بطولة "الشهيد ياسر عرفات"... مخيم البداوي مسرحٌ لدورة استثنائية

بطولة "الشهيد ياسر عرفات"... مخيم البداوي مسرحٌ لدورة استثنائية

8B0B3013-E82C-466A-AA18-126B323E5C70
حسين غازي
صحافي رياضي لبناني. انضمّ لأسرة العربي الجديد في عام 2015.
25 ديسمبر 2020
+ الخط -

انطلقت في شمال لبنان منافسات بين الأندية الفلسطينية لكرة القدم في بطولة تحمل عنوان "الرئيس الشهيد ياسر عرفات"، وتقام فعالياتها في مخيم البداوي، شمالي لبنان.

وشهدت هذه البطولة استخدام تقنية فيديو الحكم المساعد "VAR" للمرة الأولى في لبنان، رغم ضعف الإمكانات المادية في المخيمات الفلسطينية، لكن الفكرة كانت بالفعل في مكانها ونجحت في تقليل المشادات والاعتراضات بين المتنافسين، بعدما لجأ الحكام في العديد من الأوقات إلى الشاشة الصغيرة.

ولطالما قدّمت الرياضة الفلسطينية العديد من اللاعبين في لبنان منذ نكبة 1948 حتى يومنا هذا، من بدايات عمر الشيخ طه وجميل عباس ويوسف السوداني في الستينيات تقريباً مروراً بالفترة اللاحقة التي برز فيها جمال الخطيب وحسين كيبا وأحمد الخضر ورامي وعلي أسعد وإبراهيم مناصري ووسيم عبد الهادي والقائمة تطول.

يكشف رئيس نادي الهلال، وليد غفور، لـ"العربي الجديد" عن فكرة انطلاق هذه البطولة ويقول: "في شمال لبنان لدينا بطولة سنوية تحت اسم الشهيد أبو علي مصطفى، تقام بشهر 7 ويُنظّمها نادي القدس. لكن نحن في نادي الهلال كنّا نفكر في إقامة بطولة تحمل اسم الشهيد ياسر عرفات لنتابع هذه المسيرة ولتكريم شخص مثل القائد أبو عمار".

وتابع: "السبب الثاني لإقامة البطولة هو أن غياب التنظيم الرسمي والمنافسات التي يقوم بها الاتحاد الفلسطيني عن مخيمات الشمال كان يدفعنا بشكلٍ دائم لتنظيم هذه الدورات في ظلّ رغبة الناس بممارسة كرة القدم، خاصة أن الرياضة المتنفس الوحيد، الذي بإمكانه إبعاد الشباب عن المخدرات والسلاح".

ولدى سؤالنا عن التفاعل الخارجي مع البطولة، قال: "الداخل الفلسطيني اليوم لا ينظر إلى الشتات ولا حتى اللاجئين، لا الجهات الرسمية وحتى غير الرسمية، لا في الرياضة ولا حتى في السياسة، لكن نحن من خلال هذه البطولات والتجمعات نؤكد أننا متمسكون بكامل فلسطين وكلّ الأراضي التي تم تهجيرنا منها من عام 1948. الشتات والداخل منفصلان بعضهما عن البعض الآخر للأسف، فقد نجحت السياسة في إبعادنا، هم لا يعرفون عنا شيئاً، لسنا ممثلين لا بالمنتخبات ولا بالرياضة الرسمية الفلسطينية".

وتابع: "هذا الأمر لا يمنعنا من عدم الازدياد قوة وتصميماً على تنظيم بطولات وفعاليات تليق بنا كإنسان قبل كلّ شيء، لا أعلم حقيقة إذا كان الداخل الفلسطيني يعلم بما نقوم به، ربما نجحت إسرائيل في ما تريد والجهات الرسمية التي لدينا ساهمت في رفع حدّة انفصالنا".

وكان الدوري الفلسطيني في مخيمات لبنان خلال فترة الحرب الأهلية الممتدة من عام 1975 و1990 ملاذاً للعديد من اللاعبين اللبنانيين الكبار والمعروفين على الساحة المحلية، على غرار إبراهيم الدهيني وحيدر حويلا وعبد الرحمن شبارو ومحمود شاتيلا وغسان أبو دياب وأسعد قلوط. وعن البطولة وطموحات المستقبل قال غفور إن "هذه الدورة نواة لحلم أكبر، هي نموذج نعمل من أجل تحسينه، في ظل امتلاكنا طموحاً كبيراً، نسعى لجمع الفلسطينيين في لبنان داخل وخارج المخيمات وكلّ شخص يقول أنا فلسطيني ويحب الرياضة في بطولة واحدة، وأن نحول هذه الدورة من منافسات خروج المغلوب إلى بطولة دوري".

