المسرح أيضاً منصة لحقوق الإنسان

المسرح أيضاً منصة لحقوق الإنسان

22 أكتوبر 2015
ركح قرطاج التاريخي (Getty)
+ الخط -

على غرار دوراتها السابقة تعطي أيام قرطاج المسرحية في تونس في دورتها السابعة عشرة، حيزاً للمطارحة الفكرية، تتناول فيه بالدرس والتفكير قضية من القضايا الحارقة ذات العلاقة المتينة بالفن المسرحي وبالثقافة بصورة عامة. الدورة الحالية التي اتخذت لها شعار "المسرح وحقوق الإنسان" نظمت ندوة بمشاركة ثلة من أهل القطاع والحقوقيين وأهل الاختصاص من تونس والعالم، في محاولة لاستقراء الموضوع من ثلاث زوايا هي: دور المسرح في الوعي بالحقوق والحريات/ الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعاملين في القطاع المسرحي/ وإشكاليات حقوق التأليف.


الأسعد المجوسي

وفي تصريح لـ"العربي الجديد" قال مدير مهرجان ايام قرطاج المسرحية الأسعد المجوسي إن "علاقة المسرح بحقوق الإنسان علاقة تلازم وترابط، ذلك أن وجود وتطور فن المسرح - الذي هو في جوهره حق التعبير الحي علاوة على كونه من أقدم فنون التعبير - كانا ومازالا ملازمين للحرية بشكل عام ولحرية التعبير والرأي والفكر بشكل خاص".
مضيفاً "أن الجميع يعلم أن المسرح من بين الفنون التي اعتنت بقضايا حقوق الإنسان إذ يحتل المسرح مكان الصدارة في طرح أهم القضايا الملتصقة بالإنسان وبحرياته خاصة في هذه الفترة التي تعيش فيها بلداننا العربية تحولات سياسية واجتماعية وأزمات مختلفة، وبالتالي أردنا أن تكون هذه المنابر الحوارية متلازمة مع أهم قضايانا".

أقرأ أيضًا: نجوم تونس تنطفىء وحيدة: بالمرض والإفلاس والنسيان

وتضم الأعمال المشاركة في الدورة 17 لأيام قرطاج المسرحية، حوالى 67 عملاً تونسياً من جميع الأصناف (30 للعموم و14 للأطفال و8 أعمال من مسرح الرقص، و6 من صنف الحكواتي و7 أعمال للهواة) و29 عملاً مسرحياً عربياً فضلاً عن 18 عملاً من أوروبا و(9) من بلدان أخرى تم انتقاؤها لتعرض خلال هذه التظاهرة.

وبمناسبة عقد الدورة 17 سيتم تقديم "إعلان قرطاج لحماية المبدعين في المناطق التي تشهد حروباً" وهو إعلان شرعت هيئة المهرجان في إعداده بالتعاون مع ممثلين عن المجتمع المدني ستقدمه للحكومة من أجل السعي إلى تسجيله لدى هيئات منظمة الأمم المتحدة في شكل مشروع إعلان دولي يهتم بحماية الفنان زمن الحروب وفي الوضعيات الصعبة، وفق ما أفاد مدير الدورة.

أقرأ أيضًا:فاتن حمامة تكرّم حسين فهمي!

كمال الزغباني

وحول علاقة المسرح بحقوق الإنسان تحدث المفكر والروائي كمال الزغباني لـ"العربي الجديد" معتبراً أن "الفعل المسرحي هو فعل تحرري بالأساس ولهذا جاء عنوان الندوة مرتبطاً بهذه العلاقة بين الفعل المسرحي الإبداعي على مستوى الجسد والفكر وبين كل ما له علاقة بالحيوي عند الإنسان"، مفسراً "أي أننا في زمن يشهد ضروباً عدة من مسرحية الموت من طرف مجموعات تتحدث باسم الدين والمقدس ومن قبل شتى السلطات الدينية والسياسية والإعلامية وحتى الاقتصادية، والتي تقتل في الإنسان نبض الحرية والإبداع. إذ تحوله إلى مجرد رقم أو بضاعة تتماهى مع نموذج مسطر سلفاً". وأكمل الزغباني تحليله قائلاً "إن جميع المنتجات المعاصرة خاصة الإعلامية تذهب إلى "تبهيم" الإنسان أي تجعل الغباء نمطاً ويصبح بالتالي الفعل الإبداعي أمراً شاذاً".
واختتم الزغباني مقارناً المسرح بالإعلام "فالمسرحيون هم جنود الذكاء والإبداع، وهم من يقاومون بحدسهم وفكرهم ويكسرون نسقَيْ "تبهيم" معمَّم في العالم، فهذا الفعل الإبداعي هو الفعل الذي يمضي بالإنسان إلى تحقيق ذاته ومعرفة حقوقه والتعبير عنها بشتى الطرق وبكل ذكاء".

لينا أبيض

كما عددت المخرجة المسرحية اللبنانية لينا أبيض لـ"العربي الجديد" تجاربها المسرحية التي اعتبرتها في علاقة وثيقة بكل قضايا حقوق الانسان، بداية من القضية الفلسطينية في مسرحية "حق العودة" وهو موضوع ملتصق بحقوق الفلسطينيين في العودة الى أراضيهم. ثم مسرحية "سجن النساء" التي فتحت المجال للسجينات للتعبير بكل حرية عن تجاربهن، إضافة إلى مسرحية "هو وهي وأنا" التي يتمحور موضوعها حول المتحولين جنسياً وهو حق من حقوق الإنسان، "إذ كل إنسان يرى نفسه كما يريد وكما يشعر".


واختتمت لينا أبيض بأن المسرح هو "المجال الوحيد تقريباً الذي يستطيع فيه الإنسان طرح تساؤلات مهمة" مستدركة "ربما نخطو خطوات بطيئة لكن الدوام والمثابرة في طرح مثل هذه المواضيع الجريئة الملتصقة بحقوق الإنسان سيكون لها أثر حتى على المدى الطويل".

ساري الأسعد

وفي تصريح لـ"العربي الجديد" أعرب ساري الأسعد نقيب الفنانين الأردنيين عن قلقه قائلاً "ربما كلمتي هذه ستزعج الكثير من المسرحيين خاصة العرب وبالتالي أقول لهم، أنتم لم تستطيعوا أن تحصلوا على حقوقكم فكيف لكم أن تتحدثوا أو أن تطالبوا بحقوق الآخرين، فمن الأجدر أن تنتزعوا حقوقكم أولاً ثم طالبوا بحقوق الآخرين لأن فاقد الشيء لا يعطيه"، وأضاف الأسعد "الفنان العربي مسيَّر وليس مخيراً وهو عبارة عن صدى لأصوات كثيرة وضعوه تحت الحاجة والطلب لذلك لا موقف له ولا لون له ولا طعم، و بالتالي نحن جميعاً كفنانين عرب نشتغل بالفن ولسنا فنانين. وهذا إن دل على شيء فهو يدل على أننا لا نستطيع طرح أحلام وطموحات الناس". واختتم نقيب الفنانين الأردنيين تعبيره عن خيبة المسرح العربي قائلاً "رغم الربيع العربي الذي تعيشه منطقتنا العربية، فلم أجد ربيعاً في المسرح العربي، فالمسرح في حاجة إلى ثورة وربيع".

أقرأ أيضًا:أيام قرطاج السينمائية

المساهمون