عمر البشير

بدأت معركة من نوع جديد على أرض الجزيرة، والمرجّح أنها سوف تكون، وبحكم بسطة الأرض وانكشافها، مفتوحة أمام ناظري الجميع. بمعنى أن الحقّ سوف يحصحص على أرض الجزيرة.

تجد مصر الدولة نفسها في معركة مع حريقٍ متعدّد الجبهات. الأزمات الإقليمية أدّت إلى تآكل أي ضغط على النظام للإصلاح السياسي الداخلي.

قال قائد ميليشيا الدعم السريع عند اجتياح قواته مدينة نيالا في دارفور أنّ المنازل ستكون آمنة، ولكن لم تدم ساعاتُ على اجتياح المدينة حتى عاث المُجرم وجندُه في الأرض فساداً، فقتلوا وعذّبوا ونهبوا، ولم يتركوا كبيرة إلا أتوها.

ظلّ آل دقلو في السودان في كل ظهوراتهم الإعلامية يدعون البراءة التامة، ويلقون اللوم على الخصوم الذين يشوّهون سمعتهم وسمعة قواتهم! لم يتحملوا أية مسؤولية عن أي شيء، حتى "حميدتي" قائد الميليشا لا يرى نفسه إلا "ابن بادية بسيط لم ينل من الدولة إلا عنفها"!

تبدو الحكومة العسكرية في الخرطوم اليوم نسخة حديثة من حكومات نظام الرئيس السابق، عمر البشير، إذ لم يتغيّر شيء في تعاطي البلاد مع المجتمع الدولي والإقليمي، ولعل تعاطي الحكومة مع المبعوث الدولي فولكر بيرتس، وغيره أيضا، يوّضح ذلك.

مع انتقال الاستبداد والفساد إلى النخبة العسكرية الحاكمة، ثم منها إلى النخبة المدنية المحيطة، يحدُث انقلاب جديد على ذلك الأول. وبغض النظر عن الفترة الفاصلة بين كل انقلاب وآخر، المهم أن من يرفض الاستبداد، أو هكذا يدّعي، سرعان ما يمارسه أو يُصاب به.

قدّمت قوات الدعم السريع مقترحاً عنونته بـ "رؤية للحل الشامل وتأسيس الدولة السودانية الجديدة". وهي رؤية لا تتلاءم مع تاريخ "الدعم السريع"، ولا مع واقع الحرب الدائرة. لكنها تتوافق مع محاولات المليشيا إعادة تقديم نفسها للمجتمع الدولي كقوات ثورية!