وعن اسم البطولة أجاب بأن "هذه الرموز المقاومة التي تمسّكت بالقضية وملف اللاجئين وعودتهم إلى فلسطين تستحق التكريم. من واجبنا تذكير الناس بشخصية ياسر عرفات التي كان لها فضل في وجودنا داخل مخيمات فلسطينية في لبنان، نحن أشخاص نحب الحياة ونرغب في العيش، لكن في ظلّ ما نراه من تطبيع حالياً، تزداد إرادتنا ومطالبتنا بالعودة إلى فلسطين".

وختم قائلاً: "كلّما حاولنا تحسين واقع وحياة الفلسطيني باتت فلسطين أقرب، وكلّما تطورت مخيماتنا باتت فلسطين أقرب. أؤكد أن مثل هذه البطولة تزيد من قيمة كل منا كإنسان، أشدد على كلمة إنسان وأكررها، كي نبتعد عن الاصطفافات السياسية أحمر أو أخضر أو أصفر أو أزرق، سنسعى لتطوير هذه البطولة وإخراج مواهب كروية من خلالها كما كنّا نُخرّج فدائيين في الماضي".

من جهته، قال المسؤول الإعلامي للبطولة وأحد المشاركين في التنظيم، محمد لوباني: "هذه البطولة تحظى باهتمام كبير أقله في الشمال حالياً، فهي تضمّ أكثر من 650 شاباً (500 لاعب) من كافة المخيمات الفلسطينية وتحديداً من البداوي والبارد، وتساهم في تعزيز التلاقي بين الجميع، كما أنها تبعد الشباب عن الآفات التي تنخر جسد المجتمع بأكمله".

وأضاف لوباني: "البطولة من تنظيم نادي الهلال الفلسطيني، وتشهد للمرة الأولى استخدام تقنية فيديو الحكم المساعد فار، وكان الهدف من وراء ذلك تقليل نسبة الاحتجاجات والمشاكل التي قد تحصل في مثل هذه البطولات، كما أننا وضعنا 6 كاميرات في مختلف أرجاء الملعب رغم الإمكانات المادية البسيطة التي لم تتجاوز الـ10 ملايين ليرة (حوالي 1250 دولارا أميركيا على سعر صرف السوق السوداء)".

وتابع لوباني: "تشهد هذه البطولة وجود منطقة الميكس زون، التي باتت تحفز اللاعب الفلسطيني. في السابق كان اللاعب الفلسطيني يتمنى ربما الحصول على صورة، لكن في الوقت الحالي هو يظهر على شاشة حيث تنقل البطولة عبر قناة مركز الشرق للخدمات، مع العلم أن هذه الدورة تمتاز بتغطية إعلامية كبيرة من قبل  شباب المخيم هناك، فلكلّ مباراة ستجد مصوراً ومقابلة بعد نهاية اللقاء وجائزة مالية لأفضل لاعب يحصل عليها من قبل لجنة مختصة من 5 أعضاء شُكلت لهذا الغرض بالذات".

 

 وأوضح لوباني: "نسعى أيضاً لإظهار بطولة الرئيس الشهيد ياسر عرفات بأفضل صورة ممكنة، من خلال التنظيم الاحترافي، وذلك بتحديد عدد الذين بمقدورهم دخول أرضية الملعب". وأردف المسؤول الإعلامي للبطولة أن "هذه الخطوة من شأنها فتح باب العديد من النجاحات مستقبلاً، خاصة أن العديد من اللاعبين يسعون للمشاركة، وبعضهم يلعب في الدوري اللبناني، مثل محمد أبو عتيق وعبد الله عيش وغيرهما فس أندية الشمال، ومن خلالها نؤكد أن الإمكانات المحدودة ليست عائقاً أمام التنظيم والنجاح".

بالعودة إلى البطولة وأهدافها، فقد أقيمت وفق نظام مشابه للدوري اللبناني لكرة القدم، أي بقيد جميع اللاعبين المشاركين، على أن يحق لكلّ فريق 3 لاعبين أجانب في الفريق من لبنان أو الجنسية السورية.

المساهمون