في الحاجة إلى منصّة عربية .. باز نموذجاً

في الحاجة إلى منصّة عربية .. باز نموذجاً

19 مايو 2021
+ الخط -

ضمن دروس كثيرة، تقدّمها المقاومة الفلسطينية، بكل أشكالها، ووسائلها، ووسائطها، وفصائلها، أن سلاح منصّات التواصل الاجتماعي يعيد تعزيز أهميته، وضرورته، وقبل هذا ومعه، وبعده، الإيمان بأن العرب حيال فرصة تاريخية للانعتاق من البقاء رهن الأسر، والاعتقال للغرب بكل انحيازه الذي يكرّسه عبر عقود للكيان الصهيوني المحتل؛ وهو أسر يجوز لبعضهم أن يصفه بالطوعي، الذي يطبق كل القواعد الظالمة في التعامل مع الأسير.

لن تحتاج جهداً كبيراً، لتعدّد قائمة طويلة من الممنوعات، من مصطلحات، وكلمات، وصور، ومقاطع مرئية، تلك التي يفرضها المحتل الغاصب للفضاء الإلكتروني، من القائمين على منصات "فيسبوك"، و"تيللغرام"، و"إنستغرام"، و"تويتر"؛ وغيرها، لا لشيء سوى أنها تفضح الجرائم الصهيونية، وتحاول نقل حقيقة ما يجري من ممارساتٍ وحشية تليق "بالإسرائيلية"، التي هي بالضرورة، وبالواقع الذي لا يحتمل تأويلاً، تعني الوحشية والتفسير الأول لمفهوم "جريمة ضد الإنسانية"، ذلك يتجلّى بحكم اغتصاب أرض، وتشريد وتهجير نسبة كبرى من أصحابها؛ وصولاً إلى منع هؤلاء من حق العودة إلى بيوتهم وأرضهم التي سلبت، وإعمال آلة القتل الوحشي ليل نهار، في المتمسّكين بأرضهم ومقدّساتهم، بزيتونهم، ولغتهم، وحجرهم، وبرتقالهم.

العرب حيال فرصة تاريخية للانعتاق من البقاء رهن الأسر، والاعتقال للغرب بكل انحيازه الذي يكرّسه عبر عقود للكيان الصهيوني المحتل

قد لا تحتاج، أيضاً، جهداً كبيراً، لتُدرك أن واحداً من دروس صواريخ المقاومة الفلسطينية أنه إذا امتلكت الإيمان الحقيقي، حد اليقين، بعدالة قضيتك، والإرادة النقية في الدفاع عنها، يمكنك عندها أن تفعل هذا بأقل القليل من الإمكانات، والمقدّرات، المالية، والفنية، وخصوصاً حين يكون لديك رصيد هائل من المواهب، والقدرات البشرية، في كل المجالات، وهي مواهب، وبكثير من التواضع، تثبت جدارتها كل يوم في أكثر من مجال. وأصبح لدى العرب نجوم كثر يمكن وصفهم بجدارة، واستحقاق، بعيداً عن اللاعب إياه، بأنهم "فخر العرب".

خلّصت دروس المقاومة، إذاً، قطاعاتٍ واسعة من شباب العرب، وشيوخهم، وكهولهم، أيضاً، من عقدة نقص الإمكانات. وفي ساعاتٍ انهارت أمامها ملياراتٌ أنفقها، صهاينة، ومتصهينون، يتحدّثون بلسان عربي، ليكرّسوا الاستخذاء، والقبول بالمهانة، والتنازل عن الحق، بشعاراتٍ كذوبة من نوعية ثقافة السلام، والتعايش، والاعتدال.

من جملة هذه الدروس، ننطلق إلى أهمية امتلاك سلاح منصّات التواصل، لا أن نبقى أسرى، ورهن الاعتقال، وفي أحسن الأحوال، ضيوفاً كراماً على موائد اللئام الذين يمتلكون منصّاتٍ تنحاز أولاً إلى عدو مغتصب، وتحرمنا حقنا في فضح جرائمه، وممارساته الوحشية، بل حقنا في أن نعرّفه إلى حقيقته بأن وجوده، على أرضنا، أصل الجريمة مكتملة الأركان.

