تراجع الإقبال على السجاد العراقي أمام غزو المنتوجات المستوردة

15 نوفمبر 2017
تواجه صناعة السجاد العراقي تحديات كبيرة(علي السعدي/ فرانس برس/Getty)
+ الخط -
مَرّ واحدٌ وتسعون عامًا على إنشاء أول معمل لإنتاج السجاد العراقي، ولم يشفع ذلك في المحافظة على مكانته عند المتبضعين مثل ذي قبل، بل صار يركن إلى جانب التراثيات في الأسواق المحلية ليأتي السجاد المستورد الذي يفضله الناس لمواكبته الحداثة لا الرصانة، مستغنين عن السجاد المحلي وإن كان ذا جودة عالية.


السيدة أم فاضل الأعظمي، (63 عامًا)، تقول لـ"العربي الجديد": "ما زلت أحتفظ بقطعتين من السجاد العراقي القديم وأرغب ألا يدخل أي نوع آخر من السجاد إلى منزلي، غير أن بناتي تأثرن بحداثة المنتوجات المستوردة وتنوع الألوان ورخص الأسعار، وهي الأسباب التي ساهمت بشكل كبير في تراجع الإقبال على السجاد العراقي، الذي يمكن أن يبقى 100 عام دون أن يتلف نسيجه، خاصة إن كان هناك من يحافظ عليه بالشكل الصحيح. لقد كان السجاد المصنوع محليا متفوقا على باقي الأنواع الأخرى، وغالبا ما كان يحصل على مراتب متقدمة في المعارض، التي كان يشارك بها العراق في الخارج قبل الغزو الأميركي عام 2003".


عبير العبيدي، (29 عامًا)، تعمل في متجر بيع الألبسة النسائية، تقول لـ"العربي الجديد": "أهتم كثيرا بالتراثيات والمحافظة عليها، أتذكر جيدا كيف أهدت جدتي لأبي سجادة قبل بضع سنوات وطلبت منه أن يبقى محافظا عليها وأن يعلقها في حائط غرفة الضيوف".


وتضيف "لم تكن كبيرة الحجم لكنها كانت صناعة عراقية مميزة. أحببت الأمر وطلبت من والدي أن أهتم بالحفاظ عليها من التلف وإدامتها. كان بيت جدي مليئاً بالسجاد العراقي، لكن منزلنا اليوم يختلف، كل غرفة نفرش أرضيتها من السجاد المستورد، بعضه تركي أو إيراني أو سوري وحتى بلغاري".




وبيّنت أنّ أعمال العنف المنتشرة والحروب والقتال المستمر في البلاد، أدت إلى إهمال الصناعات اليدوية وإغلاق المعامل، وأصبح استيرادها من البلدان الأخرى أكثر من صناعتها محليا، لذلك بات وجود هذا النوع من المفروشات العراقية نادر الوجود في الأسواق خاصة الصناعة اليدوية المتميزة. ليس هناك من يسأل عن السجاد الفولكلوري أو البابلي الذي يتميز بالنقوش الجميلة والتي تعكس حضارة بلادنا.


من جانبه، يقول التاجر في بيع السجاد المحلي والمستورد، أبو عمار (47 عامًا)، في حديثه مع "العربي الجديد": لم تكن هناك أنواع أخرى من السجاد في الأسواق غير السجاد العراقي وقليل من السجاد الإيراني والمناشئ الأخرى بشكل لا يكاد يذكر، عكس ما نراه الآن بضاعة مستوردة في كل شيء وليس هناك ما يشجع على بقاء الصناعة الوطنية او يحاول الحفاظ عليها من التلاشي.

تراجع إنتاج السجاد المحلي كثيرا (Getty)


وأضاف: "يعد السجاد العراقي من أجود الأنواع الموجودة في الأسواق وهو يضاهي السجاد الإيراني المعروف بجودته، غير أن سجادنا المحلي تراجع كثيرا في العقد الأخير بعد أن كان يحتل الأولوية في الشراء من قبل المتبضعين، ولهذا التراجع أسباب عدة أولها دخول السجاد المستورد ذي النوعيات التي تتراوح بين متوسطة ورديئة غير أن ألوانها زاهية وأسعارها مخفضة، وهذا ما يجعلها أكثر رواجا ومبيعا في الأسواق، مقارنة بالسجاد العراقي المتميز بجودة نوعياته وأسعاره المرتفعة مع السجاد التركي أو المستورد عموما، لكن ما تعانيه صناعة السجاد، من ارتفاع أسعار المواد الأولية من غزل وأصباغ جعله يتراجع قليلا من حيث النوعية مع أنه الأفضل.


وبين أبو عمار أن أسعار السجاد تختلف، هناك ما يصل سعرها إلى أكثر من مليون دينار، حوالى 800 دولار، بينما توجد بعض الأسعار المنخفضة التي تبدأ من 200 ألف دينار أو أقل من ذلك بحسب حجم السجاد وعلامتها التجارية، بغداد أو بابل أو غيرها من الأنواع ذات النوعيات الممتازة.

الجيل الحالي لا يعرف قيمة السجاد الأصيل (Getty)


ويؤكد على أن شراء السجاد العراقي بات محصوراً بمن يعرفون قيمته أو ممن يفضلون الحفاظ على اقتناء الصناعات الوطنية، وغالبا يكونون من أجيال الستينيات أو السبعينيات، فضلا عن رؤساء القبائل ممن يفضلون أن تكون مضافاتهم مفروشة بالسجاد العراقي، كذلك هناك بعض العوائل التي تفضل الحفاظ على التراثيات في منازلهم لذلك يبحثون عن السجاد العراقي القديم في المزادات والمحال المختصة في بيعه.


يذكر أن أول معامل الشركة العامة للصناعة الصوفية أنشئ عام 1926 برأسمال 100 ألف دينار عراقي آنذاك، وكان تابعا للقطاع الخاص باسم (فتاح باشا)، وتطورت الشركة حجما بعد تأميم الشركات الأهلية عام 1964 لتكون من الشركات الرائدة في إنتاج الأقمشة الصوفية والسجاد الميكانيكي والسجاد النافذ (كاربت). وتضم الشركة العامة للصناعات النسيجية والجلدية في الوقت الحالي 8 معامل تتوزع بين بغداد والناصرية، فيما يبلغ عدد العاملين فيها 4500 منتسب.

المساهمون