إنه القمع يا معتقلين

20 اغسطس 2014
+ الخط -


"الواقع تخطّى أبشع صور الخيال". تنطبق هذه الجملة على ما يجري في مصر، وخصوصاً في سجونها في ظل حكم العسكر. إن أردت أن تتكلم وتحكي عن الانتهاكات بحق المعتقلين، فتأكد أنك بحاجة إلى أن يكون قلبك أقسى من الحجر، وعقلك واسع الخيال، لتستطيع فهم مدى فظاعة تلك الانتهاكات من دون ان تُصاب بأزمة قلبية قاتلة، جراء تأثرك من تلك الحكايا.

الانتهاكات في سجون مصر شملت كل الفئات العمرية، فتجد الطفل الذي لم يبلغ رشده بعد يتعرض لأبشع أنواع الإهانة اللفظية والجسدية. وتجد الرجل الطاعن في السن الذي ربما تجاوز الستين أو السبعين من عمره، تتم معاملته بقسوة مفرطة وإهانة. أما عن الشباب فحدّث ولا حرج.

كما أن الانتهاكات تخطت حاجز الجنس، فالنساء، كما الرجال، يتعرضن للإهانة وتسليط المعتقلات الجنائيات لضربهن، بل وصل الأمر إلى التحرش والانتهاكات الجنسية.

وحتى يتسنى فهم بعض مما يجري في المعتقلات المصرية، يمكننا الاقتباس من شهادات المعتقلين الذين نالوا حريتهم، أو شهادة أهالي المعتقلين.

فمن أبسط صور الانتهاك، على سبيل المثال، "حفلات الاستقبال" التي تتم للمعتقلين فور اعتقالهم، أو عند انتقالهم من سجن إلى آخر. وتختلف الحفلة في شكلها، فمرة تكون بتجريد المعتقلين من ملابسهم وإغراقهم بالماء والثلج، ومرة تكون بترك الكلاب البوليسية تنهش في لحومهم، ومرة تكون بالجهد البشري، عن طريق اصطفاف طابور من العساكر يبرحون المعتقل، ضرباً بالهروات وبأرجلهم وأيديهم.

هذا غير الحفلات الموسمية داخل السجن، حيث يخلي الضباط الزنازين ويحرقون متعلقات المعتقلين من ملابس وكتب وطعام. وبالطبع، يكون إخراج المعتقلين من الزنازين، وإدخالهم مرة أخرى، مصحوباً بوصلات الإهانة اللفظية، والتعدي بالضرب المبرح.

ولكن، ثمة ابتسامة مشرقة مرتسمة على وجوه المعتقلين، وكأنهم يقولون لنا، "على الرغم مما نحن فيه، إلا أننا ثابتون وصامدون، لأننا ندرك أننا على الحق". وما يحدث داخل المعتقلات يلقي بالأحمال على عاتق كل حر في مصر، أن ينتفض محاولاً إيقاف هذا الجور والظلم مستلهماً الصمود من ابتسامات المعتقلين.

32C28B34-F62F-4803-B2F5-AA8B5E66EEA2
32C28B34-F62F-4803-B2F5-AA8B5E66EEA2
إسلام فتحي (مصر)
إسلام فتحي (مصر)