سلام على الياسين

سلام على الياسين

30 مارس 2014
+ الخط -

 من الأرض المقدسة؛ مد خطاً أو خطوطاً مستقيمة؛ وابتعد عن المنحنيات والدوائر، وما تشابه عليهم من خطوط متعرجة؛ ففي حالة الاستقامة فقط؛ ستعرف إلى أَي مدىً ستواجه ثورة الربيع العربي في كل قطر نوع التحديات وحجمها؛ وقابليتها للزيادة والتكثيف؛ أَو التوافق والمواءمة.

وفق موقفك، واستقامة خطك الممتد من هناك؛ حيث الأرض المقدسة؛ وحتى موطئ قدم كل ثورة، وكل ثائر، ستدرك هل العالم الذي يبيع لك "وهما"، وادعاءات لا تتوقف عن احترامه حريات الشعوب في اختيار من يحكمها، ومتى، وكيف، مستعد فعلاً لاحترام ثوريتك وثورتك؛ وإن كان لا يوافقك التوجه، أَو أَنه سيحكم عليك؛ وفقا لاستقامة الخط الممتد؟

هم لا ينكرون؛ ونحن نتطوع، ونبذل جهدا دؤوباً؛ لكي نرفع عنهم حرجاً لا يشعرون به؛ وهم يقيسون تعاطفهم مع أي من الثورات العربية؛ وفقا لمعيار أساس؛ هو القابلية للاعتراف بمغتصب الأرض المقدسة و"التطبيع" مع الكيان الصهيوني؛ أَو، على الأقل، التواطؤ و"الصهينة" عن جرائم إهلاك الحرث والنسل الفلسطيني؛ وعلى الهامش، بالتأكيد، ستكون هناك معايير أُخرى؛ يبدون فيها نوعاً من المرونة والاستعداد للتفاهم والتجاوب؛ فهم، في كل الأحوال، قادرون على تحويل ذلك، وتطويعه لخدمة مصالحهم.

وأَجزم أَنه أَصبح من المعلوم في السياسة بالضرورة فهم مواقف الحكومات والأنظمة ودوائر صناعة القرار بها، تبعاً لموقف الثورة العربية في كل قطر من الكيان الصهيوني؛ وبات من المعلوم، أَيضا؛ أَن هذا الكيان لا يجد حرجاً. ومن الأساس، هم لا يعرفون الحرج، في أَن يعلنوا تأييدهم أَي محاولة انقلاب على ثورات الربيع العربي؛ بل ويستخدمون نفوذهم في ترويج تلك المحاولات، ودعمها بكل ما يستطيعون؛ بطرق سافرة فجة، وأخرى، تقديري أنها الأكثر خطراً، غير مباشرة؛ باستخدام "عملاء"، معروفين اسما ووصفا وجسما لكل عربي.

من هنا، تبدو رمزية الاحتفال "بيوم الأرض"؛ من بؤس حالنا العربية أَنه صار مجرد يوم؛ إِذ يظل كاشفا لكل عوار وعورات من انقلبوا، ومن تآمروا ودبروا بليل لإجهاض الربيع العربي؛ وهو لمّا يزل في طور التشكل والانبعاث؛ وهي لحظة مواتية كذلك، لكي نفتش في ضمائرنا، ونعيد البحث والتنقيب والتنقية من كل ماعلق بها من شوائب، ومن لمم.

ولأننا مولعون ومنشغلون، دوماً، بصوغ وقولبة كل قيمة إنسانية "نبيلة مجردة " ، في قيمة أُخرى "تبدو شديدة الوضاعة غالباً"، هي المصلحية "البرجماتية"؛ فإن الأخيرة، ومن حسن الحظ؛ تقضي بأن "الأرض المقدسة" ما زالت الوعاء الجامع الذي لا خلاف عليه بين الأمة العربية الثرية بالتنوع الديني، والعرقي، والفكري؛ لصهرنا معا في بوتقة واحدة، تطهرنا من أَدران كثيرة، علقت بنا دوما؛ وتعلقنا بها، أحياناً، على مدار أكثر من ستين عاما، منذ النكبة.

"يوم الأرض" صالح بامتياز لوعي أكثر نضجاً بمآلات ثورات الربيع العربي؛ والتي أوقن بأَنها آتية من رحم كل "أَرض" عربية؛ وهي ستمضي في طريقها برتقالية، كما وضع بذرتها الشعب التونسي؛ وصفراء فاقع لونها تسر الناظرين، كما تبدو شاراتها القادمة من "رابعة العدوية"؛ وحمراء من جمر دماء الشعب السوري؛ وخضراء كما أَرادها شعب ليبيا العظيم؛ وبيضاء بنقاء أَهلنا في اليمن؛ وربما قريباً بكل ألوان الطيف في أقطار أخرى من أرض العرب.

سلام على يوم الأرض، وسلام على الياسين "خير"، ورفاقه أبو رية وخلايلة والزهيري وطه وشواهنة.

والمجد للشهداء.  

 

50C80A35-B0FB-49CC-BE88-9A8FC8B80144
نزار قنديل
كاتب وصحافي مصري، مدير مكتب مصر ورئيس قسم المراسلين في موقع وصحيفة "العربي الجديد". عمل في عدد من المؤسسات الإعلامية العربية والمصرية. يعرّف نفسه: كل لحظة تمر، بدون أن تكون لك كلمة حق وخير وجمال، هي وقت ضائع. كل لحظة لا تصمت فيها، إذا لم يكن لديك كلمة نافعة، هي ثرثرة ضارة. بعيداً عن الوقت الضائع، والثرثرة، أحاول أن أكتب. إن شئت فاقرأ ما تيسر من كتابتي.