انتقادات لتصريحات قائد سابق للجيش الجزائري بحق آيت أحمد

09 يناير 2016
تصريحات الجنرال نزار لاقت انتقادات حادة (العربي الجديد)
+ الخط -
أثارت رسالة نشرها القائد السابق للجيش الجزائري في تسعينات القرن الماضي، الجنرال خالد نزار، الذي يعتبر  المسؤول عن انقلاب يناير/ كانون الثاني 1992، ردود فعل سياسية وإعلامية غاضبة، انتقدت إدلاءه بهذه التصريحات في حق الزعيم والمناضل التاريخي حسين آيت أحمد بعد أسبوع من تشييع جنازته.

 وعجّت صفحات التواصل الاجتماعي بردود فعل عديدة، ونشر الكاتب رابح لونيسي ردا جاء فيه أنه من "المؤسف أن ينتظر خالد نزار وفاة المجاهد حسين آيت أحمد ثم يتكلم عنه، ويكذّب ما يعرفه الجميع أنهم اقترحوا عليه منصب رئيس الدولة ورفضه، فلماذا لم يكذب ذلك عندما كان آيت أحمد على قيد الحياة ما دام كان هذا الكلام قد قيل وروجته وسائل الإعلام بقوة؟".

وأوضح لونيسي أن "الصراع بين حزب جبهة القوى الاشتراكية الذي أسسه آيت أحمد، ومجموعة من الضباط الفارين من الجيش الفرنسي في الخمسينات، وبينهم الجنرل خالد نزار الذي انضم بعدها إلى صفوف جيش التحرير، لا زال مستمرا، لأن أحد مطالب جبهة القوى الاشتراكية عام 1963 هو تطهير الجيش من هؤلاء، وقد كان هؤلاء وراء كل المناورات الاستفزازية ضد الحزب وزعيمه لدفعه إلى العنف".

وفي السياق نفسه، كتب الإعلامي نصر الدين أن الجنرال نزار الذي يتحدث عن انقلاب 1992 وعن الراحلين، المقاوم عبد الحميد مهري والرئيس الشاذلي بن جديد وحسين آيت أحمد، "يمارس البطولة مع الأموات"، ملمحا إلى أنه كان حريا بالجنرال نزار الحديث عندما كان هؤلاء أحياءً.

وكتب النائب السابق في البرلمان والناشط عدي فلاحي، أن "خالد نزار يقلل من قيمة السياسيين ويعلي من شأن العسكر، ويبدو أنه غير نادم على تدخل الجيش وتوقيف المسار الانتخابي سنة 1992، كما أنه ينكر بأن المرحوم آيت أحمد عرض عليه رئاسة الدولة والكل يعلم بأن آيت أحمد وفي عدة مناسبات يمكن الرجوع إليها في التسجيلات المحفوظة، أن نزار عرض عليه رئاسة الدولة ورفض، والسؤال لماذا انتظر نزار وفاة آيت أحمد ليرد اليوم؟".

اقرأ أيضا: أول ظهور علني للرئيس السابق لجهاز المخابرات في الجزائر

وتأتي هذه الردود على تصريح الجنرال نزار حول انقلاب الجيش وتوقيف المسار الانتخابي بعد فوز الإسلاميين بالبرلمان في العام 1992، وزعمه تقديم توضيحات حول معلومات وصفها بالمظللة، تتصل بآيت أحمد.

وقال نزار، في رسالة وجّهها إلى الرأي العام الجزائري، "من واجبي أن أذكّر بما أوردتُه في مؤلّفاتي وأذكّر أيضاً، بهذه المناسبة، بلقاءاتي المختلفة مع المرحوم آيت أحمد. لقد أرغمَتْ استقالةُ الرئيس الشذلي بن جديد، يوم التاسع من يناير/ كانون الأول 1992، الجيشَ على أداء دور الحَكَم في الوضع المتأزّم آنذاك. وبصفتي وزيرا للدفاع الوطني، حملتُ على عاتقي مسؤوليات سياسية ضخمة. في تلك الظروف، وفي مساء اليوم ذاته، دعوت آيت أحمد للتحادث معه، مثلما دعوت شخصيات أخرى سياسية ومن المجتمع المدني".

ودافع  نزار عن تدخل الجيش في الساحة السياسية عام 1992 وإلغائه المسار الانتخابي، واتّهم السياسيين بغياب روح المسؤولية والتهرّب من واجبهم، قائلاً "الجيش الجزائري لم يكن الجيش الوحيد الذي لبّى النداء في ساعة الخطر الداهم، مثلما فعلت قوات عسكرية أخرى في العالم، فهو فخور بمشاركته في الذود عن القاعدة الحيوية التي يقوم عليها البلد وعن أسس الجمهورية".

