الاقتصاد والقمع يحاصران حرية الصحافة في تونس

الاقتصاد والقمع يحاصران حرية الصحافة في تونس

26 ابريل 2020
تستمر الاحتجاجات منذ سنوات رفضاً لقمع الصحافيين (فرانس برس)
+ الخط -
رغم الترتيب الذي احتلته تونس في مؤشر حرية الصحافة الصادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود"، هذا العام، فحلّت في المرتبة 72 عالمياً والأولى عربياً، إلا أنّ النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين أعلنت، في تصريحات إعلامية، لنقيب الصحافيين التونسيين ناجي البغوري عن مخاوف حقيقية على حرية الصحافة. واعتبر البغوري في تصريحه للإذاعة الوطنية التونسية أن المؤشرات الحالية لحرية الصحافة غير مطمئنة خاصة أنّ الدولة لا تزال تتبع سياسة الترويض الناعم لوسائل الإعلام، ولا بد من وجود سياسة حكومية للإعلام الرسمي.

يُضاف إلى ذلك سعي العديد من الأطراف السياسية إلى السيطرة على الإعلام التونسي، مستغلة الوضع الاقتصادي الهش الذي يعانيه الصحافيون التونسيون، وهو المرتقب استفحاله مع تفشي وباء كورونا المستجد في تونس، بعدما تسبب في توقيف أعمال للمؤسسات الإعلامية، وبينها الصحافة الورقية، ولجوء القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية إلى تخفيض عدد العاملين فيها. سيؤدي ذلك حتماً إلى تأخر في صرف الأجور، وإحالة العديد من الصحافيين إلى البطالة الإجبارية.

الخروج من هذا الوضع الصعب لم تجد له نقابة الصحافيين من حلّ إلا الدخول في شراكة مع منظمات المجتمع المدني مثل "الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد"، تُمكن الصحافيين من تلقي دورات تدريبية عن بعد وإنتاج مضامين إعلامية وفقاً للبرامج التدريبية ويتلقى الصحافي مقابلا ماليا عن كل مشاركة. كما تسعى النقابة إلى عقد شركات مع مؤسسات اقتصادية للبحث عن مخرج للأزمة المالية التي تحاصر الصحافيين والصحافيات في هذا الظرف الصعب، في حين تعرف تونس حجراً صحياً عاماً والمنع من التنقل بين المحافظات، مما يصعب حياة العديد من الصحافيين الذين ينتمي الجزء الأكبر منهم إلى محافظات داخلية، لا يمكنهم الانتقال إليها الآن.
والتهديدات لحرية الصحافة في تونس لا تقتصر على الوضع الهش للكثير من الصحافيين وسعي كل الأطراف إلى السيطرة على الإعلام بل تتجاوزها إلى الاعتداءات المتكررة وشبه اليومية على العاملين في القطاع الإعلامي أثناء تغطيتهم لتفشي وباء كورنا المستجد.



وشملت الاعتداءات هذا الأسبوع عديد الصحافيين حيث تعرض عدد من الإعلاميين في إذاعة "أوليس أف ام جربة" إلى حملة من التشويه والتهديد من قبل أشخاص بسبب تغطيتهم الإعلامية "المتوازنة" لحادثة رفض مستشفى استقبال أحد مرضى كورونا ووقوفهم على نفس المسافة من جميع الأطراف. ووصلت هذه الحملة إلى حد الثلب والشتم والتحريض على مواقع التواصل الاجتماعي. كما تعرّض الصحافيون والعاملون بإذاعة "السليوم أف أم" بمحافظة القصرين وسط البلاد التونسية إلى محاولة اعتداء من طرف مواطن تعمد اقتحام مقر الإذاعة وتهديد الصحافيين والعاملين بها، يضاف إلى منع مراسلي وسائل الإعلام بمحافظة توزر بالجنوب الغربي التونسي من العمل بأحد مقرات الحجر الصحي الإجباري، وذلك إثر تنقلهم لتغطية احتجاج المقيمين هناك.

وزادت وتيرة الاعتداءات بعد الحجر الصحي العام، وسعي الصحافيين إلى تغطية بعض الاحتجاجات التي قام بها مواطنون بسبب ظروف إقامتهم السيئة في بعض مراكز الحجر، وهو ما اعتبرته النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين مسّاً بحرية العمل الصحافي وحق المواطن في المعلومة، الغاية منه تكميم الأفواه تحت مسمّى محاربة وباء كورونا المستجد.
هذه المعطيات جعلت الكثيرين يعتبرون أن تونس بترتيبها الـ72 في مؤشر حرية الصحافة العالمي لا تزال بعد تسع سنوات من الثورة بعيدةً عن حرية الإعلام في مفهومها الكوني، مطالبين منظمات المجتمع المدني باليقظة والحذر من انتكاسات لحرية الصحافة والعودة بها إلى مربع الاستبداد الأول، أي ما قبل ثورة 2011.

المساهمون