مختلفاً تماما عما كان عليه قبل عصر الإنترنت والسوشيال ميديا وتطور أجهزة الاتصال؛ لأن التكنولوجيا خلقت البيانات التي يمكن لصناعة الموسيقى الاعتماد عليها لمعرفة الذوق الحقيقي للجماهير المختلفة، وعدم الاكتفاء بالحدس أو الغريزة الفنية فقط. في الماضي كان موزعو التسجيلات يعتمدون على التخمين لمعرفة ما إذا كانت أغاني المطرب ستنجح وتنتشر أم لا. وكان ذلك يقود نحو تكرار النمط الموسيقي الذي ينجح، واطراد الإنتاج بتلك الطريقة. أما الآن فقد صار من الممكن لألبوم جديد وحيد، يعبر عن اتجاه موسيقي غير مألوف، لفنان غير معروف؛ أن يحقق نجاحا كبيرا، مخالفاً توقعات الوكلاء التقليديين.
التنزيلات على الإنترنت ومدى اهتمام المستخدمين باللحن المنشور توفِّر أدلة حاسمة على مدى النجاح الذي سيحققه، وكذلك يمكن الاعتماد عليها لمعرفة العصر الموسيقي الذي نحن مقبلون عليه واتجاهاته المستقبلية.
المساهمون