تصفيات "أحرار الشام": عين "داعش" على إدلب

تصفيات "أحرار الشام": عين "داعش" على إدلب

16 يوليو 2015
محافظة إدلب تنتظر أياماً صعبة (الأناضول)
+ الخط -
تدهورت الأوضاع الأمنية في مناطق سيطرة المعارضة السورية في إدلب وريفها في الأيام الأخيرة، بفعل وقوع عدد من عمليات الاغتيال والتفجيرات. وتزامن ذلك مع تصاعد التوتر بين "حركة أحرار الشام" و"جبهة النصرة"، وهما أكبر قوتين عسكريتين في المنطقة، على إثر مواقف "حركة أحرار الشام" الجديدة، التي دعت فيها الولايات المتحدة لدعم المعارضة السورية، بعد قيام "جبهة النصرة" بالتعدّي على عدد من المؤسسات الأمنية والخدمية في مناطق سيطرة المعارضة بريف إدلب.

وكان التفجير الذي استهدف صباح الثلاثاء مقرّ كتيبة "أبو طلحة"، التابعة لـ"حركة أحرار الشام" في مدينة سلقين بريف إدلب الشمالي الغربي، أكبر الخروقات الأمنية في مناطق سيطرة المعارضة في الفترة الأخيرة. وأوضح الناشط الإعلامي مراد سلقيني لـ"العربي الجديد"، أن "انتحاريين اثنين فجّرا نفسيهما داخل مقرّ الكتيبة، التابعة لأحرار الشام بمدينة سلقين، بعد تمكنهما من دخول المبنى. وقُتل سبعة من عناصر حركة أحرار الشام، بينهم أبو عبد الرحمن الأسعد، وهو قائد عسكري في الحركة، وجاء هذا التفجير بعد يوم واحد فقط من مقتل شخص مجهول الهوية في مدينة سلقين أيضاً، أثناء محاولته زرع لغم خلف مقرّ الحسبة التابع لجبهة النصرة في المدينة".

وتلا تفجير مقرّ كتيبة "أحرار الشام" في سلقين انفجار آخر في مدينة كفرنبل بريف إدلب الجنوبي مساء الثلاثاء أيضاً، إذ انفجرت عبوة ناسفة كانت بحوزة انتحاري يقود دراجة نارية قرب منطقة الدوار، وسط المدينة، أدت إلى مقتل سائق الدراجة وإصابة عدد من المارة.

وأشارت مصادر ميدانية في المدينة، إلى محاولة سائق الدراجة زرع العبوة الناسفة أمام بيت جهاد محمد الحسيني، القيادي في قوات المعارضة في المدينة، كون سائق الدراجة مرّ مرات عدة أمام بيت القيادي، من دون أن يتمكن من التوقف لزرع العبوة الناسفة بسبب اكتظاظ المكان بالمارة.

كما قُتل يوم الأحد، الرائد بسام عبد الرزاق، المسؤول الشرعي في "حركة البيان" التابعة لـ"حركة أحرار الشام" مع زوجته وطفلته، إثر انفجار عبوة ناسفة زُرعت في سيارته بعد ركوبه السيارة خارجاً من منزله في سرمين، شمال إدلب.

اقرأ أيضاً سورية: "جيش الإسلام" يتهم "النصرة" باقتحام أحد مراكزه 

وجاءت هذه التفجيرات بعد أقل من عشرة أيام على التفجير الكبير الذي استهدف قياديين في "جبهة النصرة"، أثناء اجتماعهم على مائدة الإفطار في قاعدة ملحقة بجامع الشيخ نجيب سالم، غرب مدينة أريحا بريف إدلب الغربي، بعد تمكّن انتحاري يرتدي حزاماً ناسفاً، من التسلّل إلى قاعة كان يجتمع فيها قياديون في "جبهة النصرة"، مُفجّراً نفسه بينهم. الأمر الذي تسبّب في مقتل 25 شخصاً، بينهم قياديون ميدانيون في "الجبهة".

ويُشير تورّط انتحاريين في عدد من عمليات التفجير في إدلب في الأيام الأخيرة، إلى وجود يد لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في التفجيرات، التي استهدفت قياديين في قوات المعارضة السورية و"جبهة النصرة" في ريف إدلب.

