رعب ترامب

15 نوفمبر 2016
+ الخط -
حالة الخوف والرعب التي أصابت دولاً عديدة أعتقد أنّه مبالغ بها.
اعتمد المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، في حملته الانتخابية على ما أصبح يطلق عليه الخطاب الشعبوي، وهو الخطاب الذي يتفاعل معه الأميركيون حالياً، في ظلّ حالة من الاحتقان والشعور بأنّ أميركا بدأت التراجع عن مكانتها في مقدّمة دول العالم، أو بتعبير آخر موقع قائدة العالم والمتحكّمة في الكثير من إيقاعاته الاقتصادية والعسكرية.
لن يحيد ترامب عن واقعية السياسة الأميركية وأهدافها التي تصاغ بشكل مستمر منذ عقود كثيرة، حسب مقتضيات الزمن. في السياسة الأميركية، هناك ثوابت خاصة فيما يتعلّق بإسرائيل، والتحكّم بمصير المنطقة العربية وسياساتها، بما يضمن بقاءها تحت الوصاية الأميركية، ما يجعل بعضهم يعتقد أنّ هناك تغييراً، ولا أظن ذلك، إنّما هو استمرار لسياسة سابقيه، ولكن تقتضي المرحلة الحالية مزيداً من الوضوح، مثالاً مسألة نقل السفارة الأميركية إلى القدس العربية المحتلة.
هذا الأمر متعلّق بالوضع السياسي المتمزّق للمنطقة العربية وضعف الجانب العسكري العربي بشكل كبير جداً، نتيجة الحروب البينية التي يعيشها العرب، بمختلف طوائفهم وأحزابهم وجماعاتهم في سورية وليبيا واليمن، وهو صراع للأميركان دور في إشعاله، وهذا الوضع العربي يجعل مشروع الدولة اليهودية، في نظر المتعصبين لهذه الدولة، قد أتى وقته المناسب، حتى مشاريع المقاومة لإسرائيل فقد تمّ إشغالها بصراعات أخرى أو جعلها منفصلة عن جوارها العربي.
هذه المواقف وغيرها لترامب متوّقعة، لكن العقل العربي بالذات يحاول أن يعيش في أحلام الشعارات الزائفة التي يرفعها الأميركان، ويمارسون نقيضها في الواقع (الحالة العراقية نموذجاً)، فدونالد ترامب جاء صريحاً في الإفصاح عن السياسة الأميركية في العالم، ولم يأت بجديد يمكن أن نبرّر من خلاله الحالة المليئة بالدهشة والرعب وانتظار مجهول معلوم سلفاً.
مشكلتنا، نحن العرب، أنّنا لم نصنع ما يقينا شر هذه السياسات العنصرية ضدنا منذ وقت مبكر، فأموال العرب هناك في أميركا وأوروبا، ونحن بحاجة لها، هنا في بلداننا العربية، لكي نصنع جزءاً من حضارة عالمنا المعاصر. لكن، من يفهم من قادة ومسؤولي بلداننا، وخصوصاً التي تستثمر أموالاً هائلة في الغرب؟
تكثيف الاستثمارات العربية البينية هو طريق الخلاص من الهيمنة الخارجية على الدول العربية النفطية، هناك دول، مثل مصر والسودان واليمن، تمثل واحة خصبة للتنمية الزراعية والصناعية، وعلى الدول الثرية أن تسخّر أموالها في هذه البلدان. هناك أيضاً الإستثمار في استخراج المواد الخام لمواد كثيرة تساهم في النمو الصناعي، الأمر الذي سيعزز علاقاتها مع بعضها، ويخرجها ولو جزئياً من دائرة الإرتهان لسياسات واشنطن وغيرها في المنطقة، وإنقاذ قدراتها المالية من حالة تجميد كما حصل مع إيران وقبل ذلك مع العراق.
لا داعي لهذا الرعب الذي يعيشه العرب وجوارهم، فالموضوع يحتاج إلى قراءة كثيرة، ومناقشة مستفيضة في نقاط كثيرة أثارها ترامب في حملته، وبثت رعباً وخوفاً في بعض الأوساط العربية.
792CB557-8E75-46A4-9474-41FAE9572A01
792CB557-8E75-46A4-9474-41FAE9572A01
عبدالإله هزاع الحريبي (اليمن)
عبدالإله هزاع الحريبي (اليمن)