السيسي رئيساً

السيسي رئيساً

29 مارس 2014
+ الخط -

... ها هو قائد الانقلاب العسكري، المشير عبد الفتاح السيسي، يتجه، واثق الخطوة يمشي ملكاً، نحو هاوية حكم مصر، وهو في خضم ثورة مهيبة، اندلعت شرارتها في يناير/كانون الثاني ٢٠١١، وما زال لهيبها يحرق كل من يجلس على عرش مصر. فالمؤسسة العسكرية المصرية، التي حكمت مصر ٥٩ عاماً، تخلت عن حسني مبارك، قائدها الأعلى التاريخي (٣٠ عاماً متصلة)، وتظاهرت بانحيازها إلى المطالب الشعبية بتنحّيه، حمايةً لمصالحها من أَن تطالها مطالب التطهير التي نادت بها الثورة، ثم عاد العسكر مرة أخرى، في خطوةٍ شديدة البراغماتية، وتخلوا عن قائدهم، المشير حسين طنطاوي، القائد العام المزمن (٢٣ عاماً متصلة)، حماية، أَيضاً، لمصالح المؤسسة وهيبتها.

هذه المؤسسة التي تدار بشكل سري كلياً لن تتوانى لحظةً في إطاحة السيسي من سدة الحكم، إِذا ما شكل تهديداً لمصالحها، خصوصاً مع وجود شركاء متشاكسين في مجلسها العسكري. كلهم أنداد، وأصبح لدى كل منهم خبرة وجرأة الانقلاب على الديموقراطية، أو الشرعية، فضلاً عن تلوث أيديهم بالدم المصري، واكتشافهم أن تصويب المدافع إلى الداخل أسهل ألف مرة من تصويبها نحو الخارج.

لم يواجه السيسي تراكماً للغضب جراء المذابح التي قام بها، وجراء انقلابه واستيلائه على السلطة وإحيائه دولة حسني مبارك، فقط، بل سيواجه مطالب واحتياجات، بدأَت في التراكم في السنوات العشر الأخيرة من حكم مبارك، وزادت وطأتها في السنوات الثلاث من حكم المجلس العسكري ومحمد مرسي الرئيس المنقلب عليه.

لا تخص هذه الاحتياجات والمطالب فصيلاً سياسياً معيناً، أو طبقة معينة من المصريين، فقضايا مثل الارتفاع الشديد في أسعار الطاقة وانقطاع الكهرباء وأزمة المحروقات، وتضاعف نسب البطالة وتلاشي الاحتياطي النقدي، وطبع أموال من دون غطاء ذهبي، بما يؤدي إِليه ذلك من تدني التصنيفات الائتمانية، وزيادات غير محسوبةٍ في نسب التضخم، كلها ستؤدي إِلى تصاعد وتيرة الغضب والاحتجاج ضد القابع في قصر الحكم.

وفي ظل سطو العسكر على تعاقدات الدولة، وإسنادها إلى الهيئة الهندسية، ومع سرية حسابات المؤسسة العسكرية، وكونها تشغّل المجندين سخرةً، عوضاً عن توظيف عمالة حقيقية، في ظل ذلك كله، سينضم رجال الأعمال إلى قوائم المتضررين من عودة العسكر إلى الحكم من دون ستار.

لن يجد السيسي في سنة أولى حكم ما يرشو به المصريين، ولن تفلح أموال كفلائه، في السعودية والإمارات، في سد احتياجات المصريين، فالوفرة التي حققها البلدان، نتيجة عائدات النفط، لن تنفع لسد احتياجات شعبٍ قوامه ٩٠ مليون نسمة، وتمتلئ مؤسساته ببالوعات الفساد.

لن يجد السيسي، لكي ينقذ نفسه من سهام الاحتياج، إلا أن يمد يده إلى خزائن الجيش السرية.  يومها، ستكون بداية نهاية خرافاتٍ جديدة، حطمها المصريون، بدءاً من "الاستقرار أو الحرية" مروراً بخرافة المشروع الإسلامي، وانتهاءً بخرافة وأكذوبة أَن الجيش يمكنه أن يحكم المصريين بقوة السلاح، بعد ثورةٍ استخرج فيها وثائق وفاتهم، قبل أن يستصدروا شهادات تخرجهم أو زيجاتهم.

 

51BD73CF-6742-4D3D-84E5-51D97F7FC82F
إسلام لطفي

كاتب وإعلامي مصري