زبيد اليمنية "مدينة تاريخية".. تشكو سكّانها الحاليين

زبيد اليمنية "مدينة تاريخية".. تشكو سكّانها الحاليين

09 مايو 2014
أعلنتها اليونسكو "مدينة تاريخية"
+ الخط -
تستند مدينة زبيد إلى تاريخ عريق ومكانة علمية رفيعة؛ جعلا منها مهوى العلماء من أنحاء العالم الإسلامي. وهي تُصنّف عالمياً ضمن المدن التاريخية. وبسبب أهميتها اتخذها العثمانيون، خلال وجودهم باليمن، مقرّاً رئيسا لحاميتهم العسكرية.

"زبيد" تابعة لمحافظة الحُدَيدَة غرب اليمن، واعتبرتها منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم "يونسكو" العام 1993 أحد "معالم التراث الإنساني العالمي". وفي مارس/ آذار 1998 صنّفتها ضمن "المدن التاريخية".

تبلغ مساحتها 245 هكتارا منها 92 مساحة المدينة التاريخية والمحدّدة داخل السور. وتعتبر أول مدينة إسلامية في اليمن، بعدما اختطّها محمد بن زياد، مؤسّس الدولة الزيادية في العام 204 للهجرة. وسميت باسم الوادي الذي تقع في منتصفه (زبيد ورماع).

حظِيَت زبيد بمكانة علمية مرموقة ما جعلها مهوى أفئدة العلماء من كلّ حدب وصوب، حتّى ارتبطت سيرتها بالأسماء المهمة مثل المرتضى الزبيدي صاحب معجم "تاج العروس" الذي يعتبره الباحثون ذروة نتاج المعاجم اللغويّة. كما كانت محطة مهمة في أجندة الرحّالة العرب والأجانب الذين زاروا اليمن في مختلف المراحل التاريخية.

يقول رئيس "جمعية الكتّاب السياحيين في اليمن" الكاتب ياسين التميمي، إنّ مدينة زبيد "لعبت أدواراً مؤثرة منذ أن اختطها الوالي العباسي محمد بن زياد مقراً لوالي اليمن قبل أن يخرج عن طاعة الدولة في بغداد، ويؤسس دولته ويتخذ من زبيد عاصمة له".

ويضيف التميمي في تصريح لوكالة "الأناضول" أنّ "المدينة استمرّت في تأدية وظيفتها كعاصمة سياسية لثلاث دول هي: الدولة الزيادية والدولة النجاحية والدولة المهدية". مشيراً إلى "تراجع دورها السياسي في عهد الدولة الرسولية (1229 -1454 م). لكنّها ازدهرت بفضل دورها العلمي والثقافي، الذي تطور في عهد الرسوليين، لتصبح معه زبيد واحدة من أعظم الجامعات في العالم الإسلامي، وأصبحت مقصد العلماء والدارسين من جميع الأمصار الإسلامية".

تميّزت زبيد بعاداتها وتقاليدها وفولكلورها الشعبي والغنائي ورقصاتها التراثية الغنية التي تشتهر بها المنطقة إلى اليوم. ومن أبرز معالمها السوق القديمة.

للمدينة أربعة أبواب أثرية قديمة مبنية من الآجر، جميلة المنظر تتوزّع على سور المدينة القديم المندثر، من جهاتها الأربع، وهي ابتداءً من الشمال: الباب الشمالي، باب سهام، يتكوّن من طبقتين وتستعمله الدولة حاليا مرفقا حكوميا، ثم الباب الجنوبي، باب القرتب، الباب الشرقي، باب الشباريق، والباب الغربي، باب النخل.

ومن أهمّ معالمها جامع الأشاعر، أقدم مساجدها الأثرية الذي تأسّس في السنة الثامنة للهجرة، بأمر من الرسول الكريم على يد جماعة من قبيلة الأشاعر التي ينتمي إليها الصحابيُّ الجليل أبو موسى الأشعري، أحد أربطة العلم في المدينة. وملحقة به مكتبة جُمِعَت فيها أعداد كبيرة من الكتب والمخطوطات التي أوقفها علماء المدينة لطلاب العلم.

وهناك قلعة زبيد الكبرى التي تعتبر أكبر القلاع الأثرية بمدينة زبيد. فهي بناء مهيب يتكوّن من ترابط عدد من الأبنية والمرافق المتكاملة: مسجد، بئر، مخازن، عنابر، إسطبلات خيول، دار حكم... ويحيط بها سور واحد وحائط مسجد الميلين – الإسكندرية.

أما المدارس الإسلامية، فيصل عددها إلى أكثر من 80، كلٌّ منها يعدّ تحفة معمارية تجسّد رفعة الفنّ المعماري اليمني القديم وتطوّره. وإلى جانب أهميتها العلمية والتاريخية، تُعدّ اليوم أهمّ مقومات السياحة الثقافية للمدينة.

ويوضح التميمي أنّ "المدينة اكتسبت أهمية استثنائية في العهد العثماني خلال فترتين، الأولى بين عامي 1539 و1634، والثانية بين 1872 و1918، حين اتخذها العثمانيون مقراً رئيساً لحاميتهم العسكرية في اليمن".

وبحسب الكاتب، فقد شهدت المدينة تطوراً اقتصادياً كبيراً، بسبب قيام صناعة أقمشة وأصباغ مزدهرة استمرت لقرون، وأكسبتها شهرة، كسوق منتجة لهذا النوع من السلع الرائجة على مستوى اليمن والعالم الإسلامي وجنوب آسيا، وبسبب هذا الدور التجاري والصناعي، استقرّت في المدينة جاليات هندية وتركية وإفريقية وحتّى أوروبية، كان أعظمها تأثيراً الجالية الهندية من المسلمين وغير المسلمين، التي أدارت صناعة الأقمشة والأصباغ.

لكن رغم هذه الأهمية، بحسب التميمي، تبقى المدينة عرضة للتشويه والتغيير في بيئتها المعمارية المتميزة. إذ أظهر السكّان خلال الفترة الماضية عدم اكتراثهم بجهود الحفاظ عليها. في حين لم تمارس السلطة المحلية دورها المفترض في فرض القانون الذي يحمي المدن التاريخية.

وطالب الحكومة "باتخاذ إجراء سريع بإقامة مدينة جديدة، خارج مدينة زبيد التاريخية، تخصّصها للعائلات التي تحتاج إلى سكن من أهل المدينة التاريخية، لحمايتها من التعديات والانتهاكات المستمرّة بحقّ إرثها المعماري وبيئتها المدينية المتميّزة".

 

 

المساهمون