شواطئ وهران... أو الحلم الإسباني حين يتبخّر

03 مايو 2014
520 فُقِدَ أثرهم في السنوات الأخيرة
+ الخط -
باتت شواطئ محافظة وهران، التي تبعد 450 كلم غرب العاصمة الجزائر، بابا للحلم بالانتقال من الضفّة الأفريقية إلى الضفة الأوروبية. هناك يحاول مهاجرون غير شرعيين الإقلاع نحو السواحل الإسبانية على قوارب حطّمها الموج العاتي أكثر من مرّة.

وتؤّكد نائبة رئيس "جمعية مفقودي البحر"، في وهران، وهي جمعية غير حكومية، أنّه "في السنوات العشرة الأخيرة شهدت شواطئنا محاولات عديدة للهجرة غير الشرعية، بعض المهاجرين وصلوا إلى إسبانيا، وبعضهم هلك في عرض البحر، لكن ما يحزّ في نفسي أولئك المفقودون، الذين لم يظهر لهم أثر منذ سنوات، وعددهم 520 لا نعرف إن كانوا أحياء أو في عداد الموتى"، قالت في حديث لوكالة "الأناضول".

وتشكل شواطئ كريشتل، عين فرانين، وعين الترك، في محافظة وهران، مقصدا للراغبين في خوض المغامرة البحرية أملا في بلوغ إسبانيا، أبطالها شبّان جاؤوا من المحافظات الغربية المجاورة، مثل معسكر وسعيدة وغليزان وتيارت، بحسب ضابط بفرقة للدرك الوطني في وهران.

الشاب خالد فلاق (21 عاما) يأتي من محافظة غليزان (300 كلم غرب الجزائر العاصمة) روى لـ"الأناضول" تفاصيل إبحاره برفقة 11 شخصا على متن قارب: "قصدت شاطئ كريشتل، شرق وهران قبل 4 سنوات، وكان عمري آنذاك 17 سنة، لقد وصلنا المكان في الصباح الباكر برفقة 11 شابا، وامتطينا قاربا. البحر كان هادئا، لكن تملّكنا الخوف ونحن نشقّ عبابه على متن ذلك القارب، ومع ذلك تسلحنا بالصّبر لأننا كنا نريد وصول إسبانيا بأي طريقة". وتابع خالد: "بعد ساعات قضيناها في البحر وصلنا السواحل الإسبانية، وما إن دخلنا المياه الإقليمية حتّى رصد قاربنا خفر السواحل، الذين أوقفونا جميعا وأحالونا إلى مركز للهجرة غير الشرعية بمدينة ألميريا"، وهي تقع جنوب شرق إسبانيا.

وواصل خالد حديثه: "أنا محظوظ لأنّي الوحيد الذي لم يُرَحَّل فيما بعد إلى الجزائر، لأنني كنت قاصرا. فنحن القصّر تكفلت بنا جمعية خيرية". لكنّ خالد ينتقل إلى الشكوى من إسبانيا قائلا: "رغم المساعدات التي قدّمتها لنا إلا أنّنا أُصبنا بحالة من الإحباط لأننا كنّا نرى في إسبانيا الجنّة الموعودة، وما هي في الحقيقة إلا سراب، بالنظر إلى الظروف المزرية التي نتخبّط فيها بسبب قلّة فرص العمل". لهذا قرّر بعد أشهر قليلة العودة إلى الجزائر "والاستقرار هنا رغم الظروف الاجتماعية الصعبة".

كثيرون في الجزائر مثل خالد، من الذين منّوا أنفسهم بحياة أفضل في الضفة الأخرى، لكن سرعان ما تبخّرت أحلامهم، وعادوا إلى بلدهم، في حين قضى آخرون في عرض البحر، والبقية لم يصلوا ايا من الضفتين.

المساهمون