صناعة الإباحية

19 يونيو 2014
+ الخط -
إنها صناعة جديدة، شيقة، ومنتجها يزعم بأنها للكبار فقط، وكأن الفيلم لن يدخل ليراه كل شاب مراهق، مفعم بالهرمونات المتسارعة، عندما يسمع في غلاظة صوته ما يؤهله لمشاهدة هذا الجسد أو ذاك، أقصد هذا الفيلم أو ذاك. لقد انتقلنا في مصر من عصر صناعة السينما الذهبي، إلى عصر صناعة الإباحية.
عزيزي المخرج/ة المبتدئ/ة، احجز نسختك الآن من كتيب "كيف تصنع فيلماً إباحياً"، وإليكم بعض مما يحتويه، ابتداءً من كيف تستخدم الكم الأمثل من الجسد البشري، في كل لقطة على حدة، وكيف توظف الإيحاءات الجنسية بكفاءة، وصولاً إلى كيف تستخدم أكبر قدر من الشتائم، والألفاظ غبر اللائقة، في كل سطر من الحوار بين الشخصيات.
هناك أسطورة زائفة، يعتمدها صانعو الأفلام المصرية، مفادها بأنه على قدر العري في كل مشهد يكون الفيلم ناجحاً، والمخرج متمكناً في نقل صورة حية من الواقع الذي نعيشه. وعلى الرغم من أنه حاولت موجة أخرى اعتلاء المشهد السينمائي، عبر قياس مقدار اللون الأحمر والدم الزائف المتطاير من الممثلين في أثناء الفيلم، إنما يرجع دائماً المخرجين إلى صوابهم، ويعودون إلى مصدر الدخل الأول في السينما المصرية، وهو كمية اللقطات المختلفة للجسد العاري لهذه الممثلة أو تلك، ومشهد ممارسة الجنس القصري، والذي تكون فيه الممثلة شبه العارية ضحية "غلبانة" للوحش المفترس، وهو الممثل بطل المشهد.
الإبداع حالياً تخطى هذه المرحلة، لندخل في مرحلة جديدة، هي استخدام الأطفال والمراهقين، في تزويد الفيلم بالمشهيات الكافية، من أجل تحقيق الأهداف التسويقية لمنتج الفيلم ومخرجه، لأنهما، في آخر المطاف، يستهدفان الفئة العمرية نفسها، أي المراهقين، بالإضافة إلى كل شاب، أو رجل مكبوت، قد يدخل السينما لمشاهدة مثل هذه الأنواع من الأفلام.
أصحاب الفلس الإبداعي، وفاقدو الموهبة الحقيقية، الذين لا يرون من صناعة السينما غير الإباحية، تغافلوا عن تعلم الحرفيات الحقيقية لهذه الصناعة، فأنصحهم بالتركيز على المهنية، والحرفية وملاحقة الإبداع، ومحاولة تشرب النجاح من أرباب هذه المهنة، عوضاً عن الارتزاق من منتجات رخيصة.
لا تعتمد الأفلام الإبداعية بشكل أساسي على العري، إلا إذا كان الفيلم نفسه من نوعية "البورنو"، وهذه صناعة أخرى بحد ذاتها، لا علاقة لها بصناعة السينما الإبداعية، فعندما نستخدم توصيف الإبداع، إنما نقصد به الإبداع في كل تفصيلة صغيرة في الفيلم، من إضاءة وتصوير، ومؤثرات صوتية وبصرية وديكورات، وموسيقى الفيلم والأغاني المصاحبة لمشاهده، أيضاً في الملابس وتوظيفها مع الحبكة الدرامية للفيلم. كل هذه العناصر المختلفة يتم توظيفها بحرفية شديدة للخروج بالفيلم في شكله الإبداعي الأخير، الذي يستطيع أن يبهرنا، ويتسبب في أن يجول الفيلم بلداناً كثيرة، على اختلاف ألسنتها.
يا أصحاب المواهب الحقيقية، أخرجوا إلى النور، فلقد ضج المجتمع من كمية الفظاظة والإباحية التي يطعمنا إياها فاقدو الموهبة، وأصحاب الفلس الإبداعي في الأفلام السينمائية، أو في الدراما التلفزيونية، صاحبة المأساة العظمى. نحن في انتظاركم، لتخرجوا بنا من هذا المستنقع، ولتقدموا ما يثري عقولنا ويرفع همتنا.
C8974F6C-8B65-4313-A5B8-B507374C6DE5
C8974F6C-8B65-4313-A5B8-B507374C6DE5
منى الكيال (مصر)
منى الكيال (مصر)