ميسي ودي ماريا وجريزمان..مفاتيح الشولو التكتيكيّة في القمّة المدريديّة

ميسي ودي ماريا وجريزمان..مفاتيح الشولو التكتيكيّة في القمّة المدريديّة

08 فبراير 2015
+ الخط -

"لكي تجري بسرعة، يجب أن تمتلك سيارة سريعة وفارهة، أما إذا كانت سيارتك بعيدة بعض الشيء عن هذا المستوى، عليك فوراً إيجاد حلول بديلة حتى تلحق بركب المتسابقين"، يتحدث دييجو سيميوني، في حوار قديم، عن فكرة المقارنات المستمرة بين فريقه أتليتكو مدريد وعملاقي الليجا برشلونة وريال مدريد، ويؤكد الأرجنتيني أن أسلوب لعب كل فريق مختلف، لأن كرة القدم لعبة تعشق المقارنات، وبالتالي لكل جانب طريقه الخاص.


تحدي الكبار
يؤمن المدرب صعب المزاج أن فريقاً بقيمة برشلونة يلعب بطريقة جمالية واضحة، ومن الصعب جداً، بل من المستحيل مجاراته في هذا المجال، لذلك يحاول دائماً الوصول إلى صيغة أخرى تؤهله لتحدي هذه النوعية من المنافسين، ومثلما فعل مع "الكتلان" خلال الموسم الماضي، أعاد المدرب الكرة نفسها هذه المرة مع المنافس اللدود والخصم الأبدي، ريال مدريد.

وفي الديربي، اختار المدرب دييجو سيميوني الدفع بقوته الضاربة من البدايات، ولم يترك أي جزء للحظ، لذلك لعب بطريقة 4-4-2 التي يُتقنها، مع وضع كلٍ من جابي وتياجو بالارتكاز، والثنائي توران وكوكي ثم ساؤول نيجويز على أطراف الملعب، ودفع بالقوة الضاربة في الأمام، ماندزوكيتش وخلفه جريزمان كلاعب حر في كافة أرجاء الملعب، لذلك سيطر أتليتكو على كافة أرجاء المستطيل، سواء بالعرض أو بالطول.

أخطاء الإيطالي
ريال مدريد أنشيلوتي، نموذج غير ثوري على المستوى التكتيكي، لكنها محاولة جادة وناجحة في سبيل الوصول إلى صيغة النادي السوبر، الذي يجلب أكبر قدر ممكن من النجوم، مع مدرب يعرف كيف يتعامل معهم وأين يوظفهم، مع لعب قوي وخشن، وذكاء في التعامل مع المباريات، مع وجود أسماء قادرة على اللعب المنظم المهاري، لذلك لديهم عدة أسلحة تساعدهم في حسم المباريات الكبيرة والمصيرية.

ولكن مع الاصابات الأخيرة وانعدام خيار المداورة عند المدرب، تراجع مستوى "النيو جلاكتيكوس" كثيراً، بسبب لعب مباريات عديدة بالتشكيل نفسه، والسفر إلى المغرب للمشاركة في مونديال الأندية، ثم لعب مباراة ودية ضد ميلان في الخليج، والعودة السريعة لاستكمال بطولة الدوري المحلي، لذلك وقع أكثر من نجم نتيجة الارهاق الشديد، وذهب الفريق إلى الكالديرون دون خط دفاعه الرئيسي وصانع ألعابه خايمس رودريجز.

ولم يكتفِ أنشيلوتي بالضعف الواضح في عمق الفريق، بل لعب بتشكيلة غير موفقة، خصوصاً حينما قرر اللعب بخطة 4-3-3، والدفع بخضيرة برفقة كروس وايسكو إلى عمق الملعب، مع تعزيز الهجوم بالثلاثي المرعب، بنزيما، بيل، ورونالدو. لكن هذه الطريقة الخططية ساعدت أتليتكو كثيراً، لأنها اعتمدت على العمق أكثر وفريق سيميوني أفضل مَن يتعامل مع هذه القرارات الفنية، لذلك اتسم لعب الملكي بالشكل المباشر وانعدمت فرصه تقريباً على المرمى، وكان الأولى البدء بخيسي بدلاً من إشراكه بعد انتهاء اللقاء "إكلينيكياً"!