ويملك التنظيم عدداً كبيراً من العناصر المنتسبين إلى صفوفه من أبناء مدن وبلدات ريف إدلب، واعتاد هؤلاء على العودة بشكل منفرد إلى المدن والبلدات التي تسيطر عليها قوات المعارضة لزيارة عائلاتهم، لكن قوات المعارضة تنبّهت أخيراً بعد تصاعد وتيرة عمليات استهدافها، إلى الخطر الكبير الذي يشكله تواجد عناصر لتنظيم "داعش" في مناطق سيطرتها. وشنّت "حركة أحرار الشام" حملة مداهمات، تخلّلتها اعتقالات في سرمين، كما ألقت القبض على 15 عنصراً من "داعش" في مدينة النيرب، التي تسيطر عليها قوات المعارضة بريف إدلب.

وتشير هذه التطورات إلى احتمال قرب اندلاع مواجهة عسكرية بين قوات المعارضة السورية و"داعش" في محافظة إدلب، التي أصبحت تحت سيطرة قوات المعارضة السورية، بشكل كامل، منذ تمكنها من السيطرة على مدن إدلب وجسر الشغور وأريحا والمعسكرات التابعة لقوات النظام في محيطها في شهر أبريل/نيسان الماضي.

ولا يبدو على قوات المعارضة، أنها مستعدة لمواجهة "داعش" في إدلب وريفها، على الرغم من تفوقها على قوات النظام في المنطقة، فالاتفاق التكتيكي بين قوات المعارضة و"جبهة النصرة"، والذي تمخّض عنه تشكيل "جيش الفتح" لمحاربة قوات النظام في إدلب، بات من الماضي على ما يبدو.

وازداد التوتّر في أوساط قياديي وعناصر قوات المعارضة في ريف إدلب، بعد تصاعد تعديّات "جبهة النصرة" على المؤسسات الخدمية والأمنية التابعة للمعارضة بريف إدلب، بعد مداهمتها، يوم الأربعاء، مقرّات الشرطة الحرة في مدينتي كفرنبل وخان شيخون وبلدة كفرسجنة، واعتقلت العاملين فيها. وصادرت "الجبهة" المقرّات ومحتوياتها والآليات التابعة للشرطة، كما دهمت المحكمة التابعة لـ"الهيئة الإسلامية لإدارة المناطق المحررة" في كفرنبل، واعتقلت كل من كان فيها، ومن بينهم المواطنون الذين كانوا يقدّمون شكاوى لدى الشرطة ثم أطلقت سراحهم.

وبعدها بساعات أطلقت سراح موظفي هذه الهيئات، بعد توقيعهم على تعهّدات بعدم العمل مع هيئات ومؤسسات تتلقى دعماً من "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة"، علماً أنّ عمل الشرطة الحرة في المنطقة ينحصر بتأمين الطرقات وبعض القضايا البسيطة.

وزادت التظاهرات التي خرجت ضد "جبهة النصرة" أخيراً في مدن إدلب وسلقين وسرمدا، من التوتر بين قوات المعارضة و"جبهة النصرة"، تحديداً بعد اعتداء "النصرة" على متظاهرين واتهام مقرّبين منها لـ"حركة أحرار الشام" بدفع السكان للتظاهر ضد "النصرة".

كما تسببت الرسائل التي وجهها مسؤول العلاقات الخارجية في "حركة أحرار الشام" لبيب نحاس، للإدارة الأميركية في مقالٍ نشره يوم الجمعة في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، بزيادة التوتر بين "النصرة" و"الأحرار".

وقد دعا النحاس الإدارة الأميركية إلى "الاعتراف بالمجموعات السورية المعارضة، كحركة أحرار الشام وإلى الاعتراف بأن الأيديولوجية المتطرفة لتنظيم داعش، لن تُهزم إلا ببديل سني محلي، مع توصيف معتدل يحدده السوريون أنفسهم، وليس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية"، في إشارة منه إلى ضرورة دعم الولايات المتحدة للقوى المحلية السورية المعارضة للنظام، لتتمكن من القضاء على داعش.

وانتقد علي العرجاني عضو مجلس الشورى في جبهة النصرة ما ورد في مقال النحاس في تغريدات على حسابه الخاص على موقع "تويتر"، متهماً إياه بـ"التعامل مع من يمكر في الليل والنهار، وله سنوات طوال في الحروب المتوارثة وهو كالشيطان". وحذّره من "البحث عن مكاسب سياسية خارجية تؤثر على علاقاته الداخلية وهي الأولى" بحسب العرجاني.

اقرأ أيضاً "النصرة" على خطى "داعش" والنظام: انتهاكات تمهد لتثبيت إمارتها