دعم الكاظمي: حشد مواقف لتسهيل عمل رئيس الحكومة

دعم الكاظمي: حشد مواقف لتسهيل عمل رئيس الحكومة

24 اغسطس 2020
الكاظمي أول رئيس حكومة بعد عام 2003 لا ينتمي لأي حزب أو تكتل سياسي (فرانس برس)
+ الخط -

يتحرك رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، لحشد تكتل سياسي حوله من قوى سياسية مختلفة، بغية دعمه في تنفيذ برنامجه الحكومي، وفقاً لما أكده نواب في البرلمان العراقي لـ"العربي الجديد". وقال أحد هؤلاء النواب إنّ الكاظمي يسعى للحصول على أصوات داعمة له في البرلمان قبل المضي في فتح ملف الفصائل المسلحة والهجمات المتكررة التي تنفذها ضدّ المصالح الأميركية تحديداً، وكذلك ملف الفساد في الحكومات السابقة، إذ يستهدف الكاظمي في حملته المرتقبة استعادة جزء من أموال العراق المنهوبة جراء صفقات وعقود مختلفة داخل البلاد وخارجها جرت بين عامي 2006 و2019.
وعلى الرغم من مرور أكثر من 100 يوم على حكومة الكاظمي، التي نالت الثقة في السابع من مايو/ أيار الماضي، إلا أنه لم يتم تنفيذ أي من الوعود الرئيسة التي تضمنها برنامجها، باستثناء تحديد موعد الانتخابات المبكرة في السادس من يونيو/حزيران من العام المقبل.

كتل "النصر" و"عراقيون" و"سائرون" هي الأقرب لدعم الكاظمي

ويتوقع مراقبون أن تكون زيارة الكاظمي الأخيرة إلى الولايات المتحدة، وحصوله على دعم أميركي واضح لإجراء الإصلاحات، دافعاً قوياً له من أجل فتح ملفات توصف عادة في العراق بأنها "حساسة"، وأبرزها ملفي تغوّل المليشيات المسلحة الموالية لإيران والفساد الذي أنهك الدولة العراقية. وقال عضو في البرلمان العراقي، مقرب من الكاظمي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "رئيس الوزراء بدأ فعلاً باتصالات مع أطراف سياسية مختلفة لحشد الدعم لصالحه من أجل تنفيذ برنامجه الحكومي"، موضحاً أنّ افتقار الكاظمي حتى الآن لكتلة مساندة له في البرلمان، يعتبر أبرز مشاكل حكومته. ويعتبر الكاظمي أول رئيس حكومة بعد عام 2003 لا ينتمي لأي حزب أو تكتل سياسي، في تجسيد لأول نتائج انتفاضة أكتوبر/تشرين الأول عام 2019 التي شهدها العراق وأسفرت عن استقالة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي.
ووفقاً للمصدر ذاته، فإنّ الكاظمي سيعقد في اليومين المقبلين لقاءات عدة من أطراف سياسية ليطلب منها الدعم ويشرح لها خطواته المقبلة، موضحاً أنّ كتل "النصر" بزعامة حيدر العبادي، و"عراقيون" بزعامة عمار الحكيم، و"سائرون" التابع لرجل الدين مقتدى الصدر، هي الأقرب حالياً لدعم الكاظمي، مقابل المعسكر الموالي لسياسة طهران المتمثل بائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي و"الفتح" بزعامة هادي العامري.
وأضاف النائب الذي طلب عدم ذكر اسمه، أنّ "دعم القوى السياسية العربية السنية والكردية يمكن وصفه بأنه مشروط، بمعنى أنها تقايض هذا الدعم بمطالب وملفات لجمهورها ومناطقها، بينما القوى السياسية العربية الشيعية التي قررت دعم الكاظمي مبدئياً، تجد أن من مصلحتها التقرب من الجمهور من خلال دعم رئيس الحكومة".

وكشف المتحدث نفسه عن وجود حراك سياسي لدى بعض الأطراف السياسية العربية السنية، لتشكيل تحالف برلماني جديد، يكون داعم للكاظمي في تطبيق برنامجه الحكومي، مشابه لتحالف "عراقيون" بزعامة عمار الحكيم، الذي تشكل الشهر الماضي، ويضم نواب وشخصيات سياسية سنية مختلفة من عدد من الكتل والأحزاب".
بدوره، قال نائب عن تحالف "النصر"، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك تشجيعا من قبل أطراف دولية وإقليمية مؤثرة في العراق لبعض الأطراف السياسية لدعم الكاظمي وحكومته، وتحقيق أكبر نسبة من برنامجه الحكومي قبل الانتخابات المبكرة في يونيو المقبل". من جهته، قال نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، القيادي في "تحالف القوى"، النائب ظافر العاني، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ دعمهم للكاظمي وحكومته "ليس مطلقاً وإنما مشروطا"، موضحاً أنّ "استجابته لمسألة حلّ مشاكل المحافظات المحررة، كعودة المهجرين لمدنهم من دون عوائق وإعمار المدن وتعويض المتضررين من الأعمال الإرهابية، وتنظيف المدن من المليشيات ومعالجة ملف المغيبين والمعتقلين جوراً، أبرز ما ننتظره منه".

حراك سياسي لدى بعض الأطراف السياسية العربية السنية، لتشكيل تحالف برلماني جديد، يكون داعم للكاظمي

وأكّد العاني في الوقت نفسه أنه "ليس هناك توجيه أميركي بدعم الكاظمي، ولكننا نؤمن بأنّ مساندة رئيس الحكومة في هذه الظروف هي مساندة للدولة في مواجهة قوى اللادولة، فأي إضعاف أو استهداف للحكومة، يجعلها هشة في مواجهة التحديات وهي كثيرة". وتابع: "لا شك في أنّ حكومة الكاظمي تحظى بدعم دولي، وهذا واضح من الانفتاح عليها، وأمام رئيس الوزراء فرصة ثمينة للمضي قدماً ببرنامجه الإصلاحي، لكي يكتسب المزيد من الثقة والمصداقية وفي مقدمة ذلك معالجة موضوع الفساد وإنهاء ظاهرة المليشيات".
في المقابل، استبعد القيادي في ائتلاف "دولة القانون"، الذي يتزعمه نوري المالكي، سعد المطلبي، أن يستطيع الكاظمي تحشيد الدعم السياسي لنفسه، موضحاً في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "باب الحوار بين الكاظمي والأطراف السياسية مفتوح، لكن عليه أن يقدّم أجوبة مقنعة لبعض التساؤلات لدى القوى السياسية، حتى يحصل على ذلك الدعم، وبدون هذه الأجوبة، لا يمكنه الحصول على الدعم".
أما النائب عن كتلة "الاتحاد الوطني الكردستاني"، حسين آلي، فاعتبر أنّ "تحرّك الكاظمي للحصول على الدعم السياسي، جاء بعد عدم قدرته على تنفيذ شيء من برنامجه الحكومي إلى غاية الآن بسبب وجود الخلافات والصراعات السياسية، وافتقاره الدعم في البرلمان".
وأوضح آلي أنّ "القوى السياسية الكردية لا مانع لديها في الانضمام إلى الحشد السياسي الداعم للكاظمي، خصوصاً أنّ هذه القوى دعمت ترشيحه وصوتت لصالح منحه حكومته الثقة في البرلمان العراقي، لكن هذا الانضمام يكون وفق شروط". وأشار إلى أنّ "شروط القوى الكردية لاستمرار مساندة الكاظمي ودعمه لتنفيذ برنامجه الحكومي، تتمثّل في حلّ الخلافات مع إقليم كردستان وفق الدستور العراقي، وعدم محاربة الشعب الكردي من خلال قطع الرواتب عنه، والتعامل مع العراقيين بتوازن من دون أي تفرقة"، معتبراً أنّ "هذا الأمر يخدم الكاظمي، قبل أن يخدم الأكراد".

كتل سياسية عدة وافقت على دعم الكاظمي مقابل شروط مسبقة

وأكد القيادي في تحالف "عراقيون"، النائب سالم الطفيلي، من جهته، حراك الكاظمي السياسي، مضيفاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "هناك توجهات صحيحة وضرورية سيقوم بها الكاظمي خلال الفترة المقبلة وتحتاج للدعم"، مشيراً إلى أنّ "كتل سياسية عدة وافقت على الدعم مقابل شروط مسبقة".
وأكد الطفيلي أنّ "الوضع الاقتصادي والصحي، والخلافات السياسية، أثّرت بشكل كبير على قدرة الحكومة العراقية لناحية تنفيذ برنامجها الوزاري، والحكومة لا تستطيع تحقيق أي شيء من برنامجها من دون وجود دعم سياسي كامل لها، ولهذا الكاظمي يتحرك نحو التحشيد السياسي لحكومته".
وفي الإطار ذاته، قال الخبير في الشأن السياسي العراقي، أحمد الحمداني، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ الكاظمي "ما زال يملك لغاية الآن ورقة ضغط الشارع ونقمة طيف واسع من العراقيين على الأحزاب السياسية، وتحركاته الأخيرة المجاملة أو المتحالفة مع موقف المتظاهرين كانت ذكية، لكن ذلك لا يعني أنه لا يحتاج دعماً من قبل الكتل السياسية". وأوضح الحمداني أنّ "هذا التحشيد سيضيّق في الوقت نفسه على الكتل القريبة من إيران، وتحديداً تحالفي الفتح ودولة القانون، إذ سيكون استعداءهم أو معارضتهم خطوات رئيس الوزراء بمثابة معارضة للشارع، على اعتبار أنّ برنامج الكاظمي الحكومي قائم بحد ذاته على تنفيذ مطالب المتظاهرين".