ابن الشهيدة الفلسطينية داليا استيتي... "وين ماما؟"

08 اغسطس 2020
تشييع الشهيدة الفلسطينية داليا السمودي في جنين (تويتر)
+ الخط -

ينادي الطفل الفلسطيني ذو الثلاث سنوات سراج على والدته فلا يأتيه جواب، ويخبره أفراد عائلته بأنها في الجنة، لتزداد حيرته، ويعيد طرح سؤاله من جديد "وين ماما".

استشهدت داليا أحمد استيتي "السمودي"، 24 عاماً، أمس الجمعة، برصاصة متفجرة أطلقها جندي من جنود الاحتلال الإسرائيلي عليها، وهي داخل منزلها في حي الجابريات بمدينة جنين، شمال الضفة الغربية المحتلة، لتترك طفلها سراج مع أخيه الرضيع في رعاية عائلتها.

سراج، كما يوضح جده لأمه، أحمد استيتي لـ"العربي الجديد"، منذ أمس الجمعة، ينادي "وين ماما داليا؟" فتجيبه العائلة "راحت ع الجنة"، ثم يسألهم "وين الجنة؟!"، وتحاول العائلة أن تشرح له ما حدث.

داليا استيتي متزوجة من الشاب باسم السمودي ولها طفلان، الأكبر سراج، 3 سنوات، وإلياس، رضيع يبلغ من العمر 7 شهور، غيّر الاحتلال حياة عائلتها في لحظة لتعيش الألم والحزن، وفقاً لوالدها أحمد استيتي.

كانت الساعات الأولى من فجر الجمعة، 7 أغسطس / آب الجاري، حين استيقظت داليا، وزوجها باسم، على وقع أصوات الرصاص وقنابل الصوت وقنابل الغاز المسيل للدموع، وسط اندلاع مواجهات بين شبان فلسطينيين، وتلك القوات التي اقتحمت الحي وداهمت عدة منازل فيه، حينها تقاسم الزوجان مهمة إغلاق نوافذ المنزل خشية أن يدخل الغاز المسيل للدموع ويختنق طفلاهما، لكن قناصاً إسرائيلياً باغت داليا من الشارع، وأطلق باتجاهها رصاصة متفجرة رغم إغلاقها للنوافذ، كما يروي الوالد المكلوم والمفجوع باستشهاد ابنته.

ويكمل والدها "لقد دخلت الرصاصة من النافذة واخترقت "كرسي الكنبة"، ثم اخترقت تحت إبط داليا من أعلى الصدر، ودخلت إلى القلب ثم إلى الكبد والرئتين واستقرت بالكلية، ونقلت إلى المستشفى لكن النزيف لم يتوقف وفشل الأطباء بإنقاذ حياتها".

يروي الوالد أنّ ابنته بعد أن أغلقت نوافذ البيت استيقظ رضيعها إلياس وهو يبكي، فاتجهت نحو عبوة الحليب لتعدها لرضيعها، لكن الرصاصة باغتتها من القناص، ثم نادت على زوجها أنها قد أصيبت، فنادى الزوج إخوته واتصلوا بالإسعاف، لكن جيش الاحتلال حاول منع سيارة الإسعاف وأطلق النار باتجاهها، ليتم استدعاء سيارة إسعاف أخرى، وعندما تمكنت العائلة من إخراج داليا من المنزل من الجهة الخلفية، نقلت إلى مستشفى جنين الحكومي.

ويتابع الوالد "في المستشفى كانت داليا يقظة، وأخبرتنا بما جرى معها، وأخبرتنا بأنها متعبة وتحس بألم كبير غير اعتيادي في قلبها، وبعد 15 دقيقة أدخلت داليا إلى غرفة العمليات وكانت تعاني من نزيف حاد، واحتاجت إلى 31 وحدة دم، وبعد أن بقيت في العملية أكثر من 6 ساعات، أبلغنا الطبيب أن حالتها غير مستقرة وأنه أوقف النزيف بنسبة 90%، لكن الرصاصة متفجرة اخترقت وهشمت البنكرياس والكبد والرئتين وشرايينها الرئيسية وشرايين الكلى والقولون وبعض شرايين القلب، واستقرت الرصاصة في الكلية".

"إن ما حدث مجزرة في جسدها"، يقول الوالد، الذي أشار إلى أن الأطباء لم يتمكنوا من إنقاذ حياتها، وباءت جهودهم بالفشل واستمر النزيف وأعلن عن استشهادها ظهر الجمعة.

عام 1996، كان والد داليا معتقلاً لدى الاحتلال، وحينما أخبرته زوجته أنها حامل قررا أن يسميا طفلتهما داليا، وحينما "خرجت من السجن عشنا وداليا وأطفالي حياة جميلة ونشيطة. كانت داليا تمتاز بمواصفات مميزة، وعاشت طفولتها بنشاط وجمال في عائلة مكونة من 5 بنات وأربعة أولاد، وقبل أربع سنوات أنهت الثانوية العامة، لكنها اختارت الزواج وعاشت حياة هانئة مع زوجها وأطفالها، إلا أن الاحتلال حرمها عائلتها".

وعصر أمس، شيع آلاف الفلسطينيين جثمان الشهيدة داليا استيتي في مدينة جنين بعد نحو ساعتين من الإعلان عن استشهادها، عقب إصابتها بجروح خطيرة فجراً، وهي داخل منزلها برصاص قناص إسرائيلي، وألقت عائلتها وأطفالها نظرة الوداع عليها إلى أن أقيمت صلاة الجنازة عليها، وووريت الثرى في مقبرة شهداء مخيم جنين.

المساهمون