قصر غمدان

29 ديسمبر 2015
طراز معماري فريد(Getty)
+ الخط -
هل حقيقة أن هذه الكتابة التي يقال إنها وجدت على خشبة في قصر غمدان في صنعاء، والتي تشير إلى المصير الدموي لمن يقدم على تهديم القصر، لها نصيب من الحقيقة، أم أن الخيال المجنح للرواة والمؤرخين العرب القدامى المسكون بالخارق، هو ما دفعهم إلى تأليف هذه الحكاية التي تتساوق هي نفسها مع الوجود الفعلي للقصر العالي البنيان، الذي يناطح الأبراج في عالمنا اليوم.

وما مقدار الحقيقة في كل هذا، أم أن الخيال النشيط للرواة والمؤرخين، دفعهم إلى النسج من الخيال، وسهل الأمر كون قصر غمدان كما وصفه القزويني على ارتفاع عشرين سقفا.
لا أحد يجزم بذلك، ولكن لنتتبع ما تقوله الروايات، التي لا تقل غرابة، ومنها الكتابة التي يقال أنها وجدت، وتقول "أسلم غمدان، هادمك مقتول" حيث يقال إن عثمان بن عفان أقدم على هدم القصر، فانتهى مقتولا.
من هو الباني الأول لهذا القصر المنيف الذي سارت بذكره الركبان، وورد على ألسنة الرواة والمؤرخين؟ تقول الروايات إنه سام بن نوح، وتقول روايات أخرى، إن من بناه هو أزال بن قحطان بأمر من أخيه يعرب وبناه عشرين طبقة بعشرين سقفاً بين كل سقفين عشرون ذراعاً، وجعل فيه مائة مسكن، وكانت أعلى غرفة ممردة بالقوارير.
ويقال إن من بناه هو الملك شرحبيل بن عمر بن غالب بن المنتاف بن زيد بن يعفر بن السكسك بن وائل بن حمير، وأقام فيه مدة ملكه ثم صار بعد ذلك دار الملك للتبابعة.
ومهما يكن، فإن هذه المعلمة التاريخية، كانت إنجازا في عصرها، ويذهب بعض المهتمين بالتاريخ اليمني إلى القول إن ارتفاع قصر غمدان بطوابقه العشرين كان نحو 360 مترا أي أعلى من برج إيفل الذي يصل علوّه إلى 300 متر.
لكن كيف كان يرتقي إليه ساكنه؟ يقال أن الملك الحميري كان مقيما على الوجه الأرجح في الدور العلوي، وكان يحمل إليه على كرسي أو ما شاكل ذلك، بينما يسكن الخدم في الطوابق السفلي.
وتروى عن القصر أعاجيب أوردها القزويني في كتابه "آثار العباد وأخبار البلاد"، ومنها قصة الخشبة التي كان مكتوبا عليها أنه لا يسلم من هدمه، فلما أقدم عثمان بن عفان على ذلك قتل.
ويروي المؤرخون أن التبابعة كانوا إذا قعدوا على هذا القصر وأشعلوا شموعهم يرى ذلك على مسيرة أيام.
كما كانت بقصر غمدان غرف شهيرة يسمونها المحاريب، وهو محكم البناء عجيب الارتفاع لأنه من سبع طبقات وفيه ما لا يوصف من الزخارف والصنائع الغريبة.
هذا ما يقوله التاريخ البعيد لليمن، التي صارت اليوم أرض حروب. والله أعلم.
إقرأ أيضا: غونتر غراس إذ يربك دولة
دلالات
المساهمون