خلّصت دروس المقاومة، قطاعاتٍ واسعة من شباب العرب، وشيوخهم، وكهولهم، أيضاً، من عقدة نقص الإمكانات

حتى لا يكرّر أحد، أن العربي، كل عربي، يقول ما لا يفعل، ويفعل غير الذي يقول، فإن من المناسب هنا، الإشارة إلى منصّةٍ "عربية النسب"، أسّسها مستثمرون عرب، يؤمنون بحقك في امتلاك منصّةٍ لا تصادر حريتك، يتوزّع عملها بين تونس، والأردن، وقطر، وأميركا. وهي عالمية بمعنى أن التسجيل بها واستخدامها، متاح لكل إنسان في العالم، هي منصة "باز"؛ وهي تطبيق يتوافر باللغتين العربية والإنكليزية، علمت من مسؤولين فيها أن التطبيق يتوافر، ربما قريباً، بالفرنسية كذلك، وهي منصّة تلتزم ميثاقاً أخلاقياً، ومهنياً واضحاً، وصارماً، يحترم القيم الإنسانية الصحيحة.

وضمن مزايا عديدة، تضاف إلى سهولة التسجيل، وامتلاك حساب، وتوثيقه، من دون الحاجة إلى تقديم طلب لإدارة المنصة، تتيح للمستخدم امتيازاتٍ أخرى، منها نشر النصوص، والصور، و"الفيديو"، والتعليق عليها، وكذا نشر الوسوم الخاصة، وكل المزايا الأخرى المتاحة في كل المواقع والتطبيقات الأخرى، وتوفر إمكانية الاتصالين، الصوتي والمرئي، بين الحسابات الموثقة، وفيها العديد من "الفلاتر"، والاختصارات المناسبة بالتأكيد للمجتمع العربي.

علمتنا المقاومة أن العالم سيسعى إلى سماع صوتنا حين نمتلك اليقين بعدالة قضيتنا، وبإمكاناتنا، ومواهبنا، وأنه سيحترم فعلنا؛ حتى لو لم يكن يحبنا

علّمتنا المقاومة أن نبادر بالفعل، وبكل ما نستطيع، وبأن ننشر الحقيقة، فإذا قال لك أحد إننا في حاجة لمخاطبة العالم كله، لا مجتمعنا العربي فقط، فقل له إن كل المنصّات والمواقع، انطلقت محلياً أولاً، بل ولم تكن تتيح لغير المستخدم المحلي إمكانية الاستفادة والتفاعل الحقيقي الكامل معها، في بداياتها، واسأله كيف، وأين بدأت "فيسبوك" و"تيك توك" وغيرها.

علمتنا المقاومة أن العالم سيسعى إلى سماع صوتنا حين نمتلك اليقين بعدالة قضيتنا، وبإمكاناتنا، ومواهبنا، وأنه سيحترم فعلنا؛ حتى لو لم يكن يحبنا. علّمتنا أن الحدود، والفواصل، والعزلة، والحصار، وانكفاء كل مجتمع محلي عربي على نفسه، وغيرها من عوامل الفرقة التي تتفنن سلطاتٌ في بلادنا في تكريسها بين العرب، تسقط مع أول فعل، وأن صرخة طفلة في فلسطين تنهار معها كل ما يسعى هؤلاء إلى تكريسه بيننا.

إنّ من لا يملك منصته، لن يملك صوته، وآن لنا أن نملك هذا كله، لأننا ببساطة نستطيع، فقط هي الإرادة، وقد علمتنا المقاومة أننا نمتلكه.

50C80A35-B0FB-49CC-BE88-9A8FC8B80144
نزار قنديل
كاتب وصحافي مصري، مدير مكتب مصر ورئيس قسم المراسلين في موقع وصحيفة "العربي الجديد". عمل في عدد من المؤسسات الإعلامية العربية والمصرية. يعرّف نفسه: كل لحظة تمر، بدون أن تكون لك كلمة حق وخير وجمال، هي وقت ضائع. كل لحظة لا تصمت فيها، إذا لم يكن لديك كلمة نافعة، هي ثرثرة ضارة. بعيداً عن الوقت الضائع، والثرثرة، أحاول أن أكتب. إن شئت فاقرأ ما تيسر من كتابتي.