انتعاش شركات تحصيل الديون مع تسريح آلاف الوافدين بالكويت

انتعاش شركات تحصيل الديون مع تسريح آلاف الوافدين بالكويت

15 يوليو 2018
الشركات تحصل على نسب من الديون(ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -
أربكت عمليات الإحلال الوظيفي التي اتبعتها الكويت نهاية العام الماضي 2017، البنوك العاملة في الدولة، في ظل وجود ديون مستحقة على الآلاف من الوافدين الذين تم تسريحهم، ما اضطر البنوك إلى الاستعانة بشركات متخصصة في تحصيل الأموال، ما أنعش نشاطها بشكل كبير، لينطبق عليها مثل "مصائب قوم عند قوم فوائد".

وأظهرت بيانات رسمية، صادرة عن الهيئة العامة للإحصاء بالتعاون مع ديوان الخدمة المدنية، تخفيض الكويت عدد العاملين الأجانب في الوزارات  والمؤسسات الحكومية بنسبة 70% خلال الأشهر الستة الأخيرة، ليصلوا إلى نحو 80 ألف موظف، في خطوة لإفساح المجال بشكل كبير لتوظيف الكويتيين في مواقع الدولة المختلفة، ضمن خطة "التكويت والإحلال" التي تم البدء في تطبيقها بحلول سبتمبر/أيلول الماضي.

وأظهرت البيانات التي نشرتها "العربي الجديد" في وقت سابق من يوليو/تموز الجاري، أن أكثر الوزارات التي حظيت بعملية الإحلال تمثلت في التربية، الكهرباء والماء، العدل، والشؤون، أما باقي الجهات والمؤسسات الحكومية فيجرى حاليا تخفيض أعداد الوافدين حتى تصل كل جهة حكومية بنسبة التكويت الموضوعة لها التي لا تقل عن 90% من إجمالي العاملين في كل جهة.

وبلغ عدد موظفي الدولة من الكويتيين حتى نهاية يونيو/ حزيران الماضي نحو 340 ألف مواطن، يمثلون أكثر من 71% من إجمالي الموظفين، وفق بيانات الإدارة العامة للإحصاء.

وبحسب بيانات حديثه صادرة عن بنك الكويت المركزي، فإن إجمالي حجم التعثر المالي للوافدين خلال السنوات الأربع الماضية بلغ نحو 1.8 مليار دولار، 85% منها مديونيات لبنوك كويتية و15% لشركات تسهيلات مالية. وهذه المديونيات في شكل قروض شخصية أو قروض تمويل سيارات أو بطاقات ائتمان.

يقول محمد تركي، مدير عام الشركة الدولية لتحصيل المديونيات في حديث لـ"العربي الجديد"، إن شركات تحصيل الديون تعيش هذه الأيام عصرها الذهبي، فقد زادت نسبة التعثر عن السداد منذ بداية العام بنسب تراوحت بين 50% و70% مع تراكم الديون على العملاء وعدم قدرتهم على السداد بسبب القرارات الحكومية الأخيرة بإحلال الوافدين بكويتيين.

ويضيف تركي أن "الكثير من الوافدين اضطروا إلى مغادرة الكويت نهائيا تاركين خلفهم ديونهم الكبيرة للبنوك وسياراتهم التي تصطف في ساحات مطار الكويت، وإزاء الطلب الكبير من البنوك على خدمات شركات تحصيل الديون بتوسيع أعمالها بدلا من النطاق المحلي أصبح دوليا خاصة في الدول العربية".

ويشير إلى أن شركته تتعامل حاليا مع نحو 10 آلاف حالة تعثر مرشحة للزيادة، لافتا إلى أن شركته وظَّفت 100 شخص جديد خلال الشهرين الماضيين لمواجهة الطلب المتزايد على خدماتها الدولية.

ويعمل فى الكويت نحو 24 شركة تحصيل أموال ومديونيات تمتد نشاطاتها إلى خارج الحدود الكويتية، بينما يوجد نحو 18 مكتب محاماة يعمل في توكيلات تحصيل الأموال سواء للأفراد أو الشركات والبنوك، ولكن غالبيتها تعمل على النطاق المحلي والخليجي فقط.

