جريمة مصنع الألبان

03 ابريل 2015
+ الخط -

هب أنك أغلقت باب غرفتك على قطة صغيرة "رقيقة ووديعة"، وهي تحاول الهرب منك، ثم سددت عنها كل المنافذ التي يمكن أن تهرب منها، وحاولت إيذاءها، أو الاقتراب منها، فكيف ستكون ردة فعلها؟ لا شك بأنها ستكشّر عن أنيابها، وستتلوّن عيونها، وستنقلب عليك مثل وحش مخيف، سيضطرك، في نهاية الأمر، إلى أن تتركها وتخلي سبيلها، أو أنك قد تتعرّض منها لإيذاءٍ ربما لم يكن يخطر على بالك، كأن تقفز على وجهك فجأة، وتغرس مخالبها في عينيك وتُسقطك أرضاً، وربما يُغمى عليك من شدة الخوف والألم. هذا، ونحن نتحدث عن قطة صغيرة "رقيقة ولطيفة"، فما بالك وأنت توصد الباب على كائنات حية، بحجم المخلوع علي صالح وعبد الملك الحوثي، ثم لا تدع لهما أي منفذ للهرب.. فكيف سيكون حالك؟
لا شك بأنك ستتلقى من الضربات واللكمات ما لا يشابهها إلاَّ رفسات بعير ساعة النحر، ولك أن تتخيّل كيف هي رفسات البعير حين تُربط أقدامه الأربع، ويُسقط أرضاً والسكاكين من حوله وفوق رأسه، فهي أشبه بـ"ضربة جبان" مفجوع، بات يرى الموت رأي العين، يحاصره في كل اتجاه، وما جريمة مصنع الألبان بالحديدة إلا واحدة من رفسات الحوثي وصالح الموجعة، وهما لا يزالان طلقاء، فما بالك بحجم رفساتهما القادمة، كلما اقترب حبل المشنقة من أعناقهما، تلك الجريمة الشنعاء التي راح ضحيتها عشرات الأبرياء داخل المصنع من عمال وموظفين، بالإضافة إلى الخسائر المادية التي لحقت بالمصنع جراء ذاك الفعل البربري، ليست سوى واحدة من الجرائم التي تضاف إلى سجل الحوثي وصالح، لكسب أي نقاط للقوة على الأرض أمام الخصوم، حتى ولو كان ثمنها دماء الأبرياء.
على المواطن اليمني أن يكون أكثر وعياً وإدراكاً لحرب الشائعات التي يطلقها إعلام الحوثي وصالح، والتي تعيش ذروتها هذه الأيام، فهما يبحثان عن أي انتصار، ولو كان وهمياً. ولذلك، تجد إعلامهما يتفنّن ويستميت في نشر الأكاذيب و"الحكاوي" المبتذلة التي لا تحترم عقل الإنسان اليمني ووعيه، وعندما وجدا أن ذلك لم يعد كافياً، وأن الشعب قد شب عن تصديق مثل تلك "الترهات" بدآ صناعة أزمات جديدة في البلاد، علّها تحقق مآربهما، فعمدا إلى إخفاء المشتقات النفطية، وكذا المواد التموينية، بغية إحداث مزيد من البلبلة والرعب في صفوف المواطنين البسطاء، وكل ذلك ليقولا إن عاصفة الحزم هي السبب وراء ذلك كله. وأتساءل هنا.. لماذا لم تختفِ المشتقات ولم ترتفع الأسعار إلا بعد مرور أسبوع على العاصفة، مع أن البلاد تعيش مشكلات طاحنة، منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، والجواب بسيط، وهو لأن "لصوص ومرتزقة" صالح هم مَن يتحكّمون في ذلك كله، ولم يكن في صالحهم تأزيم الأمور في أثناء مسرحيات السيطرة على المدن اليمنية.
لا يحتاج موضوع القصف على مصنع الألبان في الحديدة إلى براهين وإثباتات، ولا إلى تقصي حقائق لمعرفة الفاعل. وإذا أردت المفيد، فابحث عن المستفيد، والمستفيد هنا، بمنطق العقل وواقع الحال، هم الحوثيون وصالح من دون أدنى شك، لكسب أي نقاط على الأرض كما أسلفت، لأنه ليس من مصلحة قوى التحالف عملياً أن تفعل ذلك، ثم إن سلاحها متطور، ولا يضرب الأهداف عشوائياً، فالعشوائية سلوك همجي، ولا يمكن أن يصدر إلا عن مثل تلك الجماعات الإرهابية التي لا يهمها مواطن ولا وطن.
على اليمنيين أن يتوقعوا ما هو أسوأ من هذه الكارثة في الأيام المقبلة، فصالح والحوثي يعيشان حالة غير مسبوقة من الذعر والهستيريا، جراء اللطمات القوية التي تلقياها خلال الأسبوع الفائت، والتي لم تكن تخطر لهما على بال، ولم يكونا يتوقعانها على الإطلاق. لذلك، أُربكت حساباتهما، واختلطت كل أوراقهما، وسيعمدان إلى استخدام مثل تلك الأساليب بكثرة، إضافة إلى محاولات تمترسهما في الأحياء السكنية المكتظة بالسكان، بهدف إيقاع أكبر عدد من الضحايا المدنيين، بغية إلصاقها بقوى التحالف، وكلما ازدادت وطأة الضربات عليهما، وأحسّا باقتراب نهايتهما، يزداد جنونهما كما حجم انتقامهما.


 

8A4CCA6F-5F3E-4C7B-BF41-CB7A3D872F05
8A4CCA6F-5F3E-4C7B-BF41-CB7A3D872F05
حبيب العزي (اليمن)
حبيب العزي (اليمن)