عراقيون يبيتون أمام عيادات الأطباء وسماسرة يبيعون حجز المعاينات

عراقيون يبيتون أمام عيادات الأطباء وسماسرة يبيعون حجز المعاينات

11 مارس 2019
العراقيون لا يثقون بالعيادات الحكومية (صباح عرار/ فرانس برس)
+ الخط -


بسبب تناقص عدد الأطباء المحترفين في العراق بعد مغادرة الآلاف منهم البلاد، إثر الأوضاع الأمنية السيئة واستهدافهم المتكرر وفشل الحكومة في توفير البيئة المناسبة لهم، بات الوصول إلى طبيب محترف أمراً غير سهل على الإطلاق، لذلك يتكدس مئات المرضى يومياً عند أبواب العيادات أملاً في الحصول على المعاينة والاستشارة اللازمة.

وأخيرا، أظهرت صور نشرها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي عراقيين يفترشون الرصيف ليلاً عند عيادة أحد الجراحين البارزين في بغداد، آملين الحصول على دور لهم عند وصوله إلى العيادة.

وقال عضو نقابة أطباء بغداد الدكتور علي العاني، لـ"العربي الجديد"، "إن مشاهد طوابير المرضى وانتظارهم منذ الفجر أو الليل عند أبواب عيادات الأطباء البارزين، أو تلاعب الفراّش (السكرتير) بأدوار المرضى المنتظرين في العيادة، وأخذه رشى من المرضى لإدخالهم قبل غيرهم إلى الطبيب، تعتبر من أبرز معالم انهيار القطاع الصحي بالعراق".

وأضاف العاني: "لو كانت هناك مستشفيات محترمة وفيها أطباء خبراء لما اضطر الناس لهذا العذاب، ولو نجحت الدولة في توفير مكان محترم للطبيب المحترف بدلاً من ذهابه إلى الأردن أو تركيا لعاد إلى وطنه وبين أهله".

واعتبر أن "العراق بات بيئة طاردة للكفاءات وكثير من الأطباء الموجودين حاليا يعتبرون عملهم في العراق بمثابة مهمة أخلاقية، فغيابهم سيؤثر على الشريحة الفقيرة بالدرجة الأولى. لكن عددهم بات قليلا جدا، لذا تجد هذه الصفوف من المرضى تتكدس عند أبواب عياداتهم، بينما العيادات الاستشارية الحكومية فارغة كون الأطباء فيها شباناً، للتو تخرجوا في الجامعة وليس لديهم أي خبرة". 

  

ومع إشراق شمس الصباح كل يوم، ينهض المرضى باكرا ليحتشدوا أمام باب العيادة بانتظار السكرتير ومن ثم الطبيب. أوضح أبو حازم، وهو أحد المرضى، معاناته لـ"العربي الجديد"، قائلاً: "لم نحصل على حجوزات عبر الهاتف، اتصلنا بسكرتير الطبيب عدّة مرات، لكنّه أبلغنا أنّ لا حجز مسبقا مع الطبيب، سيكون الدخول للعيادة بحسب أسبقية الوصول".

وتابع: "ما يحدث هو عكس ما يدعيه السكرتير، نصل ليلاً ونبيت على الرصيف حتى الفجر، ونقف على باب العيادة قبل وصوله، لكن عندما ندخل إلى العيادة نتأخر كثيرا وأحيانا حتى المساء للدخول إلى الطبيب، إذ يدخل مراجعون كثر قبلنا والسكرتير يبرر بأنهم متأخرون من عدّة أيام".

ويعمل أغلب مرافقي الأطباء ومساعديه بسمسرة الحجوزات وبيعها للمرضى، حتى أنّهم يحصلون من خلال ذلك على مبالغ مالية كبيرة يومية. وقال أحد مرافقي الأطباء الذي رمز لاسمه (هـ. و)، لـ"العربي الجديد": "نتعامل مع المرضى يومياً، ونحصل من خلال تمرير المريض إلى الطبيب على مبلغ 20 أو 25 ألف دينار، ويصل المبلغ إلى نحو 250 ألف دينار في اليوم الواحد".

وأضاف: "مرتباتنا من الأطباء لا تكفينا من دون هذه التعاملات، فراتبي الشهري 250 ألف دينار فقط، فلم لا أتعامل مع المرضى، الذين أحصل منهم أحيانا في اليوم الواحد على أكثر من راتب شهري".

وهناك من يتهم بعض الأطباء العراقيين بالتعمد في عدم ترتيب حجوزات المرضى لديهم، في خطوة لتحقيق مكاسب إعلامية، حيث إنّ تكدس المرضى أمام عياداتهم يعتبرونه سمعة تخدمهم.

وقال عضو جمعية "أمل" لمحاربة السرطان في العراق، فلاح الطلب، لـ"العربي الجديد"، إنّ "بعض الأطباء يحاولون أن تكون مراجعاتهم فوضوية، ولا يريدون ترتيبها بأوقات وحجوزات ثابتة"، مبينا أنّ "حالة الفوضى يعتبرونها سمعة جيدة لهم، تؤشر على أنّ هذا الطبيب مشهور وله باع طويل بالطب، لذا يقصده كثير من المراجعين".

وأكد أنّه "لا يوجد قانون يحاسب الأطباء"، محملاً وزارة الصحة المسؤولية الكاملة عن ذلك، "كونها لم تتخذ أي إجراء لحماية المريض من سلطة الطبيب واستغلاله".

المساهمون