النجم الرهيب
فعل أنتونيو جريزمان كل شيء في ريال مدريد خلال "الديربي"، ولعب الفرنسي واحدة من أجمل مبارياته على الاطلاق، خصوصاً بعد التوظيف العبقري من مدربه سيميوني، بجعله لاعباً حراً في الثلث الأخير من الملعب، على الطرفين كجناح، وفي العمق كصانع ألعاب يتحوّل إلى مهاجم ثانٍ بالتبادل مع الكرواتي ماندزوكيتش، لذلك خلال أول هدفين بالشوط الأول، كان جريزمان أقرب لدور المهاجم الصريح، وهذا الدور جعله يسجل الهدف الثالث الذي أنهى به كل شيء.

ورغم أن الاسباني إيسكو يقدم هو الآخر موسماً خيالياً مع الميرنجي، إلا أن الفرنسي يتفوّق بامتياز خلال كافة المباريات الأخيرة، وذلك بسبب تمركزه المثالي بالقرب من المرمى، بالإضافة إلى نجاعته التهديفية التي جعلته يسجل 12 هدفاً في الليجا مقارنة بهدفين فقط لإيسكو، مع تفوّق لاعب الريال في نسبة صناعة الفرص والأهداف.

يضع سيميوني لاعبه جريزمان قريباً من منطقة الجزاء، ويُعطيه كامل الحرية في اللعب الأمامي، بينما يتقيّد إيسكو كثيراً بوجود الثلاثي بنزيما، رونالدو، بيل في الهجوم، لذلك يعود كثيراً إلى الوسط ويقوم بالتغطية خلف نجوم الفريق، لأنه إذا انطلق بشكل عمودي سيصطدم حتماً برونالدو أو بيل، وهنا يكمن الفارق التكتيكي الخاص بالمرونة والحرية الكبيرة بين الثنائي الشاب، جريزمان بمثابة الترس بماكينة الأتليتي، وإيسكو هو صديق الأبطال في مجرة النجوم.

استفزاز أم حقيقة؟
قال سيميوني للصحافيين بعد انتهاء مباراة برشلونة وأتليتكو مدريد بكأس الملك، إن ميسي نجم لا تمكن مقارنته بأي لاعب آخر على الكرة الأرضية، وميسي أخطر من رونالدو وبيل وبنزيما مجتمعين مع بعضهم على أرض الملعب. وتوقع البعض أن الأرجنتيني يقول هذا الكلام لاستفزاز الريال فقط، ووضع مديحاً خاصاً لمواطنه ليونيل ميسي.

لكن افتقد ريال مدريد أمام منافسه الصعب لاعباً هجومياً بقيمة ميسي، لأن الثلاثي الامامي المعروف باسم BBC، ضعيف جداً في المساحات الضيقة ويفقد الكرة بسهولة تحت الضغط، خصوصاً رونالدو وبيل، الثنائي القوي أثناء المرتدات والقطع الخاطف، والضعيف أمام الدفاعات المتأخرة التي تلعب بخطيّن في الثلث الأول من الملعب.

ونعود مرة أخرى إلى سيميوني، المدرب الذي فرح كثيراً برحيل أنخيل دي ماريا بعيداً عن البرنابيو، وتمنى أن يحدث هذا الأمر منذ بداية الصيف الماضي، ويبدو أن الشولو كان يعلم جيداً أهمية الريشة اللاتينية في تشكيلة المدرب أنشيلوتي، لأنه اللاعب الهجومي الوحيد الذي يمتاز بالسرعة والخفة والمهارة في توليفة الملكي الهجومية، وبالتالي إذا كان غياب رودريجز أمر هام، فوجود دي ماريا في اليونايتد بمثابة الهدية الأجمل على الاطلاق لكتيبة الروخيبلانكوس.

المساهمون