أكذوبة التنمية في سيناء

أكذوبة التنمية في سيناء

24 يوليو 2015
+ الخط -

فضحت الهجمات الإرهابية المتكررة في سيناء مزاعم السلطة القائمة في مصر عن تنمية وتعمير سيناء والإعلان عن تخصيص عشرة مليارات جنيه لهذا الغرض بالتزامن مع العمليات العسكرية للجيش في غياب الرصد الإعلامي، ما يجعل هذه المزاعم لا تعدو أن تكون تغطيةً لعمليات التهجير القسري في رفح المصرية، بعد عامين من الانقلاب العسكري على أول تجربة ديمقراطية حقيقية تشهدها مصر في تاريخها.

بدأ عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري عمليات عسكرية مبكرة في هذا الجزء العزيز من الوطن، وهو يدرك أن ما يقوم به في سيناء من تفجير البيوت وتهجير البشر وتجريف الشجر لن يجلب الأمن الذي يتذرع به ولن يحقق التنمية التي يدّعيها، بل هي جريمة بشعة و"ترانسفير" ليس لها مبرر، وقد اعتبرت منظمة العفو الدولية، على لسان أمينها العام سليل شيتي، خطة السلطات المصرية لإقامة منطقة عازلة على امتداد الحدود مع قطاع غزة لا تمثّل حلاً في سيناء؛ لأنها لا تتعامل مع جذور المشكلة ولا تصب في القضية الأساسية.

ويقر بالصوت والصورة أن تدخّل الجيش في سيناء بالرشاش والدبابة ما هو إلا تشكيل لعدو من الأهالي ضد الجيش للثأر للأبرياء. وأعطى مثالاً لما يقول بانفصال جنوب السودان الذي بدأ قبل خمسين سنة بسبب المعالجة الأمنية هناك في وجود ضغط للرأي العام أدى للانفصال في النهاية على الرغم من كونه ضد الأمن القومي، على حد قوله.

بعد هجوم يناير، كلّف السيسي أحد قادة الانقلاب بمنصب قيادة شرق القناة في سيناء لمكافحة الإرهاب وتنمية سيناء، وخصص عشرة مليارات جنيه لهذا الغرض. واستمر تدفّق المعدات العسكرية والطلعات الجوية القاتلة مع تغييم مسرح العمليات وحظر التجول واحتكار الرسالة الإعلامية وغياب المراسلين. ومن يومها لم يظهر لهذا المسؤول الرفيع أثر، لا في مكافحة الإرهاب ولا في التنمية، كما لم يقدّم للمحاسبة بعد هجوم يونيو الأخير. ولو كان قرار السيسي في التنمية جاداً لألغى حالة الطوارئ وحظر التجوال التي فرضها، على الأقل لإثبات الجدية والبدء في خطوات التنمية لكنه لم يفعل.

في كلمته بعد الهجوم الأخير، والذي تبنّاه تنظيم ولاية سيناء، شكر السيسي الجيش الذي يقدم مساهمة ضخمة جداً، على حد وصفه، في مشاريع التنمية، لكن ومنذ الانقلاب الذي تصدره لم تدخل معدة واحدة إلى سيناء لرصف طريق أو استصلاح أرض أو بناء مصنع أو إقامة بنية تحتية للمياه والصرف الصحي أو بناء مساكن للأهالي.

في سياسات مخالفة، زار الدكتور محمد مرسي سيناء ثلاث مرات في أول شهرين له في الرئاسة، واستقبل أهلها في القصر الجمهوري لأول مرة، وخصص أربعة مليارات للتنمية الحقيقية وأصلح ما أفسده مبارك بأحكام قضائية على المئات من أبنائهم، حضورياً وغيابياً بالإعدام والسجن المؤبّد وعقوبات أخرى ووعد الدكتور مرسي بإعادة المحاكمات وتوفير ضمانات العدالة.

كذلك أسندت حكومة الدكتور هشام قنديل مشروعات الإسكان، والمدارس، والوحدات الصحية، ومراكز الشباب، ومحطات تحلية المياه، والصرف الصحي لجهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة. وتضاعفت مساحة الأراضي الزراعية في عهد الدكتور مرسي في رفح والشيخ زويد والعريش من 71 ألف فدان في 2011 إلى 117 ألفاً بزيادة 60%، بحسب البيانات الرسمية للمحافظة، مع السماح بتملك هذه الأراضي الزراعية، الأمر الذي كان من المحرمات في عهد مبارك.

بعد ثلاثة أيام كاملة من غيابه عن الأحداث، صرّح عبد الفتاح السيسي، باستهانة واضحة، أن العريش ورفح والشيخ زويد التي تتم فيها هذه العمليات لا تمثّل سوى 1% من مساحة سيناء ذات الستين ألف كيلو متر مربع. لكنه يتناسى أن هذه المنطقة المنكوبة، على صغرها، يسكنها 300 ألف نسمة يمثلون 75% من سكان شمال سيناء، و50% من سكان سيناء كلها. كما أن مدينة الشيخ زويد بالذات تبعد ما لا يقل عن 15 كيلومتراً عن منطقة الأنفاق في شمال شرقي رفح، مما يعني عدم ارتباط قصف البيوت وحرق الزراعات بقضية الأنفاق والتهريب البتة.

المساهمون