مياه الشرب ناقصة في صيف المغرب المقبل

مياه الشرب ناقصة في صيف المغرب المقبل

18 ابريل 2024
كميات مياه شرب أقل لمناطق المغرب (عبد الحق سنّا/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- المغرب يعاني من تحديات مائية بسبب الجفاف المستمر للسنة السادسة، مما أدى إلى انخفاض مستويات المياه بالسدود إلى 26.55%، وقطع المياه عن مدن مثل مراكش وآسفي.
- السلطات اتخذت إجراءات لترشيد استهلاك المياه، بما في ذلك خفض الكميات الموزعة والاستعانة بصهاريج متنقلة، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على المياه واستعمالها بمسؤولية.
- استجابة للأزمة، يتجه المغرب نحو بناء وتوسيع محطات لتحلية مياه البحر في سبع مناطق، كجزء من برنامج لتأمين تزويد المواطنين بمياه الشرب وللسقي، معكساً جهود التكيف مع التحديات المائية.

يقلق شبح العطش كثيرين في المغرب، وزاده أخيراً قطع المياه الصالحة للشرب عن مدن ومناطق عدة، ما ينذر بأزمة كبيرة في فصل الصيف المقبل وسط ضعف مخزون المياه في السدود.
وانخفضت مستويات المياه في السدود في شكل خطير، بتأثير حال الجفاف التي تعيشها البلاد للسنة السادسة على التوالي. وأفادت معلومات رسمية بأن السدود ممتلئة بنسبة 26.55% من إجمالي سعتها، وتضم احتياطات تقدّر بـ4.2 مليارات متر مكعب، في وقت إن نسبة امتلائها كانت 34.8% العام الماضي، وضمت 5.6 مليارات متر مكعب من المياه. وفي 18 مارس/ آذار الماضي انقطعت مياه الشرب نحو 24 ساعة عن مدينة مراكش، قبل أن تعلن فرق الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء أن فرقها عالجت أضراراً تقنية تسببت في انقطاع مياه الشرب، وأعادت توزيعها على الأحياء المتأثرة.

وشهدت مدينة آسفي (غرب) انقطاعات متكرّرة لمياه الشرب استمرت ساعات طويلة يومياً في الأسابيع الماضية، وأيضاً ضعف توزيع المياه على أحياء أخرى خلال الأسابيع الماضية، ما أغضب المواطنين.
وفي فبراير/ شباط الماضي، انقطعت المياه عن عدة أحياء في مدينة سطات (وسط) نتيجة إجراءات اعتمدتها السلطات المحلية لترشيد الاستهلاك، بينها خفض الكميات الموزّعة أو حتى قطعها بالكامل أحياناً. واستعانت هذه السلطات لمحاولة حلّ المشكلة بصهاريج متنقلة وزعت المياه على مناطق عدة، والتي تناوب عليها السكان للتزود بالمادة الحيوية، ما شكّل وضعاً مستجداً لم يتخيله مغاربة كثيرون حتى عهد قريب.
ويعد المغرب من بين البلدان التي تواجه شحّا كبيراً في كميات مياه الشرب، وهو يقترب، بحسب البنك الدولي، بسرعة من الحدّ المطلق لندرة المياه البالغ 500 متر مكعب للفرد سنوياً. ووفق البنك الأفريقي للتنمية، يُعاني المغرب من جفاف للعام السادس على التوالي، وبات حقيقة يجب أن يتكيّف معها، ما يؤثر على كل نواحي النشاط الاقتصادي، سواء تعلق الأمر بالفلاحة أو الصناعة أو الخدمات أو السياحة.
ولفت البنك الأفريقي للتنمية، في مقال نشره في مارس الماضي بعنوان "الضغط المائي مصدر قلق كبير في المغرب"، إلى أن "الموارد المائية في المملكة تعاني من وضع صعب بسبب انخفاض مستويات المياه الجوفية، وضعف امتلاء السدود. وبات المواطن يستهلك أكثر بقليل من 600 متر مكعب من المياه سنوياً، أي ربع ما كان يستهلكه قبل أقل من 60 سنة.

الصورة
يقترب المغرب بسرعة من الحدّ المطلق لندرة المياه (فاضل سنّا/ فرانس برس)
يقترب المغرب بسرعة من الحدّ المطلق لندرة المياه (فاضل سنّا/ فرانس برس)

وبالنسبة إلى رئيس جمعية "بييزاج لحماية البيئة"، رشيد فاسح، ينذر ما عاشته مدن مغربية أخيراً بضرورة تغيير المواطنين والمؤسسات سلوكياتهم تجاه المادة الحيوية، بعدما تبين أن البلاد تعيش حالة جفاف حادّة جداً، وأن مواردها المائية تتناقص مقابل تزايد الطلب. وقال فاسح لـ"العربي الجديد" إن "تراجع الموارد المائية في منطقة الحوز يزيد الضغط على الدولة ومسؤولي القطاع للتعجيل في إنشاء محطة لتكرير مياه البحر في سبيل تزويد مدينتي مراكش وآسفي بمياه صالحة للشرب وأخرى تستخدم لأغراض الفلاحة، وأيضاً لاتخاذ تدابير تهدف إلى معالجة مشكلات الندرة وأخرى مستعجلة لضمان التزود بالمياه الصالحة للشرب استناداً إلى مخطط وطني. ولفت إلى أن الاحتفال باليوم العالمي للمياه في 22 مارس الماضي أظهر أزمة حادّة على صعيد بلوغ ذروة الإجهاد المائي في المغرب، ما يحتم تغيير المواطنين سلوكياتهم بحسب الظروف المناخية والجفاف التي يجب التكيّف معها لضمان التزود بالمياه حتى مرور مرحلة فصل الصيف والفترات الحرجة.
وكان وزير التجهيز والماء نزار البركة أكد، في مناسبة اليوم العالمي للمياه، أن الإجهاد المائي بات في مرحلة الخطر بسبب تفاقم ظاهرة ندرة المياه، ودعا جميع المواطنين، كل بحسب موقعه وعلاقته اليومية بالمياه، إلى العمل للحفاظ عليه، واستعماله بمسؤولية. وأوضح أن "الجفاف أضحى بنيوياً في المغرب، ما يتطلب تحسين التنسيق الجيد بين المؤسسات المعنية بالمياه، وتعزيز الإدارة الجيدة للقطاع، وأيضاً إجراءات التواصل في شأن قضايا المياه الخاصة بمختلف الفئات المستهدفة، وتوعيتها بضرورة الانخراط في تغيير سلوكيات استعمال المياه للحفاظ عليها واقتصادها".

وفي ظل الإجهاد المائي الذي يعيشه جرّاء توالي سنوات الجفاف، يتجه المغرب إلى اعتماد حلول جديدة لتأمين تزويد المواطنين بمياه الشرب بدلاً من الاعتماد في شكل كامل على مياه الأمطار المخزنة في السدود، ووضعت السلطات برامج لبناء وتوسيع عدة محطات لتحلية مياه البحر في مختلف مناطق المملكة. وتفيد وزارة التجهيز والمياه بأنها وضعت برنامجاً لإنجاز وتوسيع 10 محطات لتحلية مياه البحر في سبع مناطق، تمهيداً لاستثمارها في توفير مياه صالحة للشرب ومياه للسقي.

المساهمون