التهنئة القطرية للسيسي... مجاملة دبلوماسية تعكس رغبة في التهدئة

08 يونيو 2014
وزير الخارجية القطرية خالد العطية (getty)
+ الخط -

تمثل برقية التهنئة التي بعث بها أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى الرئيس المصري الجديد، عبد الفتاح السيسي، بمناسبة أدائه اليمين الدستورية اليوم الأحد، وكذلك برقية رئيس الوزراء القطري، الشيخ عبد الله بن ناصر آل ثاني، مجاملة دبلوماسية تقليدية. غير أن الرسالتين، حين تُضاف إليهما عودة السفير القطري سيف المقدم البوعينين، إلى العاصمة المصرية، قبل ساعات من أداء الرئيس الجديد اليمين الدستورية، ومشاركته في حفل تنصيب السيسي، تصبح حمّالة رسالة واضحة من الدوحة إلى الرئاسة الجديدة في مصر، عن رغبتها في تهدئة الأجواء المشحونة في العلاقات البينية، ومحاولة قطرية للقول إن الدوحة تتعامل مع دولة في مصر، ولا تتدخل في الشؤون الداخلية لمصر، وأنها تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف هناك.

وبحسب وكالة الأنباء القطرية، فإنّ برقيتي أمير قطر ورئيس وزرائه، تضمنتا التهانئ إلى السيسي، "بمناسبة أدائه اليمين الدستورية رئيساً لجمهورية مصر العربية الشقيقة"، من دون أن تضيف الوكالة إلى هذه العبارة الدبلوماسية التقليدية، شديدة الاقتضاب، ما يشير إلى مضمونهما. وفيما كانت التهنئة القطرية متوقعة، وإن جاءت متأخرة، مع تسلم السيسي سلطاته، على غير برقيات ورسائل التهنئة التي سارع ملوك ورؤساء وأمراء عرب إلى إرسالها مع إعلان فوزه في انتخابات الأسبوع الأخير من مايو/أيار الماضي، فإنها تذكّر بأن أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، كان قد أرسل برقية مماثلة إلى الرئيس المؤقت، عدلي منصور، عقب أدائه اليمن الدستورية قبل نحو عام. فالتعامل هنا هو تعامل رسمي مع واقع قائم، وليس مع انتخابات أو غيرها. فعبد الفتاح السيسي هو رئيس جمهورية مصر العربية الآن، وعلى هذا الأساس يجري التعاطي معه.

يُذكَر أنّ العلاقات بين القاهرة والدوحة تدهورت إلى حد كبير، بعد عزل الرئيس محمد مرسي. ومن غير المتوقع أن تعني برقية الأمير الشيخ تميم إلى السيسي، مؤشراً إلى تحسن جذري في هذه العلاقات. وكان وزير الخارجية القطري، خالد العطية، قد أكد ثبات موقف بلاده تجاه مصر. وقال رئيس الدبلوماسية القطري، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الألماني في الدوحة، الأسبوع الماضي، رداً على سؤال حول مستقبل العلاقات بين الدوحة والقاهرة بعد فوز السيسي برئاسة مصر، إن "قطر ما زالت وستبقى تدعم خيارات الشعب المصري، ولن تخرج عن هذا النهج، وتأمل أن تكون الانتخابات الرئاسية في مصر وظروفها عاملاً مشجعاً على الوصول للاستقرار وتحقيق التفاهم، من خلال الحوار مع الجميع في مصر، وهذا ما نتمناه في قطر".

وكانت القاهرة قد استدعت سفيرها في الدوحة، في يناير/كانون الثاني الماضي، ومن المفارقات أن اسمه محمد مرسي، للتشاور، ولم يعد إلى ممارسة مهامه منذ ذلك التاريخ. ومن شأن التحية القطرية للرئيس عبد الفتاح السيسي، أن تهيئ مناخاً لتهدئة محتملة للتوتر القائم بين البلدين، ولوقف الإعلام المصري حملاته ضد الدوحة.

يُذكر أن العلاقات القطرية ــ المصرية شهدت، طوال العقد الماضي، وخصوصاً في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، أزمات وتوترات متواصلة، لكن من دون أن تؤثر على مصالح البلدين، بدرجة كبيرة، وظلت تراوح مكانها، من دون قطيعة، وهو سيناريو مرجح لشكل العلاقة بين الدوحة والقاهرة في الفترة المقبلة. فالدوحة ترغب بعلاقات عادية كما يبدو.

في حال ردّت القاهرة التحية القطرية بمثلها، وأعادت، على الأقل، سفيرها إلى الدوحة، فإنّ ذلك سيكون مؤشراً على الرغبة في طي صفحة الخلاف، والتوافق على ملفات عالقة، وخصوصاً ما بعد إطاحة الرئيس محمد مرسي. ودعت الدوحة، في الأثناء، الأطراف المصرية إلى الحوار، وحرصت على أن تعرف القاهرة استقلالية قطر في إدارة سياستها الخارجية، وبما يتفق مع مبادئها وآرائها، وأنها لا تتدخل في شؤون مصر الداخلية، أو شؤون أي بلد عربي آخر، وتسعى إلى الحوار مع جميع الأطراف، وتدعو إليه حلاً لجميع الخلافات والمشاكل، وأن يكون ذلك مفتاحاً لعلاقات طبيعية مع القاهرة.

المساهمون