ووفق مدير تنفيذي في إحدى شركات تحصيل الأموال، فإن الشركات تتعامل مع الديون المصرفية المتعثرة، بطريقتين، إما بشرائها كاملة من البنك مع خفض قيمتها لوجود ما يصفها بالمخاطر في تحصيلها، على أن يحق بعد الاتفاق مع البنك تحصيل الأموال بالشكل الذي يتناسب مع الشركة مع إقرار فوائد أو غرامات مالية على المدينين.

ويقول المدير التنفيذي إن هناك طريقة ثانية في تعاملات شركات تحصيل الأموال مع البنوك، تتمثل في اتفاقها على الحصول على نسبة من إجمالي المبلغ المتعثر وتتراوح بين 20% و40%، وذلك حسب حالة المتعثر ومكان تواجد المدين سواء كان داخل البلد أو في دولة عربية أو أوروبية، مشيرا إلى أن النسبة تصل أحيانا إلى 50% عندما تكون عملية التحصيل صعبة، وتحتاج إلى تدخل سياسي وهذا الإجراء يتم في حالات الأموال الضخمة التي تتجاوز ملايين الدولارات.

ومن جانبه، يقول علي المديهيم، مدير عام الخدمات المصرفية لدى البنك التجاري الكويتي لـ"العربي الجديد"، إن نسبة تعثر العملاء من الوافدين شهدت تزايداً ملحوظا خلال الأشهر الأخيرة، حيث تتنوع بين القروض الشخصية وقروض السيارات والبطاقات الائتمانية.

ويضيف المديهيم أن العديد من البنوك أحالت آلاف الحالات المتعثرة لشركات تحصيل الأموال للتعامل معها وتحصيل الديون منها، موضحا أن هذه الشركات تتحرك حاليا في اتجاهات متعددة لتحصيل الديون، حيث تبدأ العملية بمحاولات ودية عن طريق دعوة العميل المتعثر للحضور إلى مقر الشركة وشرح أسباب تعثره، ومن ثم تحديد الطريقة المثلى لتسوية ديونه، قبل اتخاذ الإجراءات القانونية.

ويشير إلى أن البنوك تتفاوض أحيانا لتحصيل أصل القرض دون الفوائد المترتبة عليه أو غرامات التأخير، والبعض يقبل أيضا جدولة القرض الأصلي من أجل زيادة فرص التحصيل.

يقول زياد النوري، نائب مدير عام الائتمان في شركة التسهيلات المالية في حديث خاص إن شركات التأمين تقوم بسداد القروض المتعثرة نيابة عن العملاء، كما أن البنوك تحصل على مستحقاتها أو جزء منها من خلال حجز مكافأة نهاية المدة للموظفين المفصولين من أعمالهم.

وفي هذا السياق، يشير أحمد الدويسان رئيس مجلس إدارة شركة سينرجي الدولية إلى أن قيمة الديون المتعثرة لدى البنوك لن تظهر بصورة كاملة قبل نهاية العام الجاري، حين تعلن البنوك نتائجها المالية، موضحا أن شركته لديها العديد من العملاء من البنوك لتحصيل مديونياتهم، وأنها لا ترغب في استقطاب عملاء جدد في الوقت الحالي.

ويقول محمد زياد المستشار القانوني في المؤسسة العالمية لتحصيل الأموال لـ"العربي الجديد" إنه يمكن للبنك الكويتي إقامة دعوى قضائية ضد المتعثر أمام القضاء الكويتي، بسند عقد القرض المحرر، مع إعلان المدين داخل الدولة أو خارجها بالطرق المعتمدة (مثل النشر)، وإذا صدر حكم نهائي في الكويت ضد المتعثر، يمكن للبنك الحصول على صيغة تنفيذية للحكم وتنفيذه في دولة المتعثر الهارب، وذلك بناء على اتفاقية تنفيذ الأحكام بين الكويت والدول الأخرى.

وفي مقابل تزايد حالات التعثر، يشير أنور الغيث عضو مجلس الجاليات العربية بالكويت، إلى أن تزايد الأعباء المعيشية، وانتهاء عصر الادخار، وتآكل القدرة الشرائية، أدى إلى زيادة حالات التعثر في سداد الديون التي أغلبها ما تكون مقابل شراء سيارات أو قروض شخصية، لافتا إلى أن جزءا من التعثر يرجع إلى قرارات زيادة الرسم على الوافدين وتدني الرواتب لا سيما في القطاع الخاص والتسريحات.

المساهمون