الاعتداء على طبيبة يشغل الشارع الأردني بعد رسالة مؤثرة

18 مايو 2019
الطبيبة روان سامي التي تعرّضت للاعتداء (فيسبوك)
+ الخط -
تحوّل حادث اعتداء على طبيبة في مستشفى الأمير حمزة، وسط العاصمة الأردنية عمان من أحد مرافقي المرضى، إلى قضية رأي عام شغلت الأردنيين وفتحت سجالاً بين نقابة الأطباء ووزارة الداخلية الأردنية.

وسيطرت واقعة الاعتداء على الطبيبة روان سامي، التي وقعت الخميس الماضي على حديث الأردنيين خلال الساعات الماضية، كما أصبحت من أكثر المواضيع المتداولة على صفحات وحسابات منصات التواصل الاجتماعي في الأردن، وحظيت القضية باهتمام واسع من الإعلام المحلي.

وجاء الاعتداء على الطبيبة بسبب عدم توفر سرير بقسم العناية المركزة للمريض، الأمر الذي دعا الطبيبة إلى إبقاء المريض في الطوارئ حتى تأمين سرير ونقله إلى العناية المركزة، فتهجّم  ذوو المريض على الطبيبة وأثاروا جلبة في المستشفى، ما دعاها إلى إبلاغ الأمن، وعلى إثر ذلك تلقت ضربة في وجهها من قبل أحد المرافقين.

ووجّه نقيب الأطباء علي العبوس، وهو عميد متقاعد من القوات المسلحة الأردنية، انتقادات حادّة للحكومة ممثلة برئيسها ومختلف الوزارات المعنية بأمن وحماية الطبيب، بعد تعرض طبيبة للاعتداء في مستشفى الأمير حمزة.

وعبّر العبوس في منشورٍ له على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك، عن استيائه الشديد ممّا تعانيه الكوادر الطبّية في ظل ما وصفها بـ "الحكومة الرقمية والريادية".

وقال نقيب الأطباء، إن الاعتداء على الأطباء ظاهرة مجتمعية حكومية إعلامية بامتياز، والنقابة هي الأكثر ملامة وجهداً في هذا المضمار، مشيراً إلى أن "النقابة تقدمت بقوة بمشروع لمنع هذه الآفة المدمرة كاد أن ينجح، لولا التماطل في ظل الحكومة الرقمية والريادية".

وأوضح أنه تم الاتفاق مع الحكومة، أن تقوم قوات أمنية أو دركية بحماية المؤسسات الحكومية الصحّية، إلا أن الاتفاق توقف، مشيراً إلى أن "وزارة الداخلية التابعة لها هذه الكوادر قبلت أن تقدم الدعم اللوجستيكي والرواتب لأفراد هذه القوة، وكأنها تقدم خدمة لدولة أخرى وكأننا لا نعيش في بلد واحد، ويصرف علينا من ميزانية واحدة. طبعاً وزارة الصحة لا تستطيع تكلف ذلك فهي تشكو الفقر وغير قادرة على دفع حوافز لموظفيها".

وتابع العبوس سرد أسباب المشكلة بالقول: "تم طلب تفعيل الحق العام وهنا المفاجأة، فهذا الحق لا يفعل إلا إذا تأذت الممتلكات العامة، أي إذا كسر لوح زجاج أو تعطل جهاز، أما كسر أنف طبيب فلا يدخل ضمن الحق العام".

وأوضح أن هناك أموراً تخصّ الظروف التي يعمل بها الطبيب، تزيد من حجم الاعتداءات على الأطباء، ومنها الازدحام وفوضى الزيارات وكثرة المرافقين، وهذه مسؤولية الوزارة بامتياز.

وردّاً على نقيب الأطباء، استغرب مصدر في وزارة الداخلية تصريحات العبوس، المتعلقة بدور وزارة الداخلية في حماية الأطباء، ومنع الاعتداءات عليهم أثناء تأديتهم لأعمالهم في المستشفيات والمراكز الصحّية.

وقال المصدر في بيان صحافي، اليوم السبت، إن وزارة الداخلية تولي هذا الموضوع اهتماماً خاصاً وعناية فائقة، موضحاً أن الوزارة تعاملت مع حادثة الاعتداء التي وقعت مؤخراً على طبيب وطبيبة في مستشفى حمزة بمنتهى المسؤولية، إذ تم التواصل بين وزيري الداخلية والصحة على الفور منذ بداية الاعتداء، وتمت زيادة عدد الكوادر الأمنية والحراسات في المستشفى، ومتابعة القضية من قبل وزارة الداخلية والأمن العام حتى تم إلقاء القبض على المعتدي وإحالته للجهات المختصّة.

وقال المصدر أنه سيعقد اجتماعاً موسعاً في مبنى وزارة الداخلية، حال عودة وزير الصحة من الخارج، وبمشاركة جميع الجهات المختصة لمناقشة هذا الموضوع واتخاذ التدابير اللازمة للحدّ من الاعتداءات التي يتعرض لها الأطباء ومنعها.

وكتبت الجرّاحة المقيمة في مستشفى الأمير حمزة، الدكتورة روان سامي التي تعرّضت للاعتداء، رسالة مؤثرة عبر صفحتها على الفيسبوك، تحدثت فيها عن الحادث الذي تعرضت له من قبل مرافقي مرضى داخل المستشفى قبل يومين، مشيرة إلى أنه "تمت إهانتها بطريقة سيئة والاعتداء عليها نهار رمضان بدون أي وجه حق".

وقالت في رسالتها التي كتبتها بالعامية: "أنا مو معينة بالصحة ولا غيره أنا ما درست على حساب حد ولا اشتريت شهادتي. أنا تعبت وأنا بالطريق الصحراوي رايحة جاي عالجامعة سهر ليالي وتعب ودموع الله أعلم فيها، الله أعلم بابا كيف كان يوفر، كان يتعب ليخليني ما أحتاج اشي. أنا حياتي بين الكتب، الناس بتطلع تسهر تنبسط وأنا سهرانة بدرس، أنت صايم وبدك تروح تنام أنا صايمة وبداوم دوامي عادي ما نقص ولا ساعة ولازم بس أروح أدرس".

وأضافت روان: "أنا دخلت تخصص جراحة عامة مع العلم ندرة الطبيبات بهاد التخصص، لأخدم بنات بلدي بالتحديد الي بعانو من مشاكل جراحية محرجة مثل مشاكل الثدي أو الشرج، حتى ما تيجي بمراحل متأخرة مشان الخجل تكشف قدام طبيب ذكر".

وقالت الطبيبة المقيمة في مستشفى حمزة: "بتعرف شو يعني أدرس طب 7 سنين وأتخصص 5 سنين بدون راتب. أنا يا جماعة مو بمكان أدافع عن حالي، أنا طبيبة بشتغل بدون راتب اه بدون راتب، أنا تأمين ما عندي بالمستشفى إلي بشتغل في ولا بغيره، أنا بداوم كل يوم من الساعة 8-4 وكل 3 أيام بناوب لمدة 32 ساعة، آه 32 ساعة بعيد عن أهلي بدون راتب".

وأضافت: "أهلي ناس مسالمين وبسيطين، ليش أشوف دموع أبوي وأمي وندمهم أني درست طب وهم بتفرجوا على وجهي وهو وارم من الكدمة وبأنفي سداده مشان النزف (...) أنا قبل كل إنسانة، أنا أنثى قبل أكون طبيبة يا جماعة أنا بنت، أنا ممكن أكون أختك أو مرتك أو بنتك، أنا بنت انضربت بدون أي حق، أنا ما اعتديت على حد أنا تمت إهانتي بطريقة سيئة".

يشار إلى أن نقابة الأطباء سجلت 106 حالات اعتداء على أطباء منذ العام 2016 وحتى نهاية العام الماضي 2018، معظمها في مستشفيات وزارة الصحة.