من جهةٍ ثانية، أكّد نزار أنه "لم يعرض أبداً على حسين آيت أحمد منصب رئيس الدولة، خلافاً لما قاله البعض"، وذكر نزار أنه التقى - بمبادرة منه - بآيت أحمد "أربع مرات بعد استقالة الرئيس الشاذلي، مرتين في العاصمة في 1993، ومرتين في جنيف بسويسرا في السنة ذاتها".

وذكر نزار تفاصيل عن لقائه الأول بالزعيم آيت أحمد من أجل أن يتم إقناعه بالمشاركة "في مرحلة ما بعد الشاذلي"، لكن في اللقاء الأول - يقول نزار - "فوجئت بآيت أحمد وهو يصر على أن ما حدث انقلاب.. رغم أنني حاولت إقناعه بأن الرئيس بن جديد استقال طواعية، لكن رفض أن يتقبّل ذلك"، وشدد وزير الدفاع الأسبق على أن لقاءه بآيت أحمد كان الأول في سلسلة المشاورات التي أجراها باعتباره وزير الدفاع الوطني.

وأضاف "ورغم رد الفعل العنيف من آيت أحمد في اللقاء الأول بالجزائر، إلا أني عاود ملاقاة آيت أحمد، بطلب منه مرة أخرى، فكان اللقاء في فيلا دار العافية"، وكانت الخلاصة أن آيت أحمد "نصح بالعودة إلى المسار الانتخابي الذي جرى وقفه، معلقاً بأن الذي حدث.. قد حدث".

على الرغم من موقف آيت أحمد أوصى نزار مستشاره السياسي السابق الجنرال محمد تواتي بمواصلة مسعى إقناع آيت أحمد. وبحسب ما قاله القائد السابق للجيش، فقد التقى بالزعيم الراحل، لكن هذه المرة في جنيف، حيث كان اللقاء الأول في يونيو/ حزيران 1993، والثاني في ديسمبر/ كانون الأول من السنة ذاتها.

وتحدث نزار عن فشل مهمة الجنرال تواتي الذي كان مكلّفاً بإقناع آيت أحمد بالدخول إلى أرض الوطن و"المشاركة في مسار الانتقال الديمقراطي"، لكن رفض آيت أحمد "كان فرصة ضائعة"، بحسب نزار.

وكشف القائد السابق للجيش الجزائري أن الأزمة الأمنية التي عصفت بالجزائر منذ عام 1992، خلفت ثمانية آلاف مفقود لا يعرف مصيرهم حتى الآن.

وقال نزار ، في مؤتمر صحفي عقده في منزله للرد على ما اعتبرها معلومات مغلوطة تتعلق بأحداث انقلاب يناير 1992 إن " هناك ثمانية آلاف مفقود في فترة الأزمة الأمنية".

وأكد نزار الذي يعد مهندس انقلاب الجيش في 11 يناير 1992 بعد فوز الاسلاميين بالانتخابات البرلمانية أنه مستعد للاستدعاء لتحمل المسؤولية والمساءلة في هذه القضية وقال " أنا مستعد للمحاسبة كعسكري في قضية المفقودين ، وهناك من المفقودين من التحق بالجبال مع المجموعات المسلحة سرا دون ان تعلم عائلته ومات هناك".

وختم نزار باللقاء الأخير مع الراحل آيت أحمد، هذه المرة خلال المحاكمة الشهيرة في باريس، في إطار حملة "من يقتل من؟"، حيث مثل نزار أمام القضاء الفرنسي بناءً على دعوة رفعها هو ضد الضابط الفار حبيب سوايدية، وفي هذه المحاكمة الشهيرة، أدلى الراحل آيت أحمد بشهادة لم تكن في صالح نزار، لكن رد الأخير كان ".. لم أنطق بأي كلمة.. وقلت للقاضي الفرنسي إنني أكنّ كل الاحترام لقادة ثورتنا ومنهم حسين آيت أحمد".

وكان الزعيم آيت أحمد قد ذكر في أكثر من مناسبة، أن عضوي المجلس الأعلى للدولة خالد نزار وعلي هارون قد عرضا عليه رئاسة الدولة بعد استقالة الشاذلي وقبل المجيء ببوضياف، لكنه رفض، وقال "إن مبادئي لا تسمح لي بتبرير أخطائكم".


اقرأ أيضاًالجزائر: غياب حكومي بتشييع آيت أحمد وهتافات ضد السلطة



دلالات