الزلزال السياسي في المغرب

الزلزال السياسي في المغرب

27 أكتوبر 2017
+ الخط -
يعد قرار ملك المغرب، محمد السادس، إقالة أربعة وزراء من الحكومة تطبيقا لأحكام الفصل 47 من الدستور، بداية للزلزال السياسي الذي أشار إليه الملك في خطابه أخيرا بمناسبة افتتاح السنة التشريعية للبرلمان، وأيضا في سياق انتقاده المسؤولين في خطاب العرش في شهر يوليو/ تموز الماضي.
وإذا كان السبب المعلن رسميا، حسب تقرير الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، إدريس جطو، يعود إلى تعثر برنامج التنمية المجالية ومشاريع "الحسيمة منارة المتوسط "، وهي المنطقة التي عرفت حراكا شعبيا منذ سنة، فإن الخلل في المشاريع التنموية في مناطق أخرى، والأداء السياسي وتدبير الشأن العام، صار يثير قلق الجميع، بمن فيهم الملك الذي عبّر عن ذلك في خطاباته أخيرا.
وفي إطار التفاعل مع زلزال الإعفاءات، وفي قراءة أولية لتداعياته، يمكن الوقوف على مؤشرات التحول السياسي الذي بدأ يدخله المشهد السياسي والحزبي في المغرب، ومن أهمها:
تأثير قرار الإعفاء على تشكيلة الأغلبية الحكومية الحالية، بعد إعفاء أمين عام حزب التقدم والاشتراكية من الحكومة رفقة رفيقه وزير الصحة، وتهمة "خيانة الأمانة" لوزير الثقافة السابق من الحزب نفسه. ويمكن اعتبار حزب التقدم والاشتراكية من الأحزاب الأكثر تضرّرا من "زلزال" الإعفاءات، إضافة إلى حزب الحركة الشعبية الذي تلقى ضربات قوية منها إقالة وزير التعليم الحالي الذي قاد وزارة الداخلية في الحكومة السابقة، والذي كان الحزب يؤهله لقيادة الحزب. وهنا، وبحكم منطق السياسة وأخلاقها، سيصعب على الحزبين معا إعادة ترشيح وزراء محتملين في الحكومة الحالية، ما يستدعي وبضرورة المنطق نفسه، إعادة تشكيل أغلبية جديدة بقيادة حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي خرج سالما من الزلزال إلى حد الآن، على الرغم من تحمل كوادر الحزب ووزرائه مسؤوليات ضمن الفريق المعفي.
وهكذا، قد تستدعي الأغلبية المحتملة الجديدة إرجاع حزب الاستقلال إلى المسؤولية الحكومية، خصوصا بعد وصول نزار بركة إلى قيادته، وإزاحة الأمين العام السابق والمثير للجدل حميد شباط. كما أن الوضع الحالي سيسهل مأمورية حزب الإتحاد الاشتراكي الذي يطمح في لعب دور أكبر في الحكومة، وهو الذي يترأس مجلس النواب. لكن هذا السيناريو قد يتطلب توافقات أخرى، من أجل تعزيز الأغلبية عددياً وسياسياً، مع التذكير بأنّ حزب الأصالة والمعاصرة الذي يعيش لحظة خاصة، بعد إعلان استقالة أمينه العام إلياس العماري، والذي نجا من التوبيخ، بحكم ترؤسه جهة طنجة تطوان الحسيمة المعنية بالمشاريع المعاقب على تعثرها، فاستقالة العماري قد يتم التراجع عنها، بعد إشارات المجلس الوطني الأخير للحزب، والذي قد يتمسك بزعيمه في آخر لحظة. لكن حزب الأصالة والمعاصرة، حتى في حالة عودة العماري، سيبقى تائها داخل المشهد السياسي المرتقب، إن تشبث بموقعه في المعارضة، لكون "بروفايلات" عديدين من برلمانييه لا تنسجم مع دور المعارضة، وانخرطت في الحزب، بهدف الوصول إلى الحكومة ضمن أغلبية مريحة في انتخابات 2016 .
ومرة أخرى، وعودة إلى مبدأ التوافق، فإنّ هندسة تشكيلة حكومية جديدة لن تمر ولن تستقيم، إلا بالتوافق بين الأحزاب التي صارت في وضعية حرجة من أدائها، داخل الحكومة وخارجها، خصوصا أن "الزلزال" قد يستمر، أو يجب أن يستمر، لأن مشاريع الحسيمة ليست الوحيدة التي عرفت التعثر.
A4F7B411-6DC2-40DA-A7BA-A42851C8E327
A4F7B411-6DC2-40DA-A7BA-A42851C8E327
أحمد بومعيز (المغرب)
أحمد بومعيز (المغرب)