التعليم والصحة خيارات المستثمرين

التعليم والصحة خيارات المستثمرين

05 أكتوبر 2015
الاستثمار في الصحة والتعليم مربح (Getty)
+ الخط -
تتطلع المجتمعات في مختلف دول العالم لتحسين حياتها. وتهتم بوجود أكثر من خيار أمامها نحو تحقيق هذا التحسين وبطريقة متفاوتة بين الشرائح المستهدفة. وهذا الأمر يحتاج إلى إدارة مشتركة بين القطاع العام والقطاع الخاص. ولا شك في أن التنافس بين القطاعين يأتي لصالح المجتمع، وتقديم الخيارات المنشودة حسب أولويات كل مجتمع على حدة، وهذا يختلف بطبيعة موارد ذلك المجتمع ومتطلباته المعيشية.

ويعد السكن في أعلى مراتب المتطلبات، التي يحتاجها الفرد أو العائلة، حتى يستطيع أن يؤمن بقية متطلباته، وفق الثقافة المجتمعية والتي تتفاوت ما بين الصحة أو التعليم، بعد السكن مباشرة.

وكان اعتماد المجتمع على الحكومات، في تقديم الخدمات الصحية والتعليمية، السائد في بعض من الأزمنة السالفة، مع الأخذ بالاعتبار وجود القطاع الخاص بشكل محدود جداً، قبل أن ينتشر الفساد الإداري ويغلب على القطاعات الحيوية، ومنها القطاع التعليمي والصحي اللذان باتا بحاجة إلى تغيير جذري، إذ شهدت هذه القطاعات تراجعاً حاداً في مستوى تقديم الخدمات، بحسب تقارير أممية من منظمات التعليم والصحة، وتقارير صادرة عن البنك الدولي أو الصندوق الدولي للتنمية.

اقرأ أيضا: الاستثمار الطبي في الخليج: تحوّلات جاذبة (ملف)

بدأ التحول الإداري من القيادة والتنظيم الحكومي إلى القطاع الخاص، نتيجة رغبة البعض بتحسين الخدمات المنشودة، إذ إن الاستثمار بات يبحث عن الفرص أينما كانت وكيفما تشكلت. فقد اتجهت الكثير من رؤوس الأموال الخاصة نحو قطاعي التعليم والخدمات الصحية بمختلف تطورهما، الأمر الذي شهد معه ترتيبات متغيرة في رسملة تلك الشركات، وحتى المؤسسات الخدمية الصحية، والتي استطاعت أن تنافس وبقوة المستشفيات والخدمات العلاجية الحكومية، وإن كانت في دول غنية لديها معدات وإمكانيات كبيرة، إلا أنها لم تستطع أن تقاوم تلك المنافسة، بل أخذت بتوجيه المجتمع نحو القطاع الصحي الخاص.

وكذلك الحال في القطاع التعليمي، الذي يقوده القطاع الخاص، بحيث يتفوق خريجو القطاع الخاص على نظرائهم في القطاع العام، بل وتسند إليهم الكثير من المناصب الحكومية التي أنهكتها عمليات الفساد، ليقوموا بتصحيح ما أفسدته المخرجات ذات التطلع الاتكالي، خاصة في الدول النفطية والغنية، وهنا وجدت رؤوس الأموال فرصاً مميزة في تعظيم إيراداتها، وخاصة أنها تمتلك الأدوات التسويقية المناسبة والتسلسل الإجرائي المرن في الكثير من العمليات.

اقرأ أيضا: كلفة تأسيس جامعة في الدول العربية


وعلى الرغم من رقابة الجهات الحكومية على القطاعين، إلا أن تقديم الخدمات التعليمية والصحية بجودة عالية لضمان تحقيق النجاح والتميز والأهداف الاستراتيجية الموجودة، بالخطط التي يضعها مجلس إدارة القطاع الخاص، من شأنه أن يعتبر رقابة داخلية، مع الأخذ بالاعتبار أوجه الرقابة الأخرى، مثل مراقب الحسابات الخارجي، وهيئة أسواق المال للشركات المدرجة بالسوق المالية، وجهات رقابية أخرى تضع التوجيه الدقيق للقطاعين محل تقدير المستثمرين.

ولا يمكن أن يغفل المستثمرون التداول بأسهم الشركات التي تقدم خدمات صحية أو تعليمية، حيث أن نوعية إيرادات تلك الخدمات تعتبر من الأنشطة ذات العائد طويل الأجل، لذا اعتبر كبار المستثمرين تلك القطاعات من أهم وأبرز القطاعات، التي يجب الاستثمار فيها إلى جانب قطاع الأدوية والعقاقير، والتي يتم تداول مليارات الدولارات فيها لما لها من أهمية في تقديم العلاج مع التضخم السكاني والارتفاع الكبير للتجمعات البشرية في محيط المدن والتحضر الذي لازمته كثرة الأمراض، والتي يعود بعضها للعادات السيئة أو الخاطئة بسبب ضعف التعلم والثقافة المحدودة.

اقرأ أيضا: الجامعات والمدارس العربية أرباح مضمونة

وتشكل قطاعات التعليم والصحة أساساً في تشكيل التحوط في تكوينات المَحافظ المالية، التي تعمل على توزيع مخاطر متزنة، مع الأخذ بالاعتبار أن التمويل المرتبط بالأوراق المالية من قبل المصارف يسجل وزناً أفضل لتلك الأسهم حيث أنها من القطاعات المستقرة والمرتبطة بالحالة العامة للدولة، إلى جانب عدم وجود تعثرات مالية ذات ارتباط بالأسواق المالية عالية التباين والمخاطر.

ويمكن القول إن الاستثمار المستقبلي للشركات في قطاعي الخدمات الصحية والتعليمية من الممكن أن يسجل ارتفاعاً مع التطور التكنولوجي المستخدم، حيث أن الكثير من الأجهزة الحديثة، والتي يثق بها المجتمع بشكل كبير، تستخدم في مراكز العلاج الخاصة والمستشفيات، إضافة إلى استخدام المراكز التعليمية لأدوات تكنولوجية حديثة لنقل المعلومة، مما أدى إلى سرعة تحقيق أهداف نوعية التعليم الذي يواكب التطور التكنولوجي السريع.

وبما أن تكاليف العلاج والتعليم تعتبر عالية جداً في الدول الخليجية، فإن تعزيز القطاعين بإدارة القطاع الخاص، عن طريق تأسيس شركات مساهمة عامة، هو السبيل المرجح لأن يتطور خلال الأيام المقبلة، وخاصة بعد دعوات ترشيد الإنفاق بسبب تراجعات أسعار النفط.
(خبير مالي كويتي)

المساهمون