هل يدفع الإعلاميون التونسيون ثمن كورونا؟

هل يدفع الإعلاميون التونسيون ثمن كورونا؟

17 ابريل 2020
أزمة اقتصادية خانقة في مختلف القطاعات (ناصر طلال/الأناضول)
+ الخط -
ألقى تفشي فيروس كورونا المستجد بظلاله على المشهد الإعلامي التونسي. فالصحف الورقية احتجبت عن الصدور منذ عشرين يوماً، وهو ما يشكل أزمة إضافية لقطاع الصحافة الورقية الغارق في صعوبات مالية، منذ سنوات، أدت بالعديد من الصحف إلى الاكتفاء بمواقع إلكترونية أو الإغلاق النهائي لهذه الصحف ومنها "الصريح" و"أخبار الجمهورية" و"التونسية" و"الضمير" و"الأولى التونسية"، وهو ما أدى إلى إحالة العديد من الصحافيين التونسيين إلى البطالة الإجبارية. 
ويبدو أنّ تلك البطالة قد تشمل أعدادا أخرى من الصحافيين، خاصة بعد توقف صدور صحفهم، الأمر الذي دفع جمعية مديري الصحف، خلال لقاء رئيسها الطيب الزهار، برئيس الحكومة التونسية الياس الفخفاخ، إلى المطالبة بتقديم مساعدات مالية عاجلة لقطاع الصحافة الورقية حتى يتمكن من الخروج من أزمته الحالية والمحافظة على مواطن الشغل للعاملين فى هذه الصحف. وأكدت مديرة "دار الشروق"، سعيدة العامري، وهي واحدة من أكبر المؤسسات الإعلامية في تونس، هذا المطلب، في لقائها، الثلاثاء، مع رئيس البرلمان التونسي، راشد الغنوشي. إذ طالبت بالتسريع في إنقاذ هذا القطاع الذي تضرر كثيراً من أزمة كورونا، مؤكدةً أنّ 100 صحافي يعملون في مؤسستها باتت وظائفهم مهددةً.
المحطات الإذاعية والقنوات التلفزيونية تأثرت هي الأخرى بتفشي كورونا في تونس، وفي العالم. فما عدا المؤسسات الإعلامية الرسمية التي تتمتّع بتمويل حكومي، تعرف بقية المحطات الإذاعية والقنوات التلفزيونية أزمةً مالية أمام تراجع سوق الإعلانات التجارية. أزمة ظهرت تبعاتها على التلفزيونات أكثر من الإذاعات، فقد قررت بعض القنوات التلفزيونية مثل قناة "الحوار التونسي" إيقاف بعض برامجها والاكتفاء بالإعادة لحلقات سابقة وهو ما انجر عنه التخلي عن الكثير من الصحافيين والعاملين فيها.
أزمة ستزداد ثقلاً مع تواصل الحجر الصحي العام وعدم انتهاء هذه القنوات التلفزيونية من تصوير الأعمال الدرامية الرمضانية بعد تراجع وزارة الشوؤن الثقافية التونسية عن منح تراخيص استثنائية لمواصلة تصوير هذه الأعمال، الأمر الذي سيكلف هذه القنوات خسائر مالية كبرى، باعتبار أن هذه القنوات تجني في شهر رمضان 80 في المائة من مواردها من الإعلانات التجارية السنوية. فقناة مثل "الحوار التونسي" تحقق مكاسب كبيرة من برمجتها الرمضانية لأعمال درامية تنتجها، حيث وصل سعر الثلاثين ثانية من الإعلان التجاري في رمضان 2019 إلى 12.5 ألف دينار تونسي، أي ما يعادل 4.2 آلاف دولار أميركي، لتحقق القناة مكاسب مالية من الإعلانات التجارية تفوق الخمسين مليون دينار تونسي، أي ما يعادل 17 مليون دولار أميركي فى شهر رمضان. وينتظر أن تشهد هذه الموارد تراجعاً كبيراً في رمضان 2020 بعد تعطل تصوير الأعمال الدرامية وإقفال أغلب المصانع لأبوابها بسبب "كوفيد-19".

هذه الوضعية يرى المتابعون للشأن الإعلامي التونسي أن ضحاياها الأوائل سيكونون الإعلاميين في هذه القنوات، إذ إنها ستراجع عقود البعض منهم وستتخلى على البعض الآخر، ما سيشكّل أزمةً غير مسبوقة في القطاع الإعلامي التونسي بإحالة أعداد كبيرة من العاملين في القطاع إلى البطالة الإجبارية. وهنا، يطالب العديد من الصحافيين من النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين والنقابة العامة للإعلام (المنضوية تحت لواء الاتحاد العام التونسي للشغل) بممارسة الضغوط على الحكومة التونسية حتى تمكّن هؤلاء المحالين على البطالة الإجبارية من مساعدات إلى حين تجاوز هذه الأزمة التي تعصف بالقطاع.
مساعدات وتدخلات قد تجد الحكومة التونسية نفسها عاجزةً عن القيام بها أمام الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعانيها البلاد، خاصة بعد التصريحات الإعلامية، الإثنين، لأحد أبرز الوزراء في الحكومة، محمد عبو، وهو وزير الوظيفة العمومية، الذي أكد أن الحكومة قد تتخذ إجراءات مستقبلية في حال تواصل الأزمة ومنها التخفيض فى أجور الموظفين الرسميين بعد أن تقرر اقتطاع أجر يوم واحد من العمل بالنسبة لشهر إبريل/ نيسان الجاري. تصريحات زادت مخاوف الإعلاميين العاملين في المؤسسات الخاصة من البطالة الإجبارية دون وجود بدائل لموارد مالية.
أزمة القطاع الإعلامي التونسي مرشحة لمزيد من التعقيد في ظل أنباء غير مؤكدة حول إمكانية تمديد فترة الحجر الصحي العام الذي ينتهي يوم 19 إبريل الجاري إلى مدة تتراوح بين نصف شهر وشهر، وهو ما قد يزيد المصاعب المالية للمؤسسات الإعلامية.