"حسبة" مياه السودان

"حسبة" مياه السودان

29 أكتوبر 2014
المياه قضيّة الساعة في السودان (فرانس برس)
+ الخط -

تتضمّن اتفاقية الأمم المتحدة، المتعلقة بقانون "استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية"، مجموعةً من العوامل الجغرافية والهيدروغرافية (علم وصف المياه) والهيدرولوجية والمناخية، التي من شأنها تحديد نصيب كل دولة من دول المجرى المشترك، والاستخدامات القائمة والمحتملة للمجرى المائي وآثارها، ومدى توفر بدائل ذات قيمة مقارنة لاستخدامٍ معين.

صوّت السودان من بين 24 دولة لصالح الاتفاقية، من دون أن يوقع عليها أو يكون طرفاً فيها. وهناك اتفاقٌ بين الخبراء، في هذا المجال، على أن نصوص الاتفاقية تعكس مبادئ القانون الدولي العرفي للمياه. ويقول خبراء إنه إضافة إلى التحديات، التي تواجه العالم في مسألة المياه، هناك تعقيدات خاصة بالسودان بسبب موقعه الجغرافي وتركيبته الإثنو- سياسية، التي تميزه عن غيره وفق شروطٍ تاريخية معلومة، منها الزيادة السكانية. كذلك، شكل النزوح السكاني الناتج عن الحروب والأزمات البيئية ضغطاً على مصادر المياه المحدودة في المناطق، التي لا تتوفر فيها بنية تحتية لاستيعاب ذلك التحول الديموغرافي.

تحدٍّ آخر يتمثل في التدهور البيئي، لناحية تلوّث المياه الجوفية، والأمراض المرتبطة بها، مثل الفشل الكلوي، إضافة إلى الجفاف والتصحر، الذي هو نتيجة لفعل الطبيعة والنشاط الإنساني الضار، وسبب رئيسي للهجرة والنزاعات المسلحة.

ورغم هذا التعقيد الكبير في قضية المياه، إلا أن غياب الوعي حولها من قبل المواطن العادي، وتغييبها عن الأجندة السياسية بما يتناسب وحجمها، جعل منها قضية الساعة. لكن المشكلة الأكبر تتمثل في كونها محل خلاف بين المهنيين والمتخصصين من قانونيين واقتصاديين، ومهندسين وإداريين وغيرهم.

يجزم القانونيون أنها تقع ضمن اختصاصهم. ويراها الاقتصاديون قضيّة اقتصادية كما يفرض الواقع و"الحسبة النقدية" للحصول علي النصيب الأعلى من المياه وقت اقتسامها. أما المهندسون، فيعتبرونها قضيتهم باعتبار أن السدود والخزانات هي مفصل حاسم في مسألة المياه. وبين هؤلاء وأولئك، يضيع الصوت المنادي بضرورة التفاف جميع المهنيين والاختصاصيين حول قضايا أمن السودان الملحة، والتي تمثل قضية المياه لبّها، كما يذكر الخبير سلمان محمد أحمد، مؤكداً أن هذا الوضع يعد مشكلة حقيقية قد تضعف معالجة قضية المياه، خصوصاً في بلد مثل السودان، الذي شهد أحداثاً مفجعة بفضل القرارات، التي تمت في عهود غياب الديموقراطية (تهجير أهالي حلفا، قناة جونقلي، وقضايا السدود أخيراً).

*متخصص في شؤون البيئة

المساهمون