من المسؤول عن سوء توزيع اللاجئين السوريين في تركيا؟

من المسؤول عن سوء توزيع اللاجئين السوريين في تركيا؟

11 ابريل 2022
لاجئون سوريون في تركيا (دييغو كوبولو/Getty)
+ الخط -

يُحمّل الخبير القانوني السوري محروس فؤاد تركيا مسؤولية الخلل في توزيع اللاجئين السوريين على الولايات التركية، ما دفعها إلى منح بطاقات حماية مؤقتة بالمدن الكبرى، إلى جانب تقليص عدد السوريين في بعض الأحياء.

ويقول محروس لـ"العربي الجديد"، إنّ تركيا لو اعتمدت منذ عام 2011 التوزيع المنهجي للاجئين السوريين، لما وقعت في مأزق اليوم يدفع اللاجئون الذين اختاروا الإقامة ثمنه، ويضطر معه البلد المضيف إلى اتخاذ إجراءات وتدابير لتخفيف اكتظاظهم في مدن دون غيرها، كما أظهرت الخريطة الجديدة لتوزيعهم.

وأمس، الأحد، وزّعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين خريطة جديدة تظهر توزيع اللاجئين السوريين على الولايات التركية، وفقاً لآخر تحديث أجرته المنظمة الأممية.

وبينت الخريطة الجديدة، بحسب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، كثافة سوريين في بعض الولايات، وانخفاض عددهم في ولايات أخرى إلى أقل من 100 لاجئ.

ووفقاً للخريطة، فإنّ كلاً من إسطنبول وهاتاي وأنقرة وغازي عنتاب وشانلي أورفة من بين الولايات التي يقيم فيها معظم السوريين، حيث يبلغ عددهم فيها أكثر من 300 ألف شخص، بينما تستضيف كلّ من قونية وإزمير ومرسين وأضنة وبورصة وكلس ما بين 100 ألف و300 ألف سوري.

أما بالنسبة للولايات الأقل استقطاباً للاجئين السوريين، فكانت كل من ماردين وكهرمان مرعش وكوجه إيلي وقيصري من المدن متوسطة الاستضافة، حيث يقيم فيها ما بين 50 ألفاً و100 ألف سوري، في حين تستضيف ولايات ديار بكر وإيلازيغ وملاطية وأديامان وموغلا ومانيسا وسكاريا ما بين 10 آلاف و50 ألف سوري.

ويُشكّل اللاجئون السوريون في تركيا نسبة 4.45% من عدد السكان، حيث يبلغ عددهم 3 ملايين و672 ألفا و646 سورياً، يعيش مليون و414 ألفا منهم في المناطق الحدودية، مثل غازي عنتاب وهاتاي وأورفا وكلس، لكن إسطنبول هي الولاية المفضلة لدى السوريين، حيث يعيش فيها أكثر من 525 ألفاً و241 لاجئاً سورياً.

واضطرت تركيا، بحسب مدير الدعم المعنوي بولاية غازي عنتاب جلال ديمير، إلى إغلاق القيود ومنع التنقل إلى تلك الولايات التي تستضيف عددا كبيرا من السوريين، وعزت ذلك إلى تقليل المشاكل وتفادي أي آثار سلبية، خاصة بعدما فاق عدد الطلاب السوريين في بعض المدارس الطلاب الأتراك.

ويُبرّر ديمير، خلال تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، سبب إقبال السوريين على ولايات دون أخرى بقربها من الحدود السورية، كهاتاي وأورفا وعنتاب، وربما لأن فيها من يجيد اللغة العربية، فالسوريون حينما هربوا من ظلم وبطش نظام الأسد، كانوا يشعرون بالغربة والخوف ولا يجيدون اللغة التركية.

ووفق آخر إحصاء تركي لعدد السوريين بتركيا من حملة بطاقة الحماية المؤقتة (الكيملك)، بلغ عدد السوريين عام 2021 نحو ثلاثة ملايين و672 ألفاً و646 سورياً في 81 ولاية تركية، بزيادة بلغت نحو 31 ألفاً و276 شخصاً عن إحصائيات العام الماضي.

ويتمركز نحو ثلث اللاجئين السوريين في الولايات الجنوبية المحاذية لسورية. وتصدرت ولاية عنتاب المدن الجنوبية الأكثر استقطاباً للاجئين السوريين بواقع 449 ألفاً و667 شخصاً، تليها هاتاي بنحو 435 ألفاً و699 شخصاً، ثمّ شانلي أورفة بـ423 ألفاً و711 سورياً، وأخيراً كلّس الحدودية بنحو 105 آلاف شخص.

في حين احتلت ولاية إسطنبول المرتبة الأولى كأكثر الولايات تفضيلاً للعيش فيها من قبل السوريين، حيث يقطن في الولاية نحو 525 ألفاً و241 سورياً، أي ما يعادل نسبة 3.50 بالمائة من السكان  في الولاية.

لكن ولايات غوموشان، وإيجدير، وتونجالي، وآتفين وبايبورت، جاءت في آخر قائمة المدن تفضيلاً للعيش فيها من قبل اللاجئين السوريين والذين راوح عددهم فيها بين عشرين شخصاً على أقل تقدير ومائة شخص كأبعد تقدير.

ويعود سبب توزيع السوريين العشوائي بتركيا، بحسب ما يقول أستاذ علم الاجتماع رجب شان تورك، إلى أن أنقرة لم تتعاط مع اللاجئين السوريين على أنهم مقيمون دائمون، بل القصة كانت ببداياتها، فتح الحدود والبيوت والمخيمات لهم، لحمايتهم.

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

ويضيف متحدثاً لـ"العربي الجديد"، أن السوريين لجأوا إلى الولايات القريبة من الحدود في البداية، ربما لأملهم بالعودة السريعة لبلدهم أو بسبب العادات واللغة، ثم توزعوا حسب فرص العمل وإقامة معارفهم وأقاربهم، لذا لم تتدخل تركيا، لأنها تعي أن في ذلك تقليل للشعور بالغربة وراحة أكثر لهم.

ويعترف شان تورك بأن الطريقة التركية سلبية، إذ ساهمت في تركز اللاجئين السوريين في بعض الولايات، ما سبب مشاكل، لكنه يستدرك موضحا أن التجربة التركية أكثر نضوجاً وديمقراطية من التجربة الأوروبية، فهنا لم يتم التدخل بجغرافيا سكن السوريين أو تقديم الإغراء المالي للتوجه إلى دولة أو ولاية كما يحدث في الدول الأوروبية.

المساهمون