شلالات النيل الساحرة

شلالات النيل الساحرة

28 يونيو 2017
من شلالات النيل (Getty)
+ الخط -
هناك عنصران يميزان نهر النيل لمسافة تصل إلى 2000 كم بين الخرطوم وأسوان، هما الشلالات والانحناء العظيم. الشلالات أو الجنادل كما يسميها سكان النوبة، هي الأماكن التي يتراجع فيها النهر فوق الصخور ليشكل منطقة تمنع مرور القوارب صعودا وهبوطا بين أفريقيا الاستوائية ومصر.
وأفضل وصف للشلالات جاء على لسان "ونستون تشرشل" السياسي البريطاني الأشهر ورئيس الوزراء وقت الحرب العالمية الثانية، وذلك في كتابه "حرب النهر" الذي نشره سنة 1899، عندما كان في الخامسة والعشرين من عمره، ويسرد فيه محاولات البريطانيين ما بين عامي 1896 و 1898 للعودة إلى السودان بعد أن طردهم السودانيون عام 1885. يقول تشرشل: "حاول البريطانيون استعادة السودان بالسفن الحربية عبر نهر النيل، لذلك اهتموا جدا بالتعرف على كيفية تدفق المياه عبر الشلالات، فتلك المناطق يستحيل عبورها بالسفن إلا في أوقات الفيضان صيفاً ومن اتجاه المنبع في الأعلى إلى الأسفل نحو مصر، كانت الصعوبة كبيرة والخسائر يمكن أن تكون جسيمة.
الشلالات عددها ستة، وتتوزع على النهر ما بين شلال أسوان الواقع بين السد العالي وسد أسوان القديم، وهو الوحيد في الأراضي المصرية، ثم خمسة شلالات أخرى تقع في السودان، وهي: شلال وادي حلفا (شلال عيكة)، وشلال تومبوس (شلال حنك) أو الجندل الثالث قرب مدينة دلفو، وشلال خزان مروي (الأدربية)، وشلال بجراوية (شلال وادي الحمار) في امتداد نهر عطبرة، وآخرها نحو المنبع هو شلال السبلوقة (شلال جزيرة العشير) الذي يعد من الأماكن السياحية الجاذبة في السودان لكونه أول الشلالات بعد أن يقترن النيلين الأبيض والأزرق.

يصف تشرشل الشلال الثاني، وهو الآن مغمور تحت بحيرة السد العالي، بأنه يمتد لتسعة أميال طولا وعرضه إجمالا ستون قدما. ويتدفق النهر على الحواف المتعاقبة من الجرانيت الأسود القاسي، وخلال الفيضانات الصيفية يتدفق النهر بسرعة كبيرة لكن مع سطح هادئ لا يبين ما تحته من هياج واندفاع. ولا تستبين الحواف الجرانيتية إلا وقت انحسار الفيضان، وفي أثناء هذه الفترة – وفقاً لتشرشل - يتحول النهر إلى رغوة بيضاء كثيفة بسبب اضطراب الماء بين الصخور القاسية
بينما يوصف الشلال الثالث بأنه حاجز هائل تمتد مياهه لنحو 200 ميل، تنساب بنعومة قاتلة في كل المواسم. أما الشلال الرابع الذي يقع في صحراء المناسر فهو الأشد بأسا وبؤسا من صحراء المناسر نفسها. فتيار النهر ينكسر والقناة التي يشكلها الماء يربكها العدد الكبير من تكتلات الصخور الضخمة، فتندفع المياه مكونة شلالا خطرا على السفن. ويروي تشرشل عن محاولة السفينتين الحربيتين البريطانيتين "التب" (El Teb) و"تاماي" (Tamai) عام 1897 العبور والصعود أعلى النهر عند الشلال الرابع، وبرغم المساعدة من 200 من المصريين و 300 من رجال القبائل بالمنطقة؛ اكتسحت المياه السفينة تاماي وجنحت على جانبها، وكادت تنقلب بسبب اندفاع المياه. بينما تجمع 400 رجل ليساعدوا السفينة الأخرى التب، لكن المياه جرفتها أيضا وانقلبت رأسا على عقب وسحبتها المياه نحو المصب.
الشلال الخامس والسادس رغم خشونتهما فإنهما أهدأ من الشلالات الأخرى، ويمكن التنقل فيهما مع بعض الصعوبة ولكن على مدار السنة.



المساهمون