ضحايا تونس في انتظار العدالة الانتقاليّة

31 ديسمبر 2014
قوى أمنية في تونس العاصمة (هيثم مهدي/ الأناضول)
+ الخط -
حمل قانون العدالة الانتقالية في تونس مضامين ما زالت غامضة بالنسبة إلى المواطن بعض الشيء. لذلك، حمل المجتمع المدني على عاتقه شرحه وتحديداً للضحايا، بخاصة أنه المسؤول عن متابعة تطبيقه اليوم والتحقيق في انتهاكات الماضي. في السياق، يقول عضو المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب والمكلف بمشروع العدالة الانتقالية، مؤمن الجلاصي لـ"العربي الجديد"، إنّ "المشروع الجديد انطلق أخيراً على خلفية اتفاق بين المنظمة ومحامون بلا حدود (بلجيكا)". يلفت إلى أن المشروع يهدف إلى "توعية ضحايا التعذيب وتحسيسهم بضرورة تقديم الملفات إلى هيئة الحقيقة والكرامة، التي أنشئت انطلاقاً من قانون رقم 53 لسنة 2013. بدورها، تقوم الهيئة بالنظر فيها وإحالتها إلى دوائر قضائية متخصصة، من أجل تقدير الأضرار المادية والمعنوية".

عدالة
ويوضح الجلاصي أن المشروع يهدف إلى تحقيق العدالة الانتقالية، وسيركز على ضحايا الانتهاكات والتعذيب من الأول من يونيو/حزيران عام 1955 وحتى عام 2013، لتحديد الانتهاكات وصولاً إلى المساءلة والمحاسبة ثم المصالحة. يضيف أنه "لا يمكن أن يكون ثمّة انتقال ديموقراطي من دون عدالة انتقالية ومصالحة مع تاريخ تونس. والحديث عمّا حصل في الحقبتين البورقيبية والنوفمبرية، مع التركيز على الضحية باعتباره المتضرر الرئيسي ضمن التعريف الذي أورده الفصل 8 من قانون العدالة الانتقالية، والذي ينص على أن يتم التحقيق في الانتهاكات المتعلقة بالقتل العمد والاغتصاب والتعذيب والاختفاء القسري والإعدام، من دون توفر ضمانات المحاكمة العادلة".

ويتابع الجلاصي أنه "لا بد من تفعيل هذا القانون وإشراك الضحايا والإيمان بالعدالة الانتقالية"، لافتاً إلى أنه "تم تحديد خطة من خلال الاتصال المباشر بالضحايا الذين يشملهم القانون، بالإضافة إلى تنظيم ندوات بمشاركة الذين تعرضوا للتعذيب. وذلك بهدف تفسير طريقة عمل هيئة الحقيقة والكرامة والآليات القانونية للتعامل مع هذه الملفات". ويوضح أنه "تم إنجاز دليل قانوني مبسط باللهجة العامية التونسية ليوزع على المواطنين وبخاصة ضحايا التعذيب، بهدف فهم قانون العدالة الانتقالية وطريقة عمل هيئة الحقيقة والكرامة والصلاحيات التي تتمتع بها".

على صعيد آخر، يشير الجلاصي إلى أنه "تم الاتفاق ضمن هذا المشروع على أن يتم التدخل في المناطق المهمشة والمحرومة لأكثر من نصف قرن، بشكل أساسي. عليه، فإن أولى المحافظات التي ستشهد إطلاق ورش عمل وندوات حول العدالة الانتقالية وآلياتها، هي القصرَين التي ساهمت بشكل كبير في الثورة وسقط فيها عدد كبير من الشهداء. والثانية هي محافظة الكاف، تليها تونس الكبرى في 14 يناير/كانون الثاني المقبل، تزامناً مع ذكرى الثورة، مع إمكانية الوصول إلى محافظات أخرى لتفعيل البرنامج نفسه".

تجارب أخرى
ارتبط مفهوم العدالة الانتقالية بتجارب مماثلة شهدتها بلدان أخرى مثل المغرب، بالإضافة إلى دول أفريقية وأوروبية. في هذا السياق، يبين الجلاصي أنه "تمت الاستعانة بتجارب هذه الدول لإعداد برنامج العمل، بخاصة المغرب الذي عرف العدالة الانتقالية عن طريق ما يُسمى بهيئة الإنصاف والمصالحة التي تقابلها هيئة الحقيقة والكرامة في تونس". ويشير إلى أننا "سنحاول الاستفادة من المشاكل التي واجهتها هيئة الإنصاف والمصالحة في ملفات التعذيب".

كذلك، يلفت الجلاصي إلى أنه "سيتم تقديم مساعدة قانونية للضحايا عن طريق توضيح المسلك القانوني لكيفية تقديم الملفات لهيئة الحقيقة والكرامة، بالإضافة إلى مشروع العدالة الانتقالية". يضيف "نملك في المنظمة ملفات عدة تعود إلى زمن البورقيبية، وستكون ضمن الملفات التي ستعرض على هيئة الحقيقة والكرامة بدعم من الضحايا".

على صعيد آخر، يقول الجلاصي إن منظمة محامون بلا حدود أقامت دورات تدريبية عدة للمحامين في قانون العدالة الانتقالية، مشيراً إلى أن المتابعة ضرورية من قبل المشرفين على المشروع، سواء المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب أو محامون بلا حدود، لمعرفة نتائج التحقيقات وتقييم مدى جدية هيئة الحقيقة والكرامة والتزامها بهذا الملف.