حكواتي: مكدوس أكاديمي

07 مايو 2014
المكدوس ينتصر على الغناء
+ الخط -
محمود، الذي يعمل مع أبيه في دكّان البقالة الشهير ببيع المكدوس، لا يعرفه سكّان الحيّ الصغير في طريق الجديدة الا بـ"دوكا". اللقب الذي أُطلِقَ على الشاب العشريني ولا يزال غير معروف المصدر والسبب.. لكنّ دوكا لا يرى ضيراً في ذلك، فاستحقّ اللقب وانطبع معه وعليه، وبات اسم محمود مغيّباً كليّاً حتى عن مسامع وألسنة أخوته وأمّه.

لدوكا صوت، بحسب أصدقائه، يستحقّ أن يلمع في سماء العواصم العربية. هكذا "خبط لزق" يصرّ الاصحاب على أن يأخذ صبي الديلفري حقّه من موجة المسابقات التي تكتشف المواهب.

دوكا يغنّي خلف برّاد الأجبان في المحل أغنية "جبّار" لعبد الحليم حافظ. وبين البيض والأرزّ يصدّح صوته بـ"ظلموه". وقد تسبّب انفعاله ذات يوم خلال تأديته وصلة لصباح فخري بكسر "مراطبين" الكبيس. الأمر الذي دفع أباه إلى معاقبته من خلال سحب جهاز التلفاز من المحل.

فقرّر أصحاب دوكا مساعدته للاشتراك بمسابقة في برنامج للهواة. والمبلغ الذي بحوزته لم يكن كافيا لشراء بذلة جديدة. وأبوه رفض تسهيل الأمر بإعطائه من مال الدكان. فما كان من الشباب إلا أن جمعوا له مبلغاً اشترى به بذلة. فركب التاكسي وتوجّه إلى لجنة التحكيم المقيمة في فندق ضخم.

عاد دوكا مهرولا إلى الحيّ. رفض الردّ على أسئلة أصحابه. أغلق باب غرفته، فأطلّ أبوه من الدكان وسأل: شو بو هيدا؟ وين فركها؟".

بعد يومين من الاعتزال في غرفته، رافضاً الردّ على أسئلة أخوته ووالدته ومقاطعاً العمل في الدكان، بُثَّت الحلقة التي شارك بها دوكا. فبدا مرتبكا أمام لجنة الحكم. غنّى "لمّا راح الصبر منّو" بصوت مرتجف... وكلما قال: "آه"، ضحك أعضاء لجنة التحكيم. فأثارت مشاركته ضحك البعض في الحيّ، وآخرون حزنوا وأكّدوا أنّ صوت الشاب أفضل من ذلك.

ترك أبو محمود دكانه بعد الحلقة وتوّجه الى المنزل. طرق باب غرفة دوكا صارخا: "فتاح يا أهبل". ففتح دوكا الباب ودخل العجوز حاضنا ولده وسأله: "ليش العالم كلّها بتشتري مكدوس من عنّا؟". فاستغرب دوكا سؤال الوالد وأجاب: "لأنّو كتير طيّبين، شغل إيد وإنتا مذوق بتعرف تعملها".

فأجاب الوالد: "عال. سماع لكن. النبي صلى الله عليه وسلّم بيقول: إنّ الله يحبّ من المرء من أتقن عمله. والمثل يقول من ترك كاره انقلّ مقداره. شوف يا صبي. أنا بقعد بالمحل وعالتلفزيون بيمرق بخلقتي 100 مطرب بالنهار. شي ناجح بغنيّة وحدة، شي مدعوم، شي مديون. كلهم يلبسونهم ويطلعونهم. الصوت الحلو شي 2 أو 3 والباقي إنسى. والفيديو كليبات والسيارات والنسوان كلّو تمثيل. وبيطلعك وراهم منتج ما فهمان الـDo من الـRe من الـMi".  

وتابع الوالد: "بسّ الحقيقي إنّو الناس بتركض ركض بس نزّل مراطبين المكدوس. إنتَ بتوقف مبسوط وبتبقى ما ملحّق.. ليك يا حبيبي، هالمحل بلّش بسطة دخان لجدّك، بعدين خضرا، من بعدها صار يجيب مكدوسات ستّك ويبيعهن وهيك تعلّمت أنا وفتحنا هالميني ماركت. بيقولو بالمنطقة أنا ملك المكدوس. شفلي هلّق كم واحد في متلنا. وكم واحد في أمثال يلّي لاحقهن؟".

وختم الوالد: "لبوس ونزال ورايي.. عنّا شغل كتير. رح سلّمك الصندوق والريموت كونترول. بالتلفزيون بيمرقوا هالمطربين و إنتَ احكم عليهم. يلي عجبك خلّيه. ويلّي ما عجبك عمول للصوت: كاتم". 

دلالات
المساهمون