أين التفويض؟

أين التفويض؟

08 فبراير 2015
+ الخط -

سؤال تلهج به كل الألسنة في مصر، المؤيدة والمعارضة، بعد الفراغ الذي شهدته الميادين التي كانت مُهيأة للترحيب بمجددي التفويض، أين الأغلبية التي يتحدث عنها الإعلام الانقلابي، وأين الحشود الغفيرة التي ضاقت بما يحدث، وترى الخلاص والنجاة في تفويض القائد البطل، عبد الفتاح السيسي، القيام بإصلاح هذا الوضع المتردي؟
الحقيقة أن سؤال "أين" يصعب الجواب عليه، خصوصاً أن العلماء لم يكتشفوا بعد تفسيراً علمياً لظاهرة تبخر الناس، أو اختفائهم. ولكن، يمكننا تكهن أسباب التبخر، أو الاختفاء من الميادين التي كان من المقرر اجتياحها من أنصار السيسي ومفوضيه.

هل سبب الاختفاء أن أنصار السيسي الذين نزلوا في التفويض الأول لم يتوقعوا أن يكون تفويضهم مطية لدماء كثيرة أُريقت في مجازر ما بعد الانقلاب، وبالتالي، قرروا أن يخلوا أيديهم من أي تفويض آخر، يكون سببه دماء أكثر هم من يحملون وزرها، وليس لهم أي فائدة في إراقتها؟ أم أن السبب يكمن في انعدام ثقة مؤيدي السيسي فيه، خصوصاً بعد أن ارتضوا بانقلابه، ثم فوضوه، ثم انتخبوه رئيساً. وفي المقابل، هو لم يمنحهم الأمان الذي وعدهم به، ولا العيش الهانئ والرفاهية الجميلة التي منّاهم بها، بل إن حالهم ما ازداد إلا ضنكاً، ولأسعار أقواتهم لم تزدد إلا غلاء، وأمنهم الشخصي لم يزدد إلا قلقا.. فلم يجدوا أمام أنفسهم مسوغا لنزول التفويض الثاني فاعتكفوا ببيوتهم؟

من صاحب اقتراح هذا التفويض من الأساس؟ وهل كان قراراً مدروسا من الأساس، أم أن العزة أخذت صاحبه بالكِبر فصاح به؟ هل هو رأي شخص أحمق، أراد خدمة السيسي، فكشف زيف شعبيته، من حيث أراد خدمته؟ أم هو رأي ماكر بالسيسي أراد فضحه، واستطاع القيام بما يريد؟

ثمة إخفاقات سياسية واقتصادية داخلية وخارجية، توالت، في الآونة الأخيرة، أثبتت عدم كفاءة السيسي لإدارة البلاد، وكان من المفترض أن يكون تجديد التفويض حبل نجاته من مستنقع الإخفاقات، بحيث يظهر بطلاً يحارب الإرهاب، وتكون الحجة القوية لتبرير أي إخفاق أو فشل في أي مجال هي (محاربة الإرهاب).

الآن، ماذا عند السيسي يغطي به نكباته؟ وكيف سيتكلم هو أو إعلامه بلسان الشعب المصري الذي أثبت بالفعل أنهم لا يمثلونه؟

كل هذا مع الأخذ في الاعتبار الحشود الهادرة التي تملأ الميادين وشوارع مصر يومياً، منذ أكثر من خمسمائة يوم، رافضة الانقلاب، وكل ما ينبني عليه من إجراءات ومُطالبة بعودة الرئيس الشرعي الذي انتخبته بإرادتها، والدستور الذي يمثل هويتها، ولم تفتر عزائمهم أو تيأس إرادتهم، بل أعدادهم في تزايد ملحوظ.

فأي الفئتين أكثر شعبية، وأي الفريقين أكثر صموداً؟

32C28B34-F62F-4803-B2F5-AA8B5E66EEA2
32C28B34-F62F-4803-B2F5-AA8B5E66EEA2
إسلام فتحي (مصر)
إسلام فتحي (مصر)