الرأي العام العربي

باستثناء قطر والكويت، رفضت الدول العربية التصويت لصالح قرار في الإمم المتحدة لإنشاء مؤسّسة مستقلة تعنى بالمفقودين والمخفيين قسرياً في سورية، وفضلت عدم التصويت، وهذا يعني تصويتا ضد مشروع القرار، لأنّ ذلك أنه يُحسم من كتلة الأصوات المؤيدة للقرار.

تذكّر زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية إلى لبنان بمغامراتٍ عسكرية استدعت الاجتياح الإسرائيلي واحتلال بيروت العام 1982. حركيّة لا تحمل أفكارا، غير ما يتعلق الأمر بالانقياد لصورة تختفي في المعطيات ووسط الأشياء، ونسق العالم ونظامه.

إذا ما جرى النظر في نسبة الذين يسوّغون الفعل الروسي العسكري في أوكرانيا، وهي في المعدّل 9% مبرّر جداً، و10% مبرّر إلى حدّ ما، فإن في الوسع أن يُقرأ هذا الحال شاهداً على أن المجتمعات العربية لم يُقنعها الكلام الذي يقيم عليه مثقّفون بين ظهرانيهم.

أظهر مونديال كأس العالم في قطر أن نظاماً جديداً يتشكّل في الجغرافيا الرياضية العالمية، وكشف عن أن هيمنة الغرب في صراع القيم ليس نتيجة حتمية لا يُمكن عكسها، لأن العالم الآخر يُظهر مقاومة كبيرة للحفاظ على قيمه وهويته الثقافية والدينية.

لو كانت لدى العرب رغبة في الخلاص من القدر الأميركي، فإننا في لحظة أميركية مناسبة لجهة تغيير قواعد التحالف وإعادة صياغة النظرة الأميركية للمصالح العربية. لكن المشكلة أن العكس هو الصحيح: رغبة الممسكين بالقرار العربي الحقيقية استدعاء أميركا، وإبقاؤها.

لقد نحرت ثورات الربيع العربي على مذبح مصالح جيوسياسية خارجية، أوروبية بشكل خاص، وتطلّعات استبدادية محلية، وذهبت تضحيات قواها السياسية والاجتماعية ثمناً للمحافظة على ترتيبات وتوازنات سياسية واقتصادية استعمارية، ولتكريس توجهات سلطوية راسخة.