هل تبدد إعادة انتخاب أردوغان رئيساً لتركيا مخاوف اللاجئين السوريين؟

29 مايو 2023
3.7 ملايين سوري يعيشون في تركيا تحت الحماية الدولية (الأناضول)
+ الخط -

تراجعت مخاوف ملايين السوريين اللاجئين في تركيا بعد فوز الرئيس رجب طيب أردوغان بولاية رئاسية جديدة تمتد حتى عام 2028، إذ كان مرشح المعارضة كمال كلجدار أوغلو يهدد بترحيلهم قسراً، بيد أن تبدّل تعاطي أنقرة مع الملف السوري برمته يثير الهواجس لدى هؤلاء اللاجئين.

"عشنا حالة من الترقب أمس (الأحد) قبل الإعلان عن النتائج"، قالها عبد الله الأحمد، وهو لاجئ يقيم في مدينة الريحانية على الحدود بين تركيا وسورية، مضيفا في حديث لـ"العربي الجديد": "كانت لدينا مخاوف كبيرة من وصول المعارضة للسلطة، فبرنامجها السياسي مبني أساسا على ترحيلنا دون مراعاة الظروف السياسية والإنسانية لملايين اللاجئين الموجودين في تركيا منذ أعوام".

وذكر أن "الأمر وصل بأحزاب المعارضة إلى حد التهديد بسحب الجنسية التركية من السوريين الذين حصلوا عليها بعد لجوء دام لعدة سنوات".

وأكد الأحمد، القادم من ريف حمص الشمالي لاجئا إلى تركيا قبل نحو 10 سنوات، أن "فوز الرئيس (رجب طيب) أردوغان خفف حدة التوتر والخوف الذي نعيشه كسوريين في تركيا، لكن تبقى هناك أسئلة كثيرة، منها كيفية التعامل معنا خلال الفترة القادمة؟ وهل سيكون هناك ترحيل قسري أو طوعي أو تطبيع مع النظام السوري؟".

وكانت الحكومة التركية قد بدأت مسار تقارب مع النظام السوري قبيل الانتخابات التركية الأخيرة، للتعامل مع معضلة اللاجئين السوريين في تركيا، وهو ما فجّر مخاوف من إجبار بعض اللاجئين على العودة الى سورية وبالتالي يعرضهم لمخاطر جمة.

من جانبه، كشف عدنان العلي أن السوريين اللاجئين في مدينة أورفا، جنوبي تركيا، "يشعرون بالارتياح بعد فوز الرئيس أردوغان".

الصورة
(الأناضول)

وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد": "ننتظر تشكيل الحكومة، ونأمل أن تلغي الكثير من الإجراءات التي ضيّقت على السوريين، من قبيل إلغاء إذن السفر المفروض علينا بين الولايات التركية، وإلغاء حظر السكن في عدة أحياء في مدينة أورفا وبقية المدن التركية".

وأوضح العلي، الذي يتحدر من ريف الرقة واللاجئ منذ عام 2015، أنه "لا مخاوف من الترحيل القسري الآن"، ثم مضى قائلاً: "نريد الحصول على الجنسية التركية. أولادي ولدوا في تركيا، وهم الآن يتعلمون في مدارسها. وعدد كبير من السوريين في أورفا يريدون البقاء هنا".

صويلو: 230 ألفاً و998 لاجئاً سورياً أصبحوا مواطنين أتراكاً، بينهم 130 ألفاً و914 بلغوا سن الرشد

وبدأت موجات اللجوء إلى تركيا في أواخر عام 2011 مع اشتداد الحملة "الوحشية" من قبل النظام السوري على المناطق التي طالبت بالتغيير السياسي في البلاد. وكانت تركيا لا تفرض أي قيود أمام السوريين الراغبين بدخولها، وهو ما دفع ملايين السوريين للجوء إلى أراضيها.

وكان وزير الداخلية التركي سليمان صويلو قد كشف، العام الماضي، أن حوالي 3.7 ملايين سوري يعيشون في تركيا تحت الحماية الدولية، وأن أكثر من 700 ألف طفل سوري ولدوا في البلاد، لافتا في الوقت نفسه إلى أن 230 ألفاً و998 لاجئاً سورياً أصبحوا مواطنين أتراكاً، بينهم 130 ألفاً و914 بلغوا سن الرشد.

وتتصدر إسطبنول قائمة المدن التركية المستضيفة للاجئين السورين بأكثر من 530 ألفا، تليها غازي عنتاب بنحو 452 ألفاً، وفقاً لبيانات إدارة الهجرة التابعة لوزارة الداخلية التركية، كما يعيش السوريون بأعداد كثيفة في مدينة أورفا وريفها وفي محافظة هاتاي، وبأعداد أقل في مرسين وبورصة وإزمير وأنقرة وبقية المدن التركية.

وشرعت تركيا خلال العام الحالي في بناء وحدات سكنية في شمال سورية الخاضع لنفوذها، في خطوة تهدف إلى إعادة نحو مليون لاجئ سوري إلى هذا الشمال.

أبو إبراهيم لاجئ سوري يقيم في غازي عنتاب منذ عام 2018، ومن تلك المدينة قال لـ"العربي الجديد": "أنا ابن غوطة دمشق الشرقية كيف يمكن لي العودة مع أطفالي إلى مناطق في شمال سورية. ماذا أفعل هناك؟ أما البقاء في تركيا أو العودة إلى بيتي في الغوطة".

وأوضح المحلل السياسي التركي هشام جوناي، لـ"العربي الجديد"، أن "الشيء الوحيد الذي يتفق عليه الناخبون الأتراك هو إعادة اللاجئين إلى مناطقهم الأصلية، إما بشكل قسري كما كانت تقول المعارضة على مدى سنتين، أو طوعي كما تعد الحكومة وعلى مراحل".

وتابع جوناي: "الرئيس (رجب طيب اردوغان) تحدث بعد فوزه بالانتخابات، أمس الأحد، أن لديه خطة مع قطر لإنشاء وحدات سكنية في شمال سورية لإعادة اللاجئين إلى هناك"، ثم استدرك متسائلاً: "ولكن هل هذه الخطة ستحل مشكلة اللاجئين السوريين؟.. لماذا يعود اللاجئ من درعا أو من دمشق إلى مناطق تحددها له الحكومة التركية. هذه إشكالية كبيرة".

ونبه جوناي إلى أن إجبار اللاجئين السوريين على العودة "انتهاك لحقوق الانسان في اختيار المكان الذي يريد العيش فيه"، قبل أن يعتبر أن "من المبكر الحديث عن مشكلة اللاجئين، لأن أولوية الحكومة القادمة تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطن التركي".

قضايا وناس
التحديثات الحية

وتوقع أن "تطرح مشكلة اللاجئين خلال الاجتماعات القادمة للجنة الرباعية (تركيا، روسيا، إيران، والنظام)، لإقرار خطة مشتركة لإعادتهم".

 ودعا جوناي إلى "إعادة اللاجئين إلى المناطق التي جاؤوا منها وليس إلى مناطق أخرى في سورية".

ومضى قائلا: "برأيي، هناك محاولات من قبل الحكومة التركية لتغيير ديمغرافية الشمال السوري وخاصة في المناطق التي يشكل الكرد غالبية سكانها، من خلال إسكان لاجئين عرب سوريين تعلموا اللغة التركية وتشربوا الثقافة التركية"، واصفا ذلك بـ"انتهاك واضح لحقوق الإنسان".

المساهمون