إسلاموفوبيا ولاجئون يطفون فوق الراين

إسلاموفوبيا ولاجئون يطفون فوق الراين

30 ديسمبر 2015
(تنصيب لـ لياندرو إيرليش، تصوير: فيليدكس فوكس)
+ الخط -

المأساة السورية كانت حاضرة بقوّة في المشهد الثقافي الألماني لـ 2015: كتب كثيرة صدرت عن سورية ونظامها، عن "داعش"، عن اللاجئين إلخ، يبقى أبرزها كتاب الألماني فولفغانغ باور: "عن البحر: مع السوريين في رحلة هربهم إلى أوروبا"، هذا الكاتب الذي سيركب البحر وأهواله مع لاجئين سوريين، وسيصف في كلمات من لحم ودم حجم هذه المأساة.

من الكتب التي لقيت صدى واسعاً في المشهد الألماني أيضاً، كتاب المستعرب شتيفان فايدنر "مناهضة بيغيدا". وبيغيدا حركة عنصرية من شرق ألمانيا يتّسم خطابها بعداء مرضي للأجانب والمسلمين خصوصاً، سيصل صداها وتأثيرها إلى مدن ألمانية مختلفة.

يفكّك فايدنر ما يعرف في الخطاب الألماني بـ "نقد الإسلام" وجينالوجيته الفكرية، ويظهر كيف أن الناس الذين خرجوا للتظاهر ضد المسلمين واللاجئين هم ضحايا خطاب إعلامي منحاز ضد المسلمين.

غير بعيد عن هذا السياق، احتضنت أكاديمية الفنون في كولونيا، الباحث الأكاديمي الفلسطيني جوزيف مسعد من أجل مناقشة كتابه "الإسلام في الليبرالية"، الذي يفضح القراءات الثقافوية المختلفة للإسلام، وخصوصاً تلك التي روّج لها برنار لويس وصمويل هنتنغتون.

لعل مفاجأة العام تمثّلت في حصول الكاتب الألماني من أصل إيراني نافيد كرماني على "جائزة السلام الألمانية". ويعتبر كرماني من الأصوات النقدية المعروفة في ألمانيا، التي لم تتوان عن نقد السياسة الألمانية تجاه المهاجرين، ونقد ما يسميه باختطاف الدين من طرف الأنظمة الديكتاتورية.

في باب الجوائز أيضاً، حازت رابطة "الجمعيات الإسلامية الألمانية في الراين ماين" جائزة "فاعل من أجل الديمقراطية والتسامح" للعام 2015، التي تمنحها مؤسسة "التحالف من أجل الديمقراطية والتسامح" الرسمية مرة كل سنة.

ليس ممكناً حصر الأحداث الثقافية والفنية التي شهدتها ألمانيا طوال العام، لكن يمكن الإشارة إلى المعرض الفني الكبير الذي احتضنته برلين، وحمل اسم "نهضة بوتيتشيلي"، في إعادة اكتشاف فنان أساسي ومنسي من عصر النهضة، معرض تناوله بأشكال تعبيرية مختلفة من رسم وتصوير وفوتوغرافيا وفيديو وموضة.

كما يمكن الإشارة أيضاً إلى مسرحية النمساوي دانييل غلاتاور "ممارسة المعجزة"، شخصيات المسرحية ثلاث: طبيب نفسي وزوجان في مقتبل الأربعين يمرّان بأزمة في علاقتهما. المكان: عيادة الطبيب.

المسرحية كلّها نقاش طريف بين الشخصيات الثلاث، نقاش يعرفه كل من سبق وزار الطبيب النفسي، الذي يحاول جاهداً أن يدفع الزوجين إلى اكتشاف حبهما من جديد، بعيداً عما يسميه الألمان "صحراء اليومي".

ديكور المسرحية بضعة كراسي وبضع كرات يستعملها الطبيب في تمارينه مع زبائنه، لكن المسرحية -على بساطتها- تقول الكثير عن الحياة الزوجية في المجتمعات الرأسمالية، وتؤكّد مرّة أخرى، ما ذهب إليه أدورنو يوماً من أننا "نعيش في عالم أصبحت فيه الأشياء حرة والإنسان غير حر".


اقرأ أيضاً: مغالطات مفهوم "الحشد": الأيديولوجيا لا النقد

